طابخ السمّ آكله
كتب عوني الكعكي:
اعتذر من جميع القراء الأعزاء على اضطراري لتأجيل مقالتي عن: كيف كانت جامعة بيروت العربية قبل د. عمر العدوي وكيف أصبحت… وسوف تُنشر الحلقة الثانية صباح يوم الثلاثاء بإذن الله… “عوني”
الدعوة التي وجهها دولة الرئيس نجيب ميقاتي لاجتماع مجلس الوزراء اليوم الاثنين، بعد ضرورات طبّية ومالية لا يمكن تأجيلها، وعلى سبيل المثال المستشفيات المهدّدة بالتوقف عن تقديم العلاج لمرضى غسيل الكلى، ذكرتني بالمثل القائل: «طابخ السمّ آكِلهُ».
لقد حاول الرئيس السابق وصهره المدلل حين كُلّف الرئيس سعدالدين الحريري بتشكيل الحكومة، نسف التكليف من أساسه فادعى عدم تجاوب الرئيس الحريري وعدم تقديمه تشكيلة بالأسماء والحقائب، ونعته بـ»الكذاب» ما دفع الرئيس الحريري الى إشهار لائحته أمام الاعلاميين لِيُعْرَف الكذاب من غيره.
يومذاك كان الرئيس السابق وبمؤازرة صهره يطبخ السم للرئيس الحريري. وقد نعت الرئيس نجيب ميقاتي بالامتناع عن تشكيل حكومة كاملة المواصفات… حتى انقضى عهده -عهد جهنم- الى غير رجعة، وها هو اليوم يأكل من السم الذي طبخه هو وصهره المدلل.
فماذا يعني معارضة دعوة الرئيس ميقاتي لاجتماع إنساني طارئ، فيه حياة أو موت لمرضى لبنانيين لا ذنب لهم في كل ما جرى؟ وماذا يعني كل هذا؟ أنترك المواطن يموت لأنّ «فخامته» ونزولاً عند رغبة صهره جبران، الذي كان هو في الحقيقة الرئيس الفعلي، وهو الذي رفض كل أشكال الحكومات التي عُرِضت عليه خلال خمسة أشهر حتى اضطر الرئيس ميقاتي في إحدى المرّات الى إشهار صورة أيضاً عن أسماء لائحته مع الوزارات التي عُهِدت إليهم.
و «الحجّة» الدائمة عند الرئيس السابق هي الميثاقية والدستورية واللافت انه لم يقل يوماً… أين عدم ميثاقية الحكومة التي عُرِضت عليه وأين عدم دستوريتها.
الحقيقة هي، ان ما قاله دولة رئيس الحكومة من ان القرار ليس عند «فخامتو» وإنّ القرار عند الصهر صحيح. وزاد دولته قائلاً عن موضوع التنصّت «ووتر غيت»، وهذا كلام واتهام خطير: لو كان هناك دولة لكان يجب أن يكون فخامة الرئيس السابق ليس في الڤيلا الجديدة التي بناها.. ولا نعلم من أين جاء بالأموال ليبني ڤيلا ضخمة في أغلى منطقة سكنية في لبنان؟ هل من مال الجيش عندما كان قائداً للجيش؟ أم من الأموال التي حصّلها كضرائب ورسوم يوم عيّـنه الرئيس أمين الجميّل رئيساً لحكومة عسكرية لتأمين انتخاب رئيس جديد، فاستقال منها الوزراء المسلمون وبقي حضرته والمسيحيون؟ وهنا عندنا سؤالان:
الأول: أين أموال الجباية؟ وهل هي التي وضعها في بنك ابو جودة وحوّلها الى حساب زوجته في فرنسا كما جاء في المستندات الرسمية التي نشرتها مجلة فرنسية متخصصة بالفضائح مع مستندات رسمية؟ وبالمناسبة لغاية اليوم لم يعلق على الموضوع والسكوت معناه القبول أو الرضى.
أما لماذا أبقى على حكومة غير ميثاقية ولا دستورية؟ فكيف يمكن أن تقوم حكومة بدون المسلمين الذين هم نصف أعضاء أي حكومة، فهل «فرفور ذنبه مغفور» يسمح له أن يكون في حكومة من لون واحد..؟ اما وجود حكومة مشكلة حسب الدستور أخذت الثقة من مجلس النواب، ولكن بما ان صهره لا يقبل بها فعلى جميع اللبنانيين أن يرفضوها.
وبالعودة الى الدعوة التي وجهها دولة الرئيس نجيب ميقاتي بسبب مرضى الكلى؟ فماذا عن الأدوية للأمراض المستعصية؟
كل هذا لعيون صهر الجنرال.
من ناحية ثانية، هناك بعض الوزراء الذين يريدون أن «يمسكوا واجباً» مع الذين عيّنهم نقول لهم إنّ مصلحة الوطن والمواطن أهم وأكبر من مصالح أشخاص، كذلك ما نفع الوقوف مع سلطة ذهبت بنا الى جهنم إلا إذا كانوا يرغبون بالذهاب هم الى جهنم والذي يتلكأ عن تلبية نداء الشعب سوف يذهب الى مزبلة التاريخ.
كذلك نريد أن نسأل الجميع سؤالاً بسيطاً جداً: هل يعلمون ماذا يجري في قضية الخلوي وقضية الانترنت؟ وكيف يتصوّرون حال الوطن والمواطن من دون انترنت؟
يا جماعة يا عالم يا «هو»، قضية اجتماع الحكومة قضية مصيرية فهي ليست لمصلحة طرف دون آخر، انها لمصلحة الوطن كل الوطن وكل مواطن مهما كانت انتماءاته.
والذي يظن ان الأمور «تمشي» هكذا، فهو إما حاقد وإما جاهل، وفي الحالين يجب أن لا يعيش لأنه ليس له مكان على وجه الأرض.
اما بالنسبة لكلام سيّد بكركي الذي نحترم ونجل فلا بد اننا نشعر معه كمواطنين صالحين، ونقول لسيّد بكركي إنّ شكواه في مكانها، ولكن المصيبة انها بسبب أولاده، فماذا نستطيع أن نفعل إذا كان إخواننا المسيحيون لا يتفقون مع بعضهم البعض، وكيف نضع الملامة على الآخرين؟
يا سيّد بكركي قُل لأولاد «رعيتك» إنهم عندما يتفقون فلا أحد يستطيع أن يرفض طلبهم، والدليل على ذلك موجود عام 1970 يوم انتخب الرئيس سليمان فرنجية بناء لاتفاق ثلاثي اي: كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل وريمون إدّه… يومذاك نجح الرئيس فرنجية بصوت واحد إذ نال 50 صوتاً والرئيس الياس سركيس 49 صوتاً.
في المرة الثانية ما حصل بعد انتظار عامين ونصف العام من دون رئيس لأنّ السيّد قال: «ميشال عون أو لا أحد».
في ذلك الوقت، وبعد مرور هذه المدّة الطويلة، جاء «اتفاق معراب» بين د. سمير جعجع وبين الرئيس السابق ميشال عون على أن يؤيّد د. سمير جعجع قائد «القوات اللبنانية» انتخاب ميشال عون رئيساً، وأن يتقاسم الفريقان: أي القوات والتيار الوطني المناصب الحكومية والنيابية مناصفة… لكن تاريخ ميشال عون في الاتفاقات أسوأ منه، فأخذ الرئاسة و»… على الباقي».