شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – استراحة النواب
الله يعطيهم العافية نوابنا الأشاوس الذين جدّوا وكدّوا، وتعبوا، وبذلوا جهوداً جبّارة، لانتخاب رئيسٍ للجمهورية… ولكن الحظ لم يلاقهم عند منعطف ساحة النجمة، بالرغم من أنهم تكبّدوا مشقة التوجه الى القاعة العامة عشر مرّات، ولكنهم لم يوفقوا في تحقيق هدفهم النبيل!
فقط عشر مرات عدّاً ونقداً؟!.
خسئتم أيها المسؤولون عن «غينيس بووك» للأرقام القياسية، خسئتم لأنكم تجاهلتم العرق الذي تقطر من جبين كل واحد من نوابنا الكرام، سيان بين مَن غاب وغُيَّب، ومَن حضر وأُحضِر، ومن بيّض ورقة الاقتراع مثل قلوبهم الناصعة والنقية ومَن سوّدها مثل نيات الناس السيئة التي تظنّ بهم شراً بكتابة اسم بعينه، أو أسماء وشعارات تتبدل وتزداد أو تنقص وفق تقلبات سوق سعر صرف الدولار وما تقتضيه الالعبانيات من تعديل هنا وتبديل هناك.
عيب على أركان كتاب غينيس للأرقام القياسية ألّا يتنبهوا لهذا النشاط الفريد من نوعه. والعيب الأكبر على اللبنانيين الذين لا يقدّرون هذه التضحيات الجسيمة والحِراكات العظيمة، فينظروا إليها بجدية بدل الهزء والسخرية!
فيا أيها المواطن اللبناني، حرام عليك ألّا تقدر هذا النشاط الفريد بين المجالس النياببة في العالم كله. فأين ستجد نواباً يحولون جلسة انتخاب رئيس البلاد الى سيرك للتهريج؟ وفي أي بلد من بلدان المعمورة قاطبة يملك نوابه هذه «الهرطقة» الأسطورية والقدرة الهائلة على تمييع الاستحقاق الأول والأهم الى مسرحية هي الأقرب الى البلاهة والتفاهة والرتابة وثقل الدم؟ وفي أي دولة أو دويلة في الزوايا الأربع من هذه القارات الست يكشف النواب عن القدرة الهائلة من هذه البلادة والبرودة أمام المشهد الساخن جداً: فراغاً وشغوراً، بؤساً وتعتيراً، ذلّا وفقراً؟!.
وبعد، فعلاً تعبوا. عافاهم الله ومنَّ عليهم بالراحة والطمأنينة قَدْرَ عطاءاتهم المشكورة وأفكارهم الفذّة الخلّاقة!
تعبوا واستحقوا هذه الراحة، ويستحقون الأكثر: أن يأتيهم «بابا نويل» بجعبة الهدايا، لأنهم فعلاً يستحقون تعويضاً عن المبادرات الاستثنائية التي قام بها معظمهم، وفي طليعتهم الثوار والتغييريون وسائر كاملي الأوصاف التي يستحقها قاطفو ثورة 17 تشرين المظفّرة التي ما إن استراح محاربوها الأشاوس حتى هبط المن والسلوى من السماء على اللبنانيين (أليس كذلك؟!.).
و … عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتّ يا عيدُ؟!