سليمان من البقاع الغربي: لانتخاب رئيس يحمي الوطن و«إعلان بعبدا» منع احتراب اللبنانيين في الخارج أو لأجل الخارج
أكد الرئيس العماد ميشال سليمان انه إذا «كان اتفاق الطائف قد أوقف حروب الآخرين على أرض لبنان، فإعلان بعبدا منع احتراب اللبنانيين في الخارج، داعيا الى انتخاب رئيس للجمهورية يحمي الوطن».
كلام سليمان جاء خلال مشاركته في ندوة حوارية حول الأوضاع السياسية الراهنة، بدعوة من «جمعية آفاق» مركز إنماء راشيا والبقاع الغربي في صالة أجينور – قدموس في مجمع الكاسكادا – المرج في البقاع الغربي، بحضور النائب وائل أبو فاعور وشخصيات، فقال: «منذ ثلاثة عقود وثلاثة أعوام، (33 سنة)، أوقف اتفاق الطائف حروب الآخرين على أرض لبنان الكبير الذي دخل مئويته الثانية. وعلى الرغم من الاستقرار النسبي الذي ساد وانعكس إيجابا على البلاد والعباد، لم تجد الطبقة السياسية في لبنان سبيلا إلى تنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها وثيقة الوفاق الوطني، ولا الآليات الدستورية التي رسمتها بل استفادت من الوصاية لتثبيت وجودها ومصالحها».
وتابع: «أما وقد شكّل هذا التعثر خشية من تصاعد الاضطرابات وتجدّد الحرب الأهلية، كان لا بد من الإتفاق على «إعلان بعبدا – 2012» وثيقة متكاملة مع دستور الطائف ومكمِّلة للميثاق الوطني 1943.
تضمن اتفاق الطائف الذي أصبح دستور البلاد 4 عناوين رئيسية وهي:
1- تحرير لبنان وبسط سيادة الدولة على أراضي الوطن كافة وحل الميليشيات وتعزيز القوى المسلحة.
2- إلغاء الطائفية السياسية مع الالتزام بميثاق العيش المشترك.
3- تأكيد عروبة الهوية والانتماء والالتزام بالمواثيق الدولية وأبرزها عدم الانحياز وحرية الشعوب في تقرير مصيرها.
4- إقرار إصلاحات متعددة وآليات تهدف إلى ضمان حسن تنفيذ الاستحقاقات الدستورية والإدارية».
وأردف: «من أجل تنفيذ مندرجات الطائف، عقدت خلال ولايتي الرئاسية (2008-2014) أكثر من 20 جلسة حوار برعاية الجامعة العربية طبقا لاتفاق القوى السياسية في الدوحة عشيّة انتخابي (أيار 2008) وكان الموضوع الرئيسي فيها تعزيز سلطات الدولة وإقرار استراتيجية وطنية للدفاع.
عقدت هذه الجلسات بحضور رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء الحاليين والسابقين وشخصيات، وحرصت على تشكيل هذه الهيئة وفقًا لتأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية المنصوص عنها في المادة 95 من الدستور».
وقال سليمان: «مع بدء التورط في الحرب الدائرة في سوريا عن طريق دعم الطرفين المتصارعين بالسلاح والرجال من بعض المناطق والطوائف وامتداد هذا التورط من قبل «حزب الله» الى الصراعات الاقليمية الأخرى، ومع تأسيس بعض الخلايا المسلحة في الخارج، ظهرت الحاجة للاتفاق على إطار سياسي شامل يسمح بتجاوز العقبات المتعددة ويهدف إلى تحصين وثيقة الوفاق الوطني.
هذه العقبات والعثرات تلخصت بما يلي:
1- استحالة إقرار استراتيجية دفاعية في ظل التباين الكبير بين أهداف «حزب الله» وإيران من جهة، وبين السياسة العامة للدولة المتمثلة بالمبادرة العربية للسلام وحل الدولتين من جهة أخرى، وبدلا من حل الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، نشأت ميليشيات جديدة وسرايا مسلحة تحت عنوان التحرير وصادرت قرار السلم والحرب واعتبرت التعاون بين الجيش والشعب والمقاومة معادلة في خدمة هذه الاخيرة وليس في خدمة الجيش وتعزيز حضور الدولة.
2- تصاعد نغمة الحفاظ على حقوق الطوائف والمطالبة باعتماد القوانين الانتخابية ذات الطابع المذهبي، بدلا من العمل على تحضير الأرضية اللازمة لإلغاء قاعدة التمثيل الطائفي ضمن دوائر المحافظات، كما استنباط بدع دستورية واجتهادات أفرغت الطائف والدستور من معناه ومن جدواه.
3- تثبيت مذاهب المواقع الوظيفية والوزارية بالارتكاز على المحاصصة بدلا من الاعتماد على الاختصاص والكفاءة والمداورة، والامتناع عن تحقيق استقلالية السلطة القضائية.
4- العودة إلى المجاهرة بالفيدرالية أو باعتماد اللامركزية المالية بدلا من الذهاب إلى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، مقابل تصريحات متعددة واضحة تعتبر لبنان واقعا تحت النفوذ الإيراني وواجهة متقدمة لمخطط المواجهة الإيرانية نظراً إلى ارتباط «حزب الله» تنظيمياً ولوجستياً وعقائدياً ومالياً بإيران، ومجاهرة قيادته بهذا الانتماء.
5- بروز ممارسات تهدد هوية لبنان وتضعه في عزلة دولية غير مسبوقة، الأمر الذي أثار مخاوف وقلق الناس ومعظم القوى الممثلة للطوائف والمذاهب، وبالتالي الإحجام عن تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والتمسك بالمناصفة على كل المستويات».
وتابع الرئيس سليمان: «هذه العثرات والعقبات والمخاوف بالإضافة الى الحريق الذي شبّ في الدول المجاورة لنا وبخاصة في سوريا، رسّخت القناعة لديّ وبالتشاور مع اللجنة التحضيرية للحوار التي شكّلتها في مطلع ولايتي الرئاسية، أنه لا غنى عن إطار سياسي واسع لاستكمال تطبيق الطائف وإقرار استراتيجية دفاعية وتجنيب لبنان انعكاسات الربيع العربي – الدموي، فدعوت إلى جلسة بتاريخ 11/06/2012 بعد انقطاع طويل وبعد جولة على الدول العربية، فكان «إعلان بعبدا» الذي أقرّ بإجماع الحاضرين ونال تأييد القوات اللبنانية الذي غاب رئيسها عن الجلسة.
وتنفيذا لرغبة أعضاء هيئة الحوار الوطني تم العمل على اعتماد هذا الإعلان وثيقة رسمية لدى مجلس الأمن الدولي ولدى الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، كما اعتبرته بعض الدول الصديقة (فرنسا) مرجعية Reference تستند إليها في علاقاتها السياسية مع لبنان وفي المحافل الدولية».
وتابع : «وفي إطار تأييدها ودعمها لـ«إعلان بعبدا»، نشطت الأمم المتحدة لإقرار وإطلاق مجموعة الدعم الدولية للبنان ISG من مجلس الأمن، بغية توفير الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، وقدمت المملكة العربية السعودية تلبيةً لرغبتي، هبة غير مسبوقة للجيش اللبناني مقدارها 3 مليارات دولار، لكن للأسف توقف الحوار وتنكّر «حزب الله» لالتزامه في «إعلان بعبدا» وتوغل في الحرب السورية رافضاً التحييد عن صراعات المحاور ما عدا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، في حين قبل بهذا التحييد مع العدو الاسرائيلي من خلال الترسيم البحري الذي تم التوافق والسعي إليه نهاية العام الماضي. هكذا ايضاً تعثرت المسيرة الإصلاحية وكما عمد فريق سياسي (8 آذار) الى تعطيل انتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة سنتين ونصف السنة بعد نهاية ولايتي نرى اليوم نفس الفريق يكرر نهج التعطيل بغية التوصل الى انتخاب الرئيس الذي يدعم سياسته ويغض الطرف عن سلاحه وعن تدخله في الخارج. وقد أدّى قطع رأس الدولة (الشغور الرئاسي) إلى دخول «داعش» إلى جرود عرسال وخطف عسكريين وذبحهم، كما أدّت فترات الشغور الرئاسية و(أو) الاضطرابات التي سبقت أو تلت معظم الولايات الرئاسية الماضية، الى أحداث دموية ومشينة وصل بعضها الى حرب اهلية هدد صيغة العيش المشترك».
وختم الرئيس سليمان: «إذا كان اتفاق الطائف قد أوقف حروب الآخرين على أرض لبنان، فقد هدف «إعلان بعبدا» ببنوده كافة الى منع احتراب اللبنانيين في الخارج أو لأجل الخارج، لا سيما بند التحييد، الذي يشكِّل الممر الالزامي إلى استكمال تطبيق الطائف، مثله مثل إقرار الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق سائر البنود التي أسلفنا ذكرها، وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية لوضع خطة مرحلية لتنفيذ المادة 95 من الدستور، بعد طمأنة الحريصين على هوية لبنان، وفي هذه المناسبة ندعو الى انتخاب رئيس يحمي الوطن من الطعن اكان في الصدر او في الظهر، وفي هذا حماية للجميع، للمواطنين والاحزاب اللبنانية وحماية للمقاومة التي يجب ان تبادر الى تسليم الجيش سلاحها وقدراتها، كي تحفظ انجازاتها على مدى التاريخ ولا تستهلكها في الزواريب الداخلية».
ثم تحدث النائب أبو فاعور فقال: «هذا الشعار الذي أطلقته فخامتكم في إعلان بعبدا يكاد يكون هو المخرج من كل الأزمات في علاقاتنا الداخلية والخارجية، بأن نكفَّ عن حشر أنفسنا في ما ليس لنا فيه».
وختم أبو فاعور: «فخامة الرئيس، في السلطة يقال أنَّها تستمد من الموقع ولكن أحيانا تستمد من الموقف وأنتم في موقفكم الوطني، العروبي، السيادي والاستقلالي تستمدون سلطةً لا ترتبط بأي موقع، ونحن نرى ان لغتكم السياسية هي أفضل ما يمكن أن نستمع إليه وأن نتناقش به».