شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – من الصين مع التحية
إن توصّل المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية الى اتفاق تطبيع العلاقات الديبلوماسية بينهما، ومن الصين بالذات، يتخذ بعداً رمزياً كبيراً، لا سيما بالنسبة الى المملكة التي تنحو قيادتها الشابة الى التأكيد، كل يوم تقريباً، على أنها صاحبة قرارها، وأن مرحلة الغلوّ الأميركي في الجبروت التي مارسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد سقطت سقوطاً مدوياً.
والرمزية ليست فقط في أن هذا التفاهم بين الرياض وطهران قد أُنجِز فيما لا يزال الاتفاق النووي بينهما يراوح في التردد، إنما خصوصاً في إعلان التفاهم – الحدَث ، من الصين تحديداً التي تنشب بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية حرب ضروس اقتصادية، وفي خلفيتها كلام كبير حول حرب عسكرية تنطلق من الخلافات الحادة بين البلدين على النفوذ في الشرق الأقصى وبالذات على الموقف من جزيرة تايوان التي تعترف بها واشنطن دولة كاملة السيادة، بينما تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ منها وتعمل على إعادتها الى أفياء سيادتها.
وفي وقت تتوالى انطباعات الأطراف اللبنانية والتعليقات على «تفاهم الصين» ومدى انعكاسه على الداخل اللبناني وبالذات على الاستحقاق الرئاسي، نريد أن نتجاوز ذلك الى نقطة مركزية، وهي الآتية: إن المملكة العربية السعودية تنفتح على الصين من دون أن تأخذ الموقف الأميركي في الاعتبار، ولا حتى بالالتفات اليه، بينما المسؤولون، عندنا، يستجدون رضى أميركا بالرغم مما تمارسه من ضغوط على لبنان ليس أقلَّها حرماننا من استجرار الغاز المصري والتيار الكهربائي من الأردن بالتلطي وراء قانون قيصر المجحف والذي يدفع لبنان جرّاءه الكثير(…).
وفي سياق مماثل، وبعيداً عن الغرق في المتاهات السياسية، يجب النظر الى ما توافق عليه الجانبان السعودي والايراني على أنه خطوة بالغة الأهمية في مسار الاستقرار في المنطقة، ما يؤمل أن ينعكس إيجاباً على لبنان، وبالذات على التمهيد لإجراء الاستحقاق الرئاسي عندنا، من حيث التوصل الى انتخاب رئيس يستطيع أن يمارس دور الحَكَم بين الأطراف كافة، وأن يتراجع منسوب التحدي من هنا وهناك، أقله كي يتمكن اللبنانيون المغلوبون على أمرهم من أن يتنفسوا الصعداء في هذا الاختناق السياسي والمالي والاقتصادي الذي يُنذر بتداعيات أمنية بدأت تذرّ بقرنها بقوة.