شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – 136/137
لم يصدّق اللبنانيون ما ورد في تقرير «مؤشر السعادة العالمية» حول التصنيف السنوي للسعادة في بلدان العالم الذي يصدر بإشراف الأمم المتحدة، والذي صنف لبنان في المرتبة ما قبل الأخيرة (136 على 137)، واعتبروه منحازاً الى الطبقة السياسية العفنة التي تتحكم برقابهم، لأنهم لا يصدقون أن هناك شعباً بائساً يائساً معدوم السعادة أكثر منهم، حتى ولو كان هذا الشعب في أفغانستان بالذات!
أمّا نحن، على صعيد شخصي، فنخالف شعبنا اللبناني رأيه، وأيضاً نذهب الى معارضة التقرير لنقول إن السعادة، ما شاء الله، تفيض عندنا وتشرشر في البيوت وعلى الطرقات وفي الزواريب أيضاً.
فهل من العبث أن عندنا المئات من «أصحاب السعادة» في كل مجلس وإدارة، وعلى كل كوع ومنعطف؟!.
عندنا أصحاب السعادة النواب الحاليون وكذلك ممن سبقوهم الى ساحة النجمة، النواب السابقون الذين يرافقهم طيف السعادة حتى الممات، ومن حسن حظوظهم أن لقب «صاحب السعادة» يستوطن في بيوتهم قدْرَ ما يورثونه الى الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد. ذلك أن «سيّد نفسه» اعتاد أن يستقبل بفرح يصل الى حد النشوة مَن يطيب لنا أن نسميهم أصحاب سعادة «التوريث بالانتخاب»!.
وماذا عن أصحاب السعادة المدراء العامّون في إدارات الدولة العلية المهيوبة التي لا تعمل… وهؤلاء السعيدون هم أيضاً ترافقهم السعادة الى ما بعد التقاعد، والى أن يغادروا هذه الفانية، وأعدادهم بالآلاف منذ أن انبثق الفجر السعيد منذ ما قبل الاستقلال الذي انتحر من شدّة السعادة فلم يعد موجوداً إلا بالاسم… ويكاد لا يُذكر منزل في لبنان لم يحطّ بين جدرانه غير واحد من أصحاب السعادة.
ويأتيكم طيف السعادة على أجنحة الفرح والسرور وحتى الابتهاج لدى رؤساء مجالس الإدارة الذين، هم أيضاً وأيضاً، بات عديدهم بالآلاف، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
ثم يهلّ علينا هلال السعادة من أصحابها المحافظين والقائممقامين، الذين يفترشون السعادة بساطاً يطير بهم في أجواء المناطق السعيدة جداً في مختلف مناطق جمهورية لبنان السعيدة.
وبعد، ألا يوافقني القارىء الرأي أن «مؤشر السعادة العالمية»، قد أخطأ كثيراً في تقريره السنوي، فكيف يكون في بلد صغير مثل لبنان هذا الكم الهائل المستدام والتراكمي (أبّاً عن جد وجداً عن الأب والجد) ويكون شعبه جائعاً وتحت خط الفقر بخطوط؟!.