توحيد محور المقاومة والممانعة.. يُدَمّر أو يُعَمّر؟!
كتب عوني الكعكي:
بالأمس القريب قامت مجموعة فلسطينية تابعة لمحور المقاومة والممانعة بإطلاق صواريخ من جنوب لبنان -من منطقة تابعة للحزب العظيم- على إسرائيل، وصدر بلاغ عسكري إسرائيلي يتهم المجموعة بإطلاق الصواريخ ويحمّلها المسؤولية.. كما أفاد البلاغ ان القبّة الحديدية تصدّت للصواريخ وأسقطتها.
اللافت ان التوقيت الذي حصل فيه إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان اعتبرته جبهة ما يسمّى بالمقاومة والممانعة دليلاً على لحمة محور المقاومة والممانعة من طهران الى بغداد الى دمشق الى فلسطين الى غزة وإلى لبنان.
هنا لا بد من التوقف عند هذه النقطة وهي توحيد جبهة المقاومة… والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الفائدة أو الفوائد من هذا المحور؟
الجواب: أولاً لو نظرنا الى الدول التي تشكل محور الممانعة والمقاومة كيف كانت قبل دخولها في المحور وكيف أصبحت لتبيّـن لنا بكل بساطة وسهولة وباختصار شديد ان دول الممانعة والمقاومة كانت دولاً غنية، تعيش شعوبها في بحبوحة، وكانت كل دولة من تلك الدول تتميّز بشيء، فمثلاً العراق البلد النفطي والذي يملك نهرين، كان قبل دخول القوات الاميركية واحتلال العراق من أهم وأغنى الدول في منطقة الشرق الأوسط.
أما سوريا، فعندما توفي الرئيس حافظ الأسد عام 2000 كانت دولة ناجحة وليس عليها أي دولار ديناً، أما عندما أدْخَل الرئيس بشار سوريا في محور المقاومة والممانعة وأصبح تابعاً لإيران -وهذه هي النقطة الأهم- تبدلت الأحوال لأنه وفي أيام الرئيس حافظ الأسد كانت سوريا تملك كلّ القرارات، وهي التي كانت تحكم الحزب سياسياً، أما الدور الايراني فكان دور المموّل فقط، لأنّ هناك عدّة حوادث حصلت أيام الرئيس حافظ الأسد منها: مدرسة البسطة، والحادث الثاني جسر المطار، وهناك الكثير الكثير من التباينات بين الحزب وسوريا، ويكفي انه عندما طلب السيّد حسن نصرالله موعداً مع الرئيس حافظ الأسد بقي ينتظر أربعة أشهر ليتحدّد الموعد. والأهم انه عندما وصل السيّد حسن الى القصر الرئاسي بقي 4 ساعات في انتظار لقاء الرئيس الأسد في مكتب «ابو سليم» مدير مكتب الرئيس.
أما مع مجيء الرئيس بشار فتغيّرت الأمور، وأصبحت سوريا دولة تابعة لإيران عكس ما كانت عليه أيام الرئيس حافظ… فقد كانت شريكة.. وهذا الذي قضى على سوريا اليوم، إذ يكفي ان ننظر إليها اليوم لنرى كيف صارت مقسّمة: الى المنطقة التابعة لأميركا، وهي الغنية بالنفط والزراعة.. وسوريا التابعة لتركيا وفيها 4 ملايين سوري نزحوا الى تركيا.
لقد باتت سوريا غير موحّدة، والنظام يسيطر بالقوة وبمساعدة حزب الله والحرس الثوري الايراني والميليشيات الشيعية المتطرفة العراقية على جزء من سوريا، وطبعاً أصبح بشار الأسد تابعاً لإيران ولحزب الله كلياً، ولم تعد له أي كلمة في سوريا.. والأنكى ان في لبنان زال نفوذها، إذ كانوا يقولون إنّ سوريا تحكم لبنان، اما في عهد بشار الأسد فلم يعد لسوريا أي تأثير في لبنان إلاّ من خلال حزب الله.
سوريا اليوم بحاجة الى 1000 مليار… نعم ألف مليار دولار لتعود كما كانت عام 2000.. فمَن سيموّل هذا المشروع؟
هل سيموّله محور المقاومة والممانعة بعد توحيده؟ أم ان هناك من ينتظر المملكة العربية السعودية؟ تلك الدولة التي يعتبرها المحور المذكور دولة تابعة للمعسكر الصهيوني، حتى تساهم في التمويل.
بالعودة الى ما جرى بالأمس في جنوب لبنان، لا بدّ من القول إنّ 54 سنة مرّت على توقيع «اتفاق القاهرة» عام 1969، والذي سمح بإقامة دولة فلسطينية ضمن الدولة اللبنانية، لا بد وأن تكون هذه المدّة كافية للتذكير بما قدّمه اللبنانيون من تضحيات بالأرواح والأموال. وهذا ما يدعو السياسيين اللبنانيين اليوم الى الوحدة، والمطالبة بإلغاء كل مفاعيل أو تداعيات «اتفاق القاهرة» الملغى… وأن يكون القرار بيد الجيش اللبناني وحده وبمؤازرة القوى الأمنية اللبنانية الرسمية كافة، شرط الاحتفاظ بعروبة لبنان.
وغداً سنتحدّث إن شاء الله عن المآسي التي خَلّفتها المقاومة الفلسطينية في لبنان… لنكمل بعدها ما جرى ويجري في العراق وسوريا واليمن.