شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «هذا أمر محزن»
لافتاً كان الكلام الذي نقله الزميل الأستاذ نقولا ناصيف عن الرئيس نبيه بري: «إن الخارج لا الداخل هو الذي يشتغل بالرئاسة كأنه وحده يصنعها»، ثم يضيف واصفاً هذا الأمر بأنه «محزن».
بدورنا نود أن نقول إنه، فعلاً، محزن جدّاً. ونود، بداهة، أن نوضح أننا لا نوجّه أي لوم أو عتب، وبالطبع لا ننتقد الأطراف الخارجية التي تتعامل مع الاستحقاق الرئاسي اللبناني كأنه شأن داخلي في كلٍّ منها. فقط نلوم «الجماعة السياسية»، عندنا، التي أفسحت في المجال أمام الخارج ليصل «شغله» في هذا الاستحقاق السيادي اللبناني الى هذه الحال الفاقعة من التدخل في شؤوننا الداخلية.
لسنا طوباويين الى حد أن نغفل عن أن مفهوم السيادة الوطنية لم يعد في هذا الزمن مسألةً أساساً كما كان قبل عقود (والشرح يطول ويتشعب في هذا المجال، والأمثلة عليه لا تُـحصى ولا تُعَدّ، ولا تُقتَصَر على الدول الصغرى)، ولكنه بلغ عندنا شأواً مروِّعاً، لاسيما وأن الأقوام في بلدنا المغلوب على أمره، تتشدّق بالسيادة ليلاً نهاراً.
وعليه، نحن نعرف أن التدخل الخارجي في الاستحقاق الرئاسي في هذا الوطن المنكوب ليس جديداً، ولكنْ ثمة حدودٌ دنيا من الكرامة الوطنية كانت تحفظ بعضاً من مياه الوجوه. أما اليوم فالمسألة «عالمكشوف». فهل هو قليلٌ أن يقف الجميع تائهين حائرين في انتظار أن تأتي «التعليمة» من الخارج، سيّان أكان هذا الخارج فردياً أم ثنائياً أم «خماسياً»؟!.
وهل يعقل أن يُستدعى مرشحون وسياسيون و «باش بزق» أيضاً، الى العواصم من أجل استفسارهم وإبلاغ التعليمات إليهم، ولا نقول الأوامر؟!.
وهل يُقبل أن يخضع المرشحون الى الاستجواب من موظفين ومستشارين في دولةٍ ما، لينقلَ هؤلاء الأجوبة الى موظفين ومستشارين في دولة أخرى، وعلى القوم عندنا الانتظار لمعرفة موقف الخارج؟!.
إن هذه الحال الموجعة تثير فينا الكثير من القلق، بل والخوف جرّاء ما أوصلتنا إليه هذه الطبقة الهجينة والطاقم السياسي المتحكمان بنا… وما قلناه أعلاه ليس سوى القليل مما نشعر به وما يتفاعل في وجداننا والقلب. ربّـما لأن في الفم كثيراً من الماء.
وبعد، وأخيراً وليس آخراً، هذا ليس الزمن اللبناني الرديء وحسب، اذ هو زمن الرداءة والرِدّة أيضاً.