شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الشهابية والشمعونية
لفتتني في مقال الصحافي الكبير الزميل سمير عطالله الرائع، أمس الأربعاء في «النهار» عن الرئيس الراحل الأمير اللواء فؤاد شهاب، الفقرة التي تحدث فيها عن تبديل الأسماء «المهينة» لقرى تُحرج سكانها بأسماء جديدة (على سبيل المثال قرية «اسطبل» صار اسمها «عين المير»). وعادت بي الذاكرة الى مقال كتبه، في تلك الحقبة، الصحافي الساخر المبدع المرحوم مارك رياشي (في صفحة «النهار» الأولى كذلك) تعقيباً على إقرار مجلس النواب قانوناً يبدل فيه اسم قرية «طارزبا» باسم الشهابية، فقال بأسلوبه المحبّب: «نحن شهابيون من دون أن يطير من جسمنا أي جزء».
ليس من باب المصادفة التوافق بين الأطياف كافة على التذكير بعهدَين استثنائيين تواليا تباعاً على حكم لبنان، العهد الشهابي والعهد الشمعوني، وبالرغم من أن عهد الرئيس كميل نمر شمعون، وهو كان يؤثر اسمَه ثلاثياً، انتهى بأحداث بالغة الخطورة جرًاء التطورات في الإقليم وأبرزها قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا برئاسة جمال عبد الناصر، فإنه لا يزال مضربَ مثلٍ في النماء والازدهار والبحبوحة والسيادة الوطنية. وأما العهد الشهابي فبقي قدوة في إنشاء دولة المؤسسات وتوفير الاستقرار والطمأنينة، بالرغم (وربما بفضل) الدور الكبير الذي تولته مخابرات الجيش التي كان اسمها «الشعبة الثانية» التي أدّى تسريح أركانها في عهد الرئيس شارل حلو، بضغط من الرئيس صائب سلام والعميد ريمون اده، الى بداية الانهيار الكبير الذي بلغ ذروته لاحقاً مع إسقاط صلاحيات رئيس الجمهورية، حتى اليوم. لذلك نرى أنه من الظلم إجراء مقارنات بين العهود المتعاقبة بسبب المتحوّلات الكبيرة… أما الجماعة السياسية اليوم فليس لها مثيل في بلدان العالم كله، بما فيها دول العالم الثالث… عشر، لما تتمتع به من «مزايا» الفساد والارتكابات والسطو على المال العام، وإيصال اللبنانيين الى التحت «الذي لم يعد تحته تحت»، رحم الله رشدي المعلوف.