أغاني النجوم بين المنفعة التجارية والـ «ترند».. البقاء للأذكى
يعكس المشهد الفنّي اليوم تغليب بعض الفنّانين المنفعة التجارية في إختياراتهم الغنائية على قناعاتهم وما يليق بمسيرتهم، والسبب هو مواكبة السوق لتحقيق الإستمرارية وركوب الـ«ترند». وبذريعة موّال إرضاء أذواق الجمهور، يقولون إنّه لا بدّ لهم من مجاراة التغيّر والتطوّر وإعتماد التنوّع، لأنّ البقاء هو للأذكى بينهم. طرحنا هذا السؤال على عدد من النجوم: ما هي المصاعب التي يواجهها الفنّان في إختياراته الغنائية؟ وهل مراعاة ذوق الجمهور تتناغم مع مزاجيّته، أو هو ملزم بمجاراة السوق؟ وأكدّت الردود أنّ رصد الألوان الغنائية الرائجة هو خطأ، لأنّ مجاراة الموضة بشكل أعمى قد لا تليق بأصواتهم، ويتوجّب عليهم بدلاً من ذلك حسن إختيار المضمون والكلمات والألحان، باعتبار أنّ مواكبة البعض لما هو رائج وسريع الزوال، هو في الحقيقة ضعف شخصية وإنتحار فنّي.
*وسام الأمير: هي ليست مصاعب يواجهها الفنّان، وإنما حيرة بسبب تلقّيه الكثير من العروض لسماع أغنيات جديدة، فيشعر بالضياع ولا يعرف كيف يختار أغنية. أيضاً يريد الفنّان أن يراعي ذوق الجمهور ويجاري السوق، وهذا الأمر أعتبره خطأ، بدليل أنّنا نلاحظ أنّ عدد الأغاني الضاربة التي تحقّق الإستمرارية أصبح قليلاً. وفي الواقع الفنّان لا يملك الثقة بأنّه سيكون «ترند»، ولذلك يرصد أيّ نوع من الألوان الغنائية رائجة، وموضة السوق، ويعتمد ما هو رائج، وهذا أيضاً خطأ. وبطبيعة الحال ولا أيّ فنان يختار لوناً غنائياً ويثبت عليه، وإنما يجاري الموضة مع أنّها في أحيان كثيرة لا تليق بصوته، وهذا إسمه ضعف شخصية.
*حنين أبو شقرا: المرحلة الأصعب هي إختيار كلمات ولحن، وما يرافق ذلك من الأسئلة الكثيرة التي يطرحها الفنّان على نفسه: هل الأغنية ذات قيمة وتليق بي؟ وهل ستعجب الناس؟ وأنا مع أخذ مزاج الجمهور في الإعتبار، ومجاراة السوق، إنما في حدود عدم المسّ بالمستوى الفنّي. كما أنّني لست مع أن يغيّر الفنان أسلوبه (ستايل) فقط لمجاراة السوق، إلا إذا قرّر هو ورغب في ذلك. أما الصعوبة الثانية فهي الإنتاج، وقدرة التوصّل إلى توجّه مشترك مع شركة الإنتاج.
*ألين لحود: الموضوع نسبي، ولكن الفنّانون الذوّاقون في الفن، ربما يستصعبون إمكانية غناء ما يرضيهم من دون الأخذ في الإعتبار موضة السوق. وفي أحيان كثيرة تتباين الآراء بين ما يروق للفنان وبين متطلّبات السوق، ولكن إذا إستطاع الفنّان أن يوفّق بين الإثنين، ويقدّم ما يتماشى مع العصر، وفي الوقت نفسه يحرص على حسن إختيار المضمون والكلمات والألحان، هذا الأمر يكون رائعاً لأنّه يصيب الهدف. وبالتالي لا أستطيع التعميم في كلامي حول المعاناة، لأنّ كلّ فنّان يتعامل معها بطريقة نسبية. وأنا شخصياً لأنّني أغنّي اللونين الغربي والشرقي، ربما أطمح لتقديم أعمال من نوع الفرانكو-أراب، ولكنّني أتأنّى في إتخاذ هذا القرار، إذ من جانب هناك مغنّو فن الراي الذين لديهم هويتهم الفنية الخاصة، ومن جانب آخر هناك فنانون يعتمدون الأغاني التجارية، بينما أنا عندي طاقة صوتية، والنوع التجاري قد لا يخدمني. وإذا إخترت تقديم أغنية كلاسيكية، أقول ربما ليست في وقتها الملائم لأنّ الناس قد تستهويهم الأغاني الراقصة لتناسي همومهم. وأعتقد أنّه يتوجّب إعتماد خطة ذكية، وإحاطة أنفسنا بأشخاص يفهمون بالسوق، ومثلاً صاحب الاستديو يلتقي الكثير من الملحنين والمغنين، ويعرف نوعاً ما متطلّبات السوق، وهو قادر على إبداء رأيه في هذا الخصوص. ومن هذا المنطلق أحبّ إستطلاع مختلف الآراء، ولكن القرار النهائي يعود لي. وأتمنّى أن يستعيد الفن قيمة أكبر، لأنّ ما نتابع من أغنيات على التيك توك ومواقع التواصل، مجرّد فقاقيع صابون، ومع أنّها تكون «ترند»، إلا أنّها لا تدوم ولا تستمر إلى ما بعد ١٠ سنوات أو أكثر، كما هو حال أغاني الفنّانين الخالدين الذين نردّد أعمالهم ونعيد توزيعها. وأخشى أن تكون مجاراة البعض للعصر بمثابة إنتحار فنّي.
*أليسار: الصعوبة تكمن في أدائي أغاني رومنسية، وهذا اللون غير متوفّر في السوق حالياً، والسبب أنّه ليس لديه جماهيرية. وكفنانين يهمّنا البحث عن أغاني ضاربة، وتكون في الوقت نفسه جميلة لناحية الكلمات واللحن، ولكنّني أختار بحسب قناعاتي لتحقيق الإستمرارية. وفي أغنيتي الجديدة «يا حبيبي»، حرصت على مراعاة متطلّبات السوق، ولكن من خلال إختيار كلمات لها معنى ولحن جميل. وبرأيي لا يتوجّب مجاراة الموضة بشكل أعمى، وبالمقابل فإنّ استطلاع أذواق الجيل الجديد هو أمر جيد، ولكن بعض الأعمال الغنائية أعتبرها «جريمة» في حق الفن، لأنّها تكرّر الجملة اللحنية نفسها، وكلام للأسف تافه وسخيف وبشع، ومع ذلك تحظى بإعجاب البعض من الجمهور.
فدوى الرفاعي