أغاني دون المستوى.. بين ضبابية معايير النجاح والتعيير بالفشل
أغاني كثيرة دون المستوى وهابطة وسخيفة سواء لناحية الكلمات أو اللحن أو الأداء، باستثناء بعض النجوم الذين يحرصون على الإرتقاء بذوق الجمهور، ومواكبة العصر، وإختيار أغنية متكاملة بصناعتها لتجنّب الخطوات الناقصة والتعيير بالفشل، لأنّ الجمهور ينتظر دائماً الأفضل وليس العادي. طرحنا هذا السؤال على عدد من النجوم: أيّ نوع من الأغاني تقول عنها إنّها دون المستوى؟ وهل برأيك تغيّرت اليوم معايير تحقيق النجاح في الفن؟. وأجمعت الردود على التأكيد أنّ المشهد ضبابياً، وأنّنا اليوم لم نعد نعرف كيفية تقييم المستوى الفنّي، مع أنّ الأغاني تطوّرت وتحاكي العصر ولغة الشارع والشباب، ولكن بالمقابل أغاني كثيرة لا تنجح، وأصبحت صناعة النجاح سريعة الزوال.
*رزان المغربي: شهدت حقبة التسعينات نقلة نوعية على صعيد الموسيقى، وأيضاً في الألفية الجديدة، ووصلنا اليوم إلى بروز أنواع مختلفة، وأنا واكبت التغيّر الحاصل بحكم عملي في تقديم البرامج، من موسيقى إيقاعية وأغنية سريعة وأغنية قصيرة وغيرها من الأغنيات التي تتجدّد مع مرور السنوات وتقلّب الموضة وظهور فنّانين معيّنين أو أنماط غنائية معيّنة، ولكن الأغنية السريعة هي التي تواكب عصرنا الحالي. وأنا شخصياً في كلّ مرّة أكون فيها عائدة إلى منزلي بعد يوم متعب ومرهق وطويل، أستمع الى إذاعات مصرية أغنيات لمطربين من الزمن الجميل، أمثال عبد الحليم وأم كلثوم، وأزعل كثيراً إذا كان طريقي طويلاً وتنتهي الأغنية قبل وصولي. هذه الأغاني ما زالت تعيش في ذاكرتنا، وهذه النوستالجيا ليست موجودة من فراغ، والجيل الجديد يحبّها، وواضح أنّ هناك خلطة سحرية سبقت الزمن، وسافرت عبر السنين، وما تزال مستمرّة. ومثلاً إبني رام عمره ٨ سنوات، وهو يحبّ الإستماع إلى أغاني التسعينات، ويحب الفنّانين حميد الشاعري وإيهاب توفيق ومصطفى قمر وهشام عباس. وأنا استغربت في المرّة الأولى التي أتى فيها من لندن إلى مصر كيف حظيت هذه الأغاني بإعجابه، وحتى حين يكون عائداً معي بالسيارة من مدرسته، يستمع إلى أغانيهم، وأيضاً في البيت يطلب مني الإستماع إليها، وفي الوقت نفسه هو يعرف فيروز وأم كلثوم ويحب الأغاني الجديدة للفنّانين ويجز وعمرو دياب وأحمد سعد، وهذا أمر جيّد لأنّه مفروض أن يكون إبن بيئته. وطبعاً اليوم لم نعد نعرف كيفية تقييم المستوى الفنّي، ولكن أكيد أنّ كلمات الأغاني التي نسمعها اليوم لم تكن موجودة في السابق لأنّها كانت «عيباً»، فالأغاني اليوم تطوّرت بشدّة، وهي تحاكي العصر ولغة الشارع والشباب.
*مادلين مطر: الأغاني التي أقول عنها إنّها دون المستوى، هي التي لا تحترم المعايير الأخلاقية، ولا أقصد الأغاني الجريئة التي تسلّط الضوء على مواضيع معيّنة، وإنما تلك التي تخدش الحياء، وتكون هابطة، وألفاظها سيئة، ويطلقها الفنّان حتى يثير الجدل متخطّياً الأدبيات وذلك على سبيل تحقيق الشهرة فقط. أما بخصوص معايير النجاح، فأكيد أنّها تغيّرت بسبب التحديثات التي طرأت على مواقع التواصل، ويواكبها الصغار والشباب وكبار السن. ومن هذا المنطلق نلاحظ أنّ أغنيات كثيرة لا تنجح، «ووين لتضرب أغنية أصلاً»، إذ قد تحظى أغنية أو أغنيتين فقط بالنجاح في العام الواحد، بينما قبل سنوات كنّا نستمع إلى الكثير من الأغاني الجميلة، والسبب برأيي هو ظهور تحديث «لعب بعقلنا»، فأصبحنا نجاري الموضة، مثل أغنيتي «خط أحمر» التي أطلقتها قبل سنة ونصف، وكانت UpToDate وتواكب الموضة، ولكنّها لم تكن هابطة ولا تضمنت ألفاظا سيئة.
*فادي حرب: الأغاني دون المستوى هي التي تكون كلماتها نابية ولا تعكس أخلاقياتنا وتربيتنا كعرب. وطبعاً تغيّرت معايير النجاح عن السابق، لأنّ النجاح كان يُقاس بحسب طاقات الصوت فقط، بينما اليوم في عصر الصوت والصورة والتكنولوجيا، طرأت معايير أخرى، وصار يتوجّب على الفنّان أن يكون تقريباً شاملاً كصوت وأداء وحضور وشكل، وحتى لو توفّرت كلّ هذه الامور، لن ينجح إذا لم يقدّم أغنيات جميلة تحظى بالقبول.
*ليال عبود: طبعاً الأغنيات التي باتت تروّج للإسفاف والشتائم والصفات البعيدة عن الفن والإنسانية، خصوصاً في المرحلة الأخيرة حيث باتت الشتيمة ترند مع الأسف، وهذا لا يعتبر تطوراً بل فساداً ينخر عظام الفن الشعبي. ولا شك أنّ معايير النجاح تبدلّت في العصر الحالي، وباتت مواقع التواصل الإجتماعي ركيزة في هذا المجال، إضافة للإختيار الفني الصائب والقريب من الناس والموسيقى العصرية. وفي المقابل هناك فقاعات صابون يعتقد من يقف خلفها أنّه يصنع الشهرة، لكن النتائج تبقى آنية وسريعة الزوال.
فدوى الرفاعي