شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – فرنسا المربَكة والمصمَّمة
تشدّد أوساط ديبلوماسية أوروبية على أن فرنسا قلقة جداً على لبنان، ويزداد قلقها مع تأخر حسم الاستحقاق الرئاسي إذ هي ترى فيه «حفارة» تعمّق الهاوية التي يرسف لبنان في قعرها. وهذه المخاوف من الانهيار اللبناني الشامل لا تتحكم بالجانب الفرنسي وحده إنما أيضاً بسائر الأطراف الخارجية التي «تغار» على مصلحة لبنان العليا ومصالح اللبنانيين.
وفي وقت يبدو الأفرقاء اللبنانيون في وادٍ آخر، تشعر باريس بخيبة وحسرة، أما الخيبة فمن الموقف الأميركي الذي يتبدّى لها أنه يضع عصيّاً صلبة في دواليب مبادرتها الرئاسية، وإن كانت واشنطن تلتقي معها على ضرورة ملء الشغور الرئاسي وإن بتطلع مختلف كلّياً، فبينما يرى قصر الإليزيه حتمية المرور عبر بوابة حارة حريك الى قصر بعبدا خصوصاً أن هكذا وضعاً ينسجم مع مندرجات التسوية الكبرى في الإقليم، يعتبر البيت الأبيض، وعلى العكس تماماً، أن المرور في الضاحية الجنوبية سيكون مشروعَ عرقلة جاهزاً للانقضاض على التسوية الواسعة. وأما الحسرة فعلى ردود الفعل اللبنانية المعارضة مبادرة «الإليزيه».
وفي هذه النقطة تصرّ الأوساط الديبلوماسية الغربية إياها على أن فرنسا مستاءة جداً من ردود الفعل اللبنانية المسيحية والمارونية تحديداً، وترى فيها مبالغة «غير مفهومة» حيناً و«غير مبرَّرة» في كل حين. وهي إذ تدرك الأبعاد السياسية وتلك «المنطلقة من مصالح معروفة وإن كان بعضها مفهوماً» فهي تحذر من «دعسات ناقصة» قد يكون لها مردود سلبي آخر على الدور المسيحي في لبنان (…).
أمّا بالنسبة الى الحراك السعودي الذي يترجمه سفير المملكة في لبنان فتقول هذه الأوساط إنه «ينسجم بتطابق كبير إن لم يكن كلّياً» مع الاقتناع الفرنسي لا سيما حول حتمية الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي لتدارك ما يمكن تداركه من وقف الانهيار في هذا البلد الغارق في أتون يغلي. وتقول الأوساط إن ماكرون المصرّ على مبادرته هو أكثر واقعية من سلفه فرانسوا هولاند الذي بادر في العام 2016 الى الاتصال برئيس تيار المردة سليمان فرنجية مهنئاً إياه بالرئاسة قبل أن تنضج طبختها التي طارت من بنشعي وحطّت في الرابية لمصلحة العماد ميشال عون إثر اتفاق معراب، الذي تسميه باريس «اتفاق المحاصصة» ( بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر) والذي لم يعمّر طويلاً.