الرحلات العربية إلى الفضاء الخارجي.. دعاية أم استكشاف علمي؟
أصبحت الباحثة في الخلايا الجذعية، ريانا برناوي، الاثنين الماضي، أول امرأة سعودية وعربية تسافر إلى الفضاء بعد انطلاقها على متن رحلة شركة Axiom Space، مع مواطنها السعودي الطيار علي القرني، ورائدة الفضاء السابقة في ناسا بيغي ويتسون، والطيار، المستثمر جون شوفنر.
تقول شبكة CNN الأميركية إن الركاب، عدا بيغي ويتسون، هم “زبائن” للشركة، دفعوا من أجل الاشتراك في الرحلة على متن كبسولة دراغون كرو، ضمن مهمة AX-2 التي أقلعت من فلوريدا الاثنين.
وسيقيم الطاقم لمدة أسبوع في محطة الفضاء الدولية، حيث يقيم منذ أشهر رائد فضاء عربي آخر هو الإماراتي سلطان النيادي.
وهذه هي “المرة الأولى في التاريخ التي يجتمع فيها ثلاثة أشخاص عرب في الفضاء”، وفقا لمدير مركز محمد بن راشد للفضاء، سالم حميد المري.
دعاية.. اقتصاد.. أم مهمة علمية؟
وتقول شبكة CNN إن مهمة AX-2 التي شارك فيها رائدا الفضاء السعوديان هي واحدة من مجموعة من المهام التي تأمل أكسيوم سبيس وناسا من خلالها الاستمرار في تحفيز مشاركة القطاع الخاص في رحلات الفضاء – خاصة في المدار الأرضي المنخفض، حيث تقع المحطة الفضائية.
ووفقا لبيان من وكالة ناسا الفضائية الأميركية فإن الفريق سيقوم بـ”إجراء البحوث العلمية والتوعوية والأنشطة التجارية في المحطة الفضائية.
وطلب موقع “الحرة” من الوكالة توضيحا بشأن الأهمية العلمية للمهمة، وطبيعة “النشاطات التجارية” المرتبطة بها، ولم ترد الوكالة على الاستفسارات حتى لحظة نشر التقرير.
لكن شبكة CNN تقول إن الفريق سيعمل على أكثر من 20 تحقيقا ومشروعا علميا – بما في ذلك الخلايا الجذعية وغيرها من الأبحاث الطبية الحيوية.
وتساعد برامج الفضاء حسنة الإعداد في تحقيق تطور علمي في الدول التي تشغلها.
ويقول موقع Live Science العلمي، إن برنامج مسبار الإمارات الإماراتي – وفقا لإحصائية نشرت عام 2020، حتى قبل إطلاقه عام 2021، قد أدى إلى “انفجار علمي صغير” في الإمارات، حيث نشرت 50 ورقة بحثية تمت مراجعتها من قبل الأقران خلال فترة بناء المسبار وتطويره.
وأشاد موقع Nature العلمي بكون الإمارات أتاحت بيانات مهمتها المريخية للجمهور.
وفي حديث مع موقع “الحرة”، يقول عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، ملهم هندي، إن الرحلات الفضائية تتمتع “بظرف مميز لا يمكن خلقه على سطح الأرض وهو الجاذبية الصغرى التي تسمح بتوسع أبحاث الفضاء وتطوير التقنيات بشكل كبير جدا”.
ويشير إلى أن دراسة تأثير تلك التجارب على جسم الإنسان والأغذية يعطي فكرة أوسع للظروف والمشاكل والحلول عند إرسال البشر لرحلات طويلة في الفضاء سواء لاستكشاف القمر أو المريخ أو أي رحلة مستقبلية.
ومع أن من غير المعروف، بشكل رسمي، حتى الآن طبيعة الأبحاث التي سيجريها رواد الفضاء السعوديون أو مدى أهميتها العلمية، يعتبر الحصول على الخبرات مهما للغاية لبرامج مثل برامج الفضاء.
وتقول الهيئة السعودية للفضاء إن برنامج المملكة لرواد الفضاء “يهدف لتأهيل كوادر سعودية متمرسة لخوض رحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى والمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء”.
ويقول هندي إن البيانات التي يرسلها مسبار الأمل الإماراتي أعطت نظرة شمولية للغلاف الجوي للمريخ، وكشفت عن بيانات مفصلة لأول مرة عن قمر الكوكب الأحمر “ديموس”.
ويتابع أن برنامج رواد الفضاء العرب في المحطة الفضائية الدولية يتضمن أبحاثا تقام لأول مرة في العالم، مثل التجارب على الخلايا الجذعية أو الاستمطار الاصطناعي، ما يفيد على المستوى المحلي والعالمي، على حد تعبيره.
ويؤكد هندي أن مشاريع برنامجي الفضاء الإماراتي والسعودي، تعد جزءا من برنامج كبير أهم يهدف إلى “توطين صناعة الفضاء”، وفقا لحديثه.
ويشير إلى التحول لما يسمى “الاقتصاد الفضائي”، الذي سيعمل على زيادة موارد الدول مستقبلا ويعطي الدول استقلالية في استغلال موارد الفضاء.
ويقول موقع Nature إنه “بالنسبة للإماراتيين، تأتي أهداف علوم الفضاء في المرتبة الثانية، مقابل دراسة التحديات الاقتصادية والبيئية.
ويضيف أن الإمارات تأمل أن يتمكن مشروع المريخ من تسريع تحولها إلى اقتصاد للمعرفة – من خلال تشجيع البحث وبرامج الدرجات العلمية في العلوم الأساسية وإلهام الشباب في جميع أنحاء الدول العربية.
وينقل عن مدير مشروع بعثة المريخ، عمران شرف، قوله إن “مهمة المريخ هي مشروع ضخم مصمم لإحداث تحول كبير في العقلية”، مضيفا “ليس الفضاء، وإنما الاقتصاد”.
مع هذا فإن مشاريع الفضاء تصلح للدعاية أيضا. إذ يرى خبراء في مجال الفضاء أن التنافس على الدعاية للتفوق العلمي دفع برامج الفضاء الأميركية والروسية المبكرة قدما للتنافس بشكل محموم على إيصال البشر إلى القمر أولا.
وفي النهاية، استفادت البشرية بشكل كبير من التقدم في برامج الفضاء.
وفي السعودية تقول هيئة الفضاء إن أول طاقم في برنامجها ضم “رائدة ورائد فضاء سعوديين، لتسجل المملكة بذلك حدثا تاريخيا مهما من خلال إرسال أول امرأة سعودية إلى الفضاء”.
وتضيف “تعد رحلات الفضاء المأهولة مقياسا لتفوق الدول وتنافسيتها عالميا في العديد من المجالات مثل التقدم التكنولوجي والهندسي والبحث العلمي والابتكار”.