هل ستسطيع الأردن في تأمين حدودها الشمالية مع سوريا ضد المخدرات؟
على الرغم من التقارب الدبلوماسي بين الأردن وسوريا فإن عمّان ما زالت تعاني من مشكلة تهريب المخدرات على حدودها الشمالية مع سوريا، وبدأت باتخاذ إجراءات أكثر تصعيداً للتخلص من هذه المشكلة المستمرة منذ سنوات.
على الرغم من التقارب الدبلوماسي بين الأردن وسوريا فإن عمّان ما زالت تعاني من مشكلة تهريب المخدرات على حدودها الشمالية مع سوريا، وبدأت باتخاذ إجراءات أكثر تصعيداً للتخلص من هذه المشكلة المستمرة منذ سنوات.
وعلى الرغم من عدم تأكيد عمّان بشكل رسمي إجراء عملية عسكرية في سوريا خلال الأسابيع الماضية لضرب أوكار المخدرات ومصانع إنتاجها في درعا وما حولها، فإن عديداً من التقارير أشار إلى أن عمّان قررت التدخل العسكري لوضع حد لهذه المشكلة على حدودها.
عمّان غاضبة
العاهل الأردني وخلال زيارة لإدارة مكافحة المخدرات التابعة لمديرية الأمن العام الأردنية قبل يومين، قال بكل صراحة إن “المملكة سوف تضرب بيد من حديد كل من يُهدد أمنها الوطني والإقليمي، خاصة تجار المخدرات”، وهو ما فتح الباب موارباً أمام تساؤلات تتعلق حول نجاعة الحل العسكري في وضع حد لتهريب المخدرات باتجاه الأردن.
كما أن الحكومة الأردنية عبر وزير الخارجية أيمن الصفدي عبرت عدة مرات، وآخرها خلال لقاء مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في مملكة هولندا، عن غضبها من استمرار محاولات تهريب المخدرات، وعمليات تسلل المهربين عبر الحدود الشمالية، حيث نفذت القوات المسلحة الأردنية مئات عمليات الاشتباك مع المهربين على الحدود وأحبطت إدخال ملايين من حبوب الكبتاغون المخدرة.
الأردن لم يعُد ممراً للمخدرات
الخبير الأمني في مجال مكافحة الإرهاب محمد الدباس لم يستبعد عملية عسكرية جديدة لضرب مصانع ومواقع توريد المخدرات، منوهاً بأن “عمّان أكدت بكل وضوح على أنها ستتخذ خياراتها بكل حزم عند الحاجة إلى ذلك وحسب الأوضاع والظروف”.
وبيّن الدباس في حديثه مع TRT عربي أنه “من ضمن الإجراءات التصعيدية المشددة التي ستتبعها المملكة تنفيذ عمليات عسكرية، إلى جانب إجراءات المكافحة التي ينفذها الأمن والجيش الأردني على الحدود بشكل مستمر”.
وأشار إلى أن “هذا التوجه الجديد في مكافحة المخدرات يحظى بقبول ودعم ملكي، وهو ما بدا واضحاً في تصريحات العاهل الأردني الاخيرة”، مضيفاً أن “عمليات مكافحة المخدرات مستمرة، خاصة عمليات التهريب التي تعبر القارات عبر الدول، وأن التصدي لها يجب أن يكون بحجم نوعها”، منوهاً بأن “ما يتضح الآن أن الأردن لم يعد ممراً كما كان في السابق بل بات مقراً للتجارة والتعاطي”. وهو ما يرى فيه الخبراء تهديداً للمجتمع الأردني يتطلب تحركات جادة.
وشدد الدباس على أن “علاج هذه الازمة يحتاج إلى تشديد وتصعيد عمليات مكافحة المخدرات، والقضاء على منابع التهريب بتنسيق وترتيب مع الجهات الرسمية كافة”.
الأردن يؤيد قانون مكافحة الكبتاغون الأمريكي
الأردن يؤيد قانون مكافحة الكبتاغون الأمريكي
الباحث المختصّ في الدراسات الأمنية والاستراتيجية الدكتور عامر سبايلة قال إن “كل التوقعات تشير إلى عملية عسكرية أردنية جديدة على مواقع وأوكار المخدرات في سوريا”.
وبيّن السبايلة لـTRTعربي أن “الأردن أيّد قانون مكافحة الكبتاغون الأمريكي الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 23 ديسمبر/كانون الأول 2022، تحت اسم “قانون مكافحة إتجار الأسد بالمخدرات وتخزينها”، إذ يسعى القانون لتطوير استراتيجية منسقة بين الوكالات الفيدرالية الأمريكية لتعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات والإتجار بها المرتبطة بالحكومة السورية او النظام السوري.
وأضاف السبايلة أن “المملكة عانت منذ سنوات من منظمات تهريب المخدرات والجيش الأردني بحالة استنفار دائم على الحدود للحد من نشاط هذه الشبكات”، مضيفاً أنه على الرغم من “إيصال عمّان عدة مرات رسائل إلى النظام السوري بضرورة ضبط الأوضاع لم تأت استجابة جدية”.
ونوه السبايلة بأن “الحدود الأردنية عانت خلال فترات عدة من فراغ لم يجد من يشغله إلا المهربين وتجار المخدرات، وهو ما جعل الأردن بمواجهة مباشرة مع هؤلاء المهربين وبحرب مفتوحة معهم على الحدود”.
وأشار إلى أن “التقارب بين الأردن وسوريا سياسياً لا يعني أن عمّان سوف تقلل من تصعيدها أو تشددها بالحرب على المخدرات”، مبيناً أن “السياسة الأردنية سوف تتخذ أي مسار لوضع حد لهذه المشكلة بما فيها الخيار العسكري”.
معلومات عن عمليات إنتاج المخدرات والجهات التي تقف وراءها
مصدر أمني أردني قال إن “مراقبة ومتابعة الحدود ومصادر إنتاج وتصنيع المخدرات مستمرة بشكل دائم، وإن عمليات الرصد لا تتوقف وسيُتخَذ الإجراء اللازم، خاصة بعد أن بات لدى الجهات الامنية الأردنية معلومات كافية حول عمليات إنتاج المخدرات في الأراضي السورية وطرق تهريبها والجهات الفاعلة التي تقف وراءها”.
ونوه المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته في حديثه لـTRT عربي بـ”اتخاذ أشد الإجراءات مع كل من يحاول تهريب المخدرات وسوف تستمر عمليات تطبيق قواعد الاشتباك مع أي حالة تسلل يجري رصدها”.
وبيّن أن الأردن “عمل على معالجة هذه التهديدات مستخدماً أفضل الوسائل واتخذ عديداً من الإجراءات الأمنية، إذ لم يتردد في إرسال تحذيرات شديدة اللهجة إلى الجوار لوقف عمليات تهريب المخدرات لكن لم تلقَ هذه التحذيرات آذاناً صاغية”.
وأشار المصدر إلى “تنفيذ حملات إعلامية واسعة، وتنظيم زيارات للمناطق الحدودية خاصة الشمالية منها للاطلاع على سير العمل على الواجهة العسكرية الحدودية وخطورتها”.
وأضاف أنه لا يزال “كثير أمام الأردن ليفعله لمواجهة عمليات تهريب مخدر الكبتاغون، إذ ينبغى إجراء مراقبة مستمرة وطويلة الأجل لتجار المخدرات والمشتبه بهم، وتشديد الرقابة على الحدود، والمراجعة الشاملة والجادة لكل العمليات”.
رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأردني اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي قال بعد تنفيذ الغارة الجوية على مواقع تصنيع المخدرات في درعا جنوب سوريا، خلال لقاء مساعد وزير الدفاع الأمريكي سيليست والاندر، إن “القوات المسلحة الأردنية حازمة في مواجهة مصفوفة معقدة من التهديدات، ومكافحة عمليات التهريب والتسلل المنظمة على الحدود”.
ويذكر أن رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي وجّه العام الماضي بتغيير قواعد الاشتباك، وهي القواعد التي يلتزمها الجيش في استعماله القوة خلال أي عملية عسكرية، إذ تقرر منع تحرك أي كائن حي داخل المنطقة المحرمة التي تتكون من منطقة الساتر الحدودي على الواجهتين الشمالية والشرقية للمملكة، وجرى تعزيزهما بقوات خاصة وقوة رد فعل سريع وبإسناد طائرات من سلاح الجو الملكي.
كما وجه الحنيطي بتسخير الإمكانات والقدرات المتوفرة كافة في القوات المسلحة للتعامل مع عمليات التسلل والتهريب كافة والتصدي لها، بشكل يحفظ أمن واستقرار المناطق الحدودية وملاحقة كل العناصر التي تسعى للعبث بالأمن الوطني.
ووفقاً لآخر الإحصائيات غير الرسمية فإن الجيش الأردني ومنذ بداية 2023 أحبط عديداً من عمليات التسلل والتهريب القادمة من الجانب السوري، أسفر عنها مقتل مهرب والقبض على آخرين، كما ضبطت قوات حرس الحدود خلال العام الحالي نحو 2.939 مليون حبة كبتاغون و4856 كف حشيش ومادة الكريستال والجاليكا بالإضافة إلى أسلحة وقنابل يدوية.