لا عودة للوراء مع السعودية
صلاح سلام
يمكن القول أن عملية خطف المواطن السعودي قطوع ومرق بأقل قدر ممكن من الخسائر، بعد النجاح الباهر لمخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، في كشف الفاعلين وتحرير المخطوف، وإعتقال عدد من أعضاء العصابة الإجرامية.
على طريقة «رب ضارة نافعة»، كشفت العملية الصادمة عن قدرات مهمة للقوى الأمنية في حماية الأمن الوطني والإجتماعي عند الملمات، وتعويض التقصير الحاصل في إمكانيات الأمن الإستباقي، لأسباب متعددة ومعقدة،لا مجال للخوض في تفاصيلها، ويكفي القول أن تدني المخصصات المالية للجيش وفرع المعلومات والأجهزة الأمنية الأخرى، أدى الى إرباكات لا حصر لها في مهمات القوى الأمنية، خاصة بعدما أصبح راتب العنصر العادي لا يتعدى بضعة عشر دولار، أي ما يوازي رواتب العسكر في أكثر بلدان العالم فقراً!
وأكدت الهبّة اللبنانية الشاملة على إدانة العملية المجرمة التي أساءت بحق البلد وأهله، قبل أن تُسيء للمواطن السعودي أو للمملكة، أن ثمة إجماعاً لبنانياً، ومن مختلف الإطراف السياسية على المحافظة على أطيب العلاقات مع الأشقاء العرب، وخاصة المملكة العربية السعودية، رغم كل الخلافات التي تعصف بالمنظومة السياسية، وتُباعد بين أحزابها وكتلها النيابية.
والمعلومات الواردة من الرياض حول إستمرار خطوات الإنفتاح نحو لبنان، بدءاً بالسماح للصادرات اللبنانية بالدخول للإسواق السعودية، وصولاً إلى رفع حظر سفر المواطنين السعوديين إلى بيروت في وقت قريب، تؤكد الحرص المتبادل بين البلدين على تحصين العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، ضد أية محاولة تخريبية تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وأخيراً، لا شك أن التحرك الأمني السريع وتحرير المواطن السعودي المخطوف بعد ساعات قليلة من الإعلان عن عملية الخطف، قد وجّه رسالة قوية إلى القادمين للبنان، لبنانيين وعرب وأجانب، بأن بلد الأرز مازال يستحق لقب وطن السياحة والإصطياف، رغم كل ما يُعانيه حالياً من مشاكل وأزمات إقتصادية ومالية ومعيشية، وأن مثل هذه الحوادث الفردية لا تؤثر على أجواء الإستقرار، طالما بقيت جهوزية الجيش والقوى الأمنية قادرة على تطويق هذه العمليات في المهد، وإعتقال أفراد عصابات الخطف، التي يوجد من مثيلاتها الكثير في بلدان العالم، خاصة في مناطق الإصطياف الأوروبية.
تحية وطنية كبيرة للجيش والقوى الأمنية، أفراداً وضباطاً، على ما يبذلونه من جهود وتضحيات، رغم كل ما يعانونه من صعوبات معيشية وإجتماعية مؤلمة.