المفتي دريان تمنَّى.. والعشائر تجاوبت بانتظار نتائج مبادرة بري
في أعقاب اللقاء الوطني الجامع الذي عقدته العشائر العربية عصر يوم الاثنين 24 نيسان الماضي في خلدة، للتضامن مع العشرات من المعتقلين والمطلوبين من شباب العرب، ورفضاً للأحكام العسكرية الجائرة بحقهم ، استبشرت العشائر خيراً باللقاء العاجل الذي دعا إليه قائد الجيش العماد جوزاف عون صبيحة اليوم التالي في وزارة الدفاع، وحضره رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي جون قزي وأعضاء من هيئة المحكمة، إذ فُهِم من هذا الاجتماع أنه رفض لمحاولة التلطي وراء قيادة الجيش، أو تغطية «نكبة» الأحكام العسكرية التعسفية بحق أبناء خلدة والتي ترواحت بين الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والسجن لعشر سنوات، ومكوث أبرياء وقاصرين لأكثر من سنتين في السجون من دون أي تهمة..!
بعدما أصدرت المحكمة العسكرية أحكامها في ليل 19 نيسان المنصرم، أدركت العشائر أنها تعرضت لكمين دبّر في ليل من قبل قيادة «حزب الله» ووفدها المفاوض على «صلح أبيض» مع أهالي خلدة تحت قبة قيادة الجيش الموثوقة، وبإشراف ورعاية العماد عون، ولعل الاجتماع الطارئ الذي عقد في اليرزة، هو لتوضيح الصورة التي حاول الحزب تظهيرها بأن ما صدر من أحكام، هو بمعرفة وموافقة قيادة الجيش، وبالتحديد من شخص القائد، الأمر الذي دفع بالعماد عون إلى عقد الاجتماع العاجل للنأي بالقيادة عن البازارات السياسية والحسابات الرئاسية التي يعرفها الجميع، ولرفض تلقف كرة النار المتجسدة بغضب العشائر من جهة، وتنديد الحضور السياسي الوطني الواسع الذي حضر إلى خلدة بالأحكام الظالمة من جهة ثانية، والتي هدفت إلى وضع الجيش وجهاً لوجه مع العشائر وأهالي خلدة، مع ما يستتبع ذلك من ردات فعل قد تخرج عن السيطرة، ويدل على ذلك ما صدحت بحرفيته وسائل إعلام الحزب المرئي والمسموع والمكتوب بأن «الأحكام لم تأتِ وفق التوقّعات «على المسطرة»، إلا أنّها لم تخرج أيضاً عن أجواء اجتماعات التفاوض التي كانت تحصل في مكتب مدير المخابرات العميد طوني قهوجي طيلة الأشهر الماضية، بحضور رئيس فرع مخابرات جبل لبنان العقيد طوني معوّض»!.
القاضي قزي
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعين يوماً على هذه الأحكام، كشفت مصادر قضائية لـ«اللواء» أن القاضي جون قزي طلب حضور المحامين المتطوعين الموكلين بمتابعة ملف موقوفي خلدة صباح يوم الخميس المقبل إلى المحكمة، لإبلاغهم بقراره في طلبهم بتمييز أحكام المحكمة العسكرية.
وقال المحامي محمد صبلوح: «نحن متفائلون بكل ما تقوم به محكمة التمييز، إن لجهة قبول التمبيز بالشكل، أو لجهة إعادة النظر بكل الأحكام القاسية التي أصدرتها المحكمة العسكرية، وإنصاف أبناء العشائر في هذه القضية».
دار الفتوى تتحرك
وعلمت «اللواء» أن القاضي الشيخ خلدون عريمط وبتوجيه وتنسيق مع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، ينشط على خط دار الفتوى- محكمة التمييز العسكرية، لإعادة النظر بالأحكام الصادرة، وعلى خط المحكمة العسكرية لتسوية ملف الأحكام الغيابية بالإعدام التي أصدرتها، لسحب أي صواعق تفجير قد يكون زرعها البعض في طريق التسوية التي تفضي إلى إقفال هذا الملف وقطع دابر الفتنة، وهو سيلتقي خلال الساعات المقبلة القاضي قزي، للتشاور فيما يمكن أن تقدمه الدار للوصول إلى الحل المنصف والعادل المنشود قبل يوم الخميس المقبل.
مبادرة بري
طلب مفتي الجمهورية التجاوب مع المبادرة المشكروة للرئيس نبيه بري وانتظار مهلة الشهرين التي حددها خلال استقباله وفداً من العشائر برئاسة النائب محمد سليمان، لأنهاء ذيول الملف، وقد مضى منها ما يزيد على الشهر، وهي فترة تتزامن مع قبول المحكمة العسكرية التمييز بالشكل، وإصدار أحكامها النهائية في هذه القضية المقلقة.
موقف العشائر
في ضوء ذلك، تؤكد العشائر «أن مفتي الجمهورية هو الضمانة الكبرى لإنهاء مظلومية أبناء خلدة، وهو شكل منذ اليوم الأول للهجوم على خلدة إلى الآن، صمام الأمان في إدارة هذه الأزمة لتجنيب البلاد الفتنة، وهو يتابع بشكل يومي وحثيث عبر القاضي عريمط والعلماء، تفاصيل التطورات مع قيادة الجيش، ومديرية المخابرات، والنواب السنة، وقضاة المحكمة العسكرية المتعاقبين، وضباط سجن رومية ولجان العشائر، ويعطي التوجيهات المطلوبة ضمن القوانين المرعية الإجراء، لكن مع حرصه الشديد على إحقاق الحق على الجميع من دون استثناء».
ويقول مصدر عشائري لـ«اللواء»، «إن موضوع التمييز هو تحصيل حاصل، وهو حق قانوني للموقوفين، والعشائر العربية لا تعتبر ان مجرد تخفيض الأحكام الجائرة إلى حجمها الطبيعي العادل، هو الحل المنشود، بل هو حق للموقوفين وواجب وطني وأخلاقي على القضاة، ولا فضل فيه لأحد، بل تعتبر العشائر العربية أن تطبيق العدالة على طرف دون الطرف الآخر المعتدي، ليس بعادل، فكيف إذا كان الطرف المعتدي غائباً كلياً عن المحاكمات وعن التوقيف والملاحقة، بينما الطرف المعتدى عليه بين قابع في السجون، وبين مطارد بمذكرات التوقيف والبحث والتحري؟.
يضيف المصدر العشائري:«إن العشائر ترى أن الصلح يكون بتنازل كل طرف عن حق من حقوقه، وتتم التسوية في منطقة وسطي بين الطرفين، وتنتهي المشكلة بالصلح الناجز وليس بأن تخفف الأحكام الجائرة عن طرف واحد إلى أحكام عادلة، دون أن يخضع الطرف الآخر لأي مساءلة او ملاحقة».
يتابع المصدر بالقول: «من هنا، تراهن العشائر العربية، على أن نجاح مبادرة الرئيس بري -مشكوراً- معقود بالشقّ السياسي في هذا الملف، بحيث تأخذ مبادرته وقتها القانوني خلال الشهرين، ويكون الحلّ السياسي قد نضج، فيتظهر الحلّ بمصالحة كاملة، وبتر كل ذيول الفتنة وأدواتها، حتى لا يبقى هذا الملف جمراً تحت الرماد، لأن إجراء العدالة على طرف دون الآخر، لا يحقق العدل ولا يؤدي للصلح، وإذا كان الحل قضائياً فليكن بتسليم كل المعنيين من الطرفين إلى القضاء، وإجراء محاكمة عادلة للجميع دون استثناء، وبعدها تأخذ العدالة مجراها، ولا يكون هناك صلح، وإلاّ فليتم إجراء مصالحة يسقط فيها كل طرف من حقوقه بما فيها أحمد موسى غصن الذي أطلق النار ثأراً على قاتل شقيقه المسؤول في «حزب الله» علي شبلي، وتصبح المعادلة قتيل بقتيل وتنتهي الأمور عند هذا الحد».
ويختم المصدر العشائري بالقول: «لقد التزمنا بتوصيات مفتي الجمهورية وبما ستسفر عنه مبادرة الرئيس بري، وننتظر قرارات محكمة التمييز، ليبنى على الشيء مقتضاه، بالتنسيق مع الحضور الوطني الجامع الذي شارك في لقاء خلدة لمتابعة الملف حتى النهاية».