لماذا تسعى إسرائيل لتكون شريكاً مركزياً في “حلف بحري” في الشرق الأوسط؟
أهمية المجال البحري تتعاظم في العقود الأخيرة، وذلك لجملة أسباب؛ فنصيب المجال البحري في التجارة العالمية وبين الدول كبير، وعملياً اقتصاد العالم “يسافر في البحر”. وبالتوازي، ازداد عنصر “الاقتصاد الأزرق” بسبب أزمة الأراضي في البر وتطورات تكنولوجية تسمح بإنتاج الغذاء، والطاقة، وشبكات الاتصالات التحت بحرية، ونقل شبكات حيوية إلى جزر اصطناعية.
في الوقت نفسه، نشأت في البحر تحديات أمنية؛ ففي منطقة الشرق الأوسط، تتحدى إيران وفروعها حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وفي الخليج الفارسي. ومؤخراً، تتسع أعماله إلى البحر المتوسط أيضاً. تتضمن هذه التحديات المس بالسفن أو بالمنشآت البحرية من خلال أدوات ملاحة أو طائرات مسيرة، باستخدام الألغام البحرية وإطلاق صواريخ بحر – شاطئ على أنواعها ضد أهداف بحرية، إلى جانب سيطرة قوات إيرانية على سفن تنقل الطاقة في منطقة الخليج الفارسي، كوسيلة ضغط على الشركات والدول.
ثمة مشروع قانون رفع إلى الكونغرس الأمريكي يدعو إلى خلق استراتيجية بحرية تتضمن حلفاً يعطي جواباً على الإرهاب البحري في الشرق الأوسط، ويرتبط هذا المشروع بالحاجة إلى إقامة حلف إقليمي في الشرق الأوسط بين دول تتمكن من خلاله مواصلة العمل على تحقيق المصالح الأمريكية حتى عندما ينتقل اهتمام الولايات المتحدة إلى مناطق أخرى في العالم، وأساساً إلى الشرق الأقصى. هذه فرصة مهمة لإسرائيل؛ إذ أن اتفاقات إبراهيم، ونقل التعاون العسكري الأمريكي – الإسرائيلي من القيادة الأوروبية (EUCOM) إلى القيادة الوسطى (CENTCOM) تسمح لإسرائيل بأن تصبح لاعباً مركزياً في خلق حلف بحري بقيادة الأسطول الخامس وقيادته في البحرين.
إسرائيل، مع التشديد على الجيش الإسرائيلي بعامة والذراع البحرية بخاصة، كفيلة بأن تكون شريكاً مهماً في هذا الحلف البحري، سواء بسبب قدراتها العسكرية في مجالات الاستخبارات واستخدام القوات فوق البحر وتحت البحر، أم بسبب تجربتها الكبيرة في السنوات الأخيرة في العمل بالواسطة البحرية. الصناعات الأمنية الإسرائيلية في جبهة التكنولوجيا وفي مواضيع بحرية مختلفة ومتنوعة، قد تساهم مساهمة مهمة في تحالف بحري كهذا. والمشاركة في الحلف ستوفر فرصة لمواصلة تطوير هذه القدرات.
إن انخراط إسرائيل في الحلف سيكون تحقيقاً لإحدى الوظائف التقليدية لأسطول بحري حربي – الدبلوماسية البحرية. أسطول قد يبحر بحرية في البحر المفتوح ويشارك في النشاطات الإنسانية، وفي نشاطات المساعدة والبحث والنجدة، ونشاطات أخرى بتعاون أساطيل أخرى في المجال، وإجراء نشاط تنفيذي في المياه الدولية والتعاون مع أساطيل أخرى دون الكشف عن ذلك، وكذا تفعيل حملات جوية وبرية من البحر.
ميزة العمل في البحر أنه يمكن بناء التعاون دون الوصول إلى أراضي الدولة ذات السيادة، بل في المياه الدولية. ثمة مزايا خاصة للغة المشتركة بين البحارة في الأساطيل المختلفة، مزايا تسمح بتطوير خطاب بين البحارين من قوميات مختلفة، حتى مع غياب علاقات دبلوماسية رسمية بين الدول. وذلك لأن أمان الملاحة وطبيعة المهام في البحر يتغلبان على العوائق الدبلوماسية القائمة. يعمل في البحر الأحمر منذ سنين تحالف يجمع عدة دول عربية تعمل لمنع المس بحرية الملاحة في البحر الأحمر، وأساساً من جانب قوات الحوثيين في اليمن.
الأسطول الإسرائيلي وغيره من أذاع الجيش الإسرائيلي كفيل بأن يؤدي دوراً هاماً في بناء صورة استخبارية بحرية، بما في ذلك المواطنون والقوات العسكرية أو شبه العسكرية العاملة من فوق ومن تحت المياه. هكذا فإن إسرائيل كفيلة بأن تساعد في إحباط وتشويش وتحييد تهديدات ضد أهداف في البحر أو من البحر. إضافة إلى ذلك، يمكن لإسرائيل أن تفعل حملات إجبار وردع في البحر تؤثر على أعداء مختلفين للتوقف عن أعمال ضارة فيغيروا سلوكهم، الأمر الذي نفذته إسرائيل غير مرة في السنوات الأخيرة.
على إسرائيل أن تستغل أهميتها للولايات المتحدة ولدول المنطقة، في سياق الجواب على التهديدات المختلفة على حرية الملاحة، وأساساً في المجالات البحرية المجاورة لدول البحر الأحمر وبحر العرب والخليج الفارسي. مشروع القانون الأمريكي كفيل بأن يكون أساساً لتنمية الاهتمام بالوسط البحري بعامة، والدبلوماسية البحرية بخاصة – كأداة مهمة في مواجهة التحديات التي تطرحها إيران وفروعها.