شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – فرنسا: المبادرة المنقّحة
لا تزال نتائج زيارة غبطة البطريرك بشارة الراعي الى باريس و «اللقاء المهم» مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تتفاعل مثل الدوائر التي ترتسم على صفحة بحيرة كانت مياهها راكدة قبل أن يُلقى فيها بحصاة. أولى تلك الدوائر التواصل اللامنقطع بين حاضرة الفاتيكان وقصر الإليزيه ومحوره لبنان بهدف التأكيد على ضرورة إنهاء مرحلة الشغور الرئاسي، ولكن ليس «كيفما كان»، إنما بما لا يشعر معه أي طيف لبناني بالغبن. وفي هذا السياق فإن الكرسي الرسولي الحريص على لبنان و «تنوّعه الفذ والفريد» يرفض بالتأكيد أي حراك يُفهم منه أنه يشكّل ضغوطاً على المسيحيين أياً كان نوعها خصوصاً ما ينطوي على «جوانب مصيرية». علماً أن الفاتيكان لا يوفر المسيحيين اللبنانيين من (أقله) اللوم على ما تبديه قياداتهم من أحقاد وكراهية وضغائن. وفي المعلومات أن الجانب الفرنسي أبدى أمام البطريرك الماروني أنه فوجئ بردة الفعل المسيحية على مبادرته وأنه سوف «يتحرك» قريباً من أجل «تدارك الأمر».
من هنا يربط المراقبون سحب الرئيس ماكرون الملف اللبناني من الدائرة المقرّبة من قصر الإليزيه وإسناده الى وزير خارجيته الأسبق جان – ايف لودريان كبادرة تجاوب مع الفاتيكان من جهة وكتنفيذ لوعد قطعه للبطريرك الراعي من جهة ثانية لجهة تحريك المبادرة وربما لتعديلها (كلّياً أو جزئياً)… والتعديل الكلي هو الانطلاق في محاولة قد تكون مضنية أيضاً للبحث عن مرشح جامع «يتقاطع» عنده الجميع.
ولعل مبادرة الراعي الى التواصل مع حزب الله هي تأكيد على حسن نية الصرح البطريركي، وهذا ليس جديداً، اذ ظهر في «شكل» وفد الأساقفة الذي اصطحبه البطريرك، معه، الى روما وباريس، وكان بين أعضائه مَن شارك في حضور مناورة مليتا الشهيرة.
ولقد يكون من الضروري التأكيد، في سياقٍ موازٍ، على أن ما يشغل ويقلق الفاتيكان وباريس المعلومات المتواترة عن أن الاستمرار في الشغور الرئاسي، في الأجواء بالغة التوتر، من شأنه أن يقود الى دهاليز مخيفة جداً، ما من شأنه أن يفتح الأبواب على حال أمنية بالغة الخطورة، ما ينذر بشرور كبرى قد تطرح مصير لبنان جدّياً على بساط بحث مصيري، ما يتناول ليس فقط النظام اللبناني، بل تركيبة الوطن برمته، وهذا لم يعد قراءة في الغيب إنما هو ما يتردد على غير لسان مباشرة أو مداورة… والمخفي أعظم!