شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الأزمة المستدامة
السياسة هي في المبدأ والممارسة والفقه «فنّ الممكن»، أمّا في لبنان فهي «عبقرية المستحيل». وليست مصادفة ان القيادات السياسية تبرع في ابتداع الأزمات حتى حيث لا توجد. وبالتالي لا نستغرب ان تتناسل الأزمات عندنا بهذا الكم الهائل والمروِّع في انٍ معاً. كأنّ الجماعة السياسية في هذا البلد المنكوب لا تجيد سوى تفريخ الأزمات حتى حيث لا موجب منطقي لتفريخها … ولقد يخال الينا ان أهل السياسة مجموعة من الساديين الذين يستمرئون تعذيب الناس والدفع بهم الى اليأس، ويستطيبون تفريغ الوطن من مقوِّمات التقدم وعناوين الازدهار والتطوّر والنماء …
العالم، القريب والبعيد، يسير في خطىً ثابتة نحو المستقبل ، وسط ثورة تكنولوجيا خرافية في قفزاتها غير مسبوقة السرعة ونحن نراوح في جحيمٍ من العلل والتشوهات والارتداد عمّا حققه الاباء المؤسّسون ، في زمن الريادة والفرادة عن سائر بلدان المنطقة قاطبةً ، يوم ارتقى لبنان الى طليعة جيرانه الأقربين والأبعدين، قبل أن يضربَنا تواطؤ الخارج مع تخاذل وانبطاح الداخل، فسقط الوطن اللبناني من عليائه الى ذيل اللائحة ، كمحصّلة حتمية لهذه الطبقة السياسية الهجينة التي لم يكتفِ شعبنا بأن ينصاع اليها، بل بالغ في افتدائها «بالروح … بالدم» ! وهذا الهتاف ليس مجرّد كلام في الهواء، اذ هو حقيقة صارخة تتمثل في عبودية القرن الحادي والعشرين عندما يعرف الجائع والمريض والذليل والعاجز عن القيام بأدنى تكاليف الحياة ان الذين يهتف بأسمائهم ليفتديهم بالروح وبالدم هم عصابات من الفاسدين والمجرمين والقتلة والجزارين والبائعين / الشارين في سوق نخاسة السياسة.
فأي مواطن مأزوم لا يعرف ويدرك يقيناً أنه جائع ومريض وفقير ومضطر الى الهجرة في مختلف ديار الله (…) بسبب هذا الزعيم وذاك القيادي وذلك المتصدِّر ؟!.
وأي مواطن لبناني، أياً كان انتماؤه وطائفته ومذهبه ومنطقته وقبيلته، يجهل الدور البشع الذي يضطلع به المسؤولون عنه في تعميق ازمة انتخاب رئيسٍ للجمهورية وما يترتب على الفشل الانتخابي الرئاسي فمن تجذيرٍ لمأساة الوطن؟.
باختصار: انه وطن يُحتَضَر بأيدي قَتَلَة معروفين، وخصوصاً بسبب هذا الشعب الذي ينقاد الى مقتَلَه بانصياع مخيف هو، في الحقيقة الصارخة، الوجه الأكثر وضوحاً للغباء و … الانهزام!