خلف: بعد صيرفة… لِمَ لا تكون بورصة بيروت هي الحل النهائي؟
تقدّم افتتاحية التقرير الشهري لجمعية مصارف لبنان عن أيلول ٢٠٢٣، مقالاً للأمين العام للجمعية الدكتور فادي خلف، هنا نصه: «من يقرأ بين السطور يرى بأن الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري قرر أن يعكس المسار، أقله من ناحية الشفافية ومصارحة العموم بعد أن أدرك الجميع بأن إدارة السياسة النقدية لا يمكن أن تستمر عبر الطرق المحاسبية المبتدعة أو الهندسات أو المنصات كما كانت تدار في السابق. مع أخذ القرار بعدم جواز الاستمرار بتوزيع أموال المودعين على المستفيدين من صيرفة، تُطرَح اليوم فكرة تداول الدولار كما كان يجب أن يكون منذ بداية الأزمة، عبر سوق حرة لا تخضع لأساليب مصطنعة بددت المدخرات من دون أن تؤول إلى النتيجة المرجوة، لا بل فاقمت من أزمة الدولار فارتفع ٦٠ ضعفاً في ٤٢ شهرا فيما لم يرتفع إلا ١١ ضعفاً خلال الفترة عينها من الحرب. رغم الحرب وشوائبها، كان يتم تداول الدولار بطريقة طبيعية، شراءً وبيعاً عبر المصارف وكان دور الصيارفة يقتصر على فترات بعد الظهر وأيام الإقفال. كان المصرف المركزي يتدخل بائعاً وشارياً عبر المصارف (وليس عبر الصيارفة) كلاعب رئيسي من دون أن يمس بأموال المودعين ولو بدولار واحد. يجري الحديث اليوم عن العودة إلى الوسائل التقليدية ولو بعد تأخّر دام ٤ سنوات بعد أن أثبتت الطرق المبتدعة في السنوات الأخيرة عقمها ونتائجها الكارثية.
من المنصات المطروحة حالياً منصات عالمية أثبتت فعاليتها عبر السنين وهي عديدة، وقد كان لي شرف التعامل معها في مواقعي السابقة كرئيس لبورصة بيروت وبعدها كأمين عام لاتحاد البورصات العربية. من اللافت أنّ الانطباع لدى الرأي العام كان يميل إلى الاعتقاد بأن التعامل مع سوق القطع هو مرتبط بشخص الحاكم السابق وأنّ التعامل مع منصات عالمية يتطلب فترة طويلة من الزمن لوضعها موضع التنفيذ في لبنان. لكننا ننسى أو نتناسى بأنّ لبنان مجهّز بمنصة تعمل بنظام تداول عالمي اسمها «بورصة بيروت».
بحكم ترأُسي لهذه البورصة لفترة عشر سنوات، أستطيع أن أجزم بأنّ هذه المنصة قادرة على تأمين التداول الطبيعي بالدولار عبر طرق شفافة وسهلة وفي فترة قصيرة جداً. فما هي إيجابيات الطرح الذي يمكن أن يستفيد منه المصرف المركزي بتعاونه مع بورصة بيروت ومع المصارف في هذا المجال؟
1- يتم التداول حالياً في بورصة بيروت بعدد من الأسهم ومنها سوليدير ولا شيء يمنع من أن يتم إدراج الدولار عليها ليتم تداوله مقابل الليرة كأي أداة مالية أخرى (وهذا ما يؤكده أيضاً تقنيو الإدراج والتداول في البورصة).
2- إن خصوصيات سوق الدولار في لبنان تتطلب تعديلات كبيرة على المنصات العالمية قد تأخذ وقتاً لا يستهان به كما تتطلب فترة تجربة وتدريب قد تطول، فيما بورصة بيروت مربوطة بعدد لا بأس به من المصارف التي تدرّب موظفوها على مدى عقود من الزمن على استعمال تقنياتها من دون أي شوائب، فلا حاجة إلى إضاعة الوقت بفترات من التدريب والاختبار.