فحيلي لـ «الشرق»: التوتر في الجنوب سيكون له تأثير كبير ليس فقط على اقتصاد المنطقة بل على كل لبنان متوقّعاً انكماشاً اقتصادياً وحدوث انخفاض في الإستهلاك
كتبت ريتا شمعون:
في وقت لا يتحمل الإقتصاد اللبناني أي خضة، بمعنى أن تداعيات أي تطور أمني كبير ستكون كارثية على كل القطاعات في الإقتصاد اللبناني، فإن مخزونات الأدوية، والغذاء، والقمح، والمحروقات، لن تكون بأمان، فعملية طوفان الأقصى والأحداث التي تحصل في الجنوب كان لهما تأثير على الأسواق التجارية حيث شهدت قطاعات تتعاطى بالمنتجات غير الأساسية تراجعا، على خلفية تلك الأحداث الأمنية إذ ان المواطنين بطبيعة الحال يؤجلون شرائها الى حين اتضاح مسار الأمور.
إن الملاحظ حاليا هو أن الدولار في مأمن من أي اهتزازات، بالتالي سيبقى على وضعه الراهن، هل لأن هذا الأمر يعود الى إجراءات ينفذها مصرف لبنان لضبط السوق، ولجم المضاربات التي قد تستغل الأوضاع الصعبة، علما أن السعر الموجود لدينا اليوم هو سعر سياسي مصطنع لا يمكن أن يدوم طويلا في حال حصول أي تطورات امنية على ساحة الجنوب.
في المعلومات، ان مصرف لبنان قام بإجراءات تمنع أي اهتزاز في سعر صرف الليرة أمام الدولار بسبب الأحداث الأمنية الحاصلة، وأشارت هذه المعلومات الى ان الإجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري انعكست طمأنة في سوق النقد اللبناني المستقر من دون اهتزاز يذكر، وان المصرف المركزي منع ضخ كميات من الليرة اللبنانية وفرض مراقبة على المضاربين الى جانب تدخله المحدود في السوق.
في أي حال، يتصاعد منسوب الخوف لدى اللبنانيين من امتداد شرارة الحرب الدائرة في قطاع غزة الى جنوب لبنان وتدحرج الأمور الى الأسواء، لا سيما ان اسرائيل وحزب الله يتوعدان، وترجما ذلك بتبادل رسائل أمنية متفرقة منذ عملية طوفان الأقصى. لا شك أن الحرب تلقي بظلالها على الآفاق الإقتصادية، يقول خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد الدكتور محمد فحيلي لجريدة «الشرق» معتبرا أن الخوف من تداعياتها تزيد من وطأة الضغوط وتفاقم التحديات المحتملة للحرب على مستقبل الإقتصاد. مضيفا: ليس من المهم كيف اندلعت الحرب ومن أطلق شرارتها، المهم هل سيكون الإقتصاد المحلي بمنأى عن تداعياتها، وأن يبقى بعيدا عن التاثر في ظل الأزمة التي يعيشها لبنان؟
وقال: تبرز تداعيات الحرب في مجموعة من المؤشرات السلبية التي تهدد الاقتصاد المحلي ويمكن إيجازها ضمن النقاط التالية:
– انخفاض الإستثمارات من جانب القطاع الإنتاجي.
– تقلبات وخروج رؤوس الأموال وتأثيره على الإستقرار المالي.
– حدوث إنخفاض في الإستهلاك، أو الخوف من الحرب على الإستهلاك، فرغبة المواطن اللبناني على الـ shopping تتقلص بسبب شبح الحرب مشيرا الى ان العافية الإقتصادية التي عاشها لبنان في العامين 2022 و 2023 كان وراءها نمو حادّ وملحوظ في الإستهلاك.
وإذ لفت فحيلي، الى ان لبنان حيث الصناعة العسكرية معدومة، ولا يملك من الأسلحة والمعدات، ولا يزال يحاول إعادة تسليح نفسه وتحديثه من خلال المساعدات ومشتريات جديدة من دول مختلفة، يرى ان تبعات أي حرب ستكون صعبة على اللبنانيين كافة، ذلك حتى لو اندلع الصراع فقط على الجبهة الجنوبية اللبنانية، بين حزب الله واسرائيل.
واعتبر فحيلي، أن التوتر في هذه المنطقة سيكون له تأثير كبير على المواطنين الذين نزحوا، وعلى اقتصاد هذه المناطق ، متخوفا من أن تدفع الأحداث الأمنية المحتملة الى مزيد من التأزم، خصوصا ان لبنان يعاني منذ العام 2019 من أزمة اقتصادية ومالية ومصرفية خانقة أفقدته جميع مقومات الصمود.
وأضاف في سياق آخر، أن الخوف من تمدد الصراع يشلّ الحركة الإقتصادية بحيث لم تتمكن
أجهزة الدولة من تحصيل الإيرادات الناتجة وفقا لاحكام نظام ايرادات الدولة وجباية الضرائب.
وتابع قائلاً: الحرب قد تفقد الناس ثقتها بقدرة الدولة على مواجهة تداعياتها بالحفاظ على الإقتصاد وعلى المنظومة المالية والنقدية وقد لا نكون في غنى عن التذكير بأن السنوات الأربع الأخيرة خلّفت آثارا مدمرة في هذا المجال، أمام هذا الواقع يوضح فحيلي، أن مهمة مصرف لبنان هي الحفاظ على الإستقرار النقدي ، لطالما شهد لبنان محطات أمنية خطيرة على مدى الأعوام 2005 اغتيال الرئيس الحريري، 2006 حرب تموز، و7 أيار 2008، وكان مصرف لبنان يتدخل كل مرّة لضبط سعر الصرف، متوقعا أن يتدخل مصرف لبنان مجددا إذا اتسعت رقعة الحرب.
ويرى فحيلي، أنه لن يكون هناك تأثير يذكر على سعر صرف الدولار في السوق الموازي بسبب نسبة الدولرة العالية حاليا، مشيرا الى ان القطاع الخاص مدولر بنسبة 99%، والقطاع العام يعمل جاهدا على دولرة ايراداته، مضيفا: الإقتصاد مدولر والدولة ذاهبة الى دولرة ايراداتها، ولن يكون هناك ردة فعل لإزدياد الطلب على الدولار بل متوقعا إنكماش الاستهلاك وتأثيرات اقتصادية لا علاقة لها بسعر الصرف.