دريان عاد من القاهرة: مواجهة الأزمات لا تكون بتأجيجها بل بلجمها ومواجهتها
عاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان من القاهرة بعد مشاركته في المؤتمر العالمي لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وكان قد التقى قبيل عودته مفتي جمهورية مصر العربية الشيخ شوقي علام وبحث معه في الشؤون الإسلامية وتعزيز العلاقات وتطويرها بين دار الفتوى في لبنان ودار الفتوى في مصر.
قدم المفتي دريان في جلسات المؤتمر بحثا علميا في موضوع «التعايش ودوره في مواجهة الأزمات»، ومما قاله: «إن مواجهة الأزمات لا تكون بتأجيجها، وإنما بلجمها فضلًا عن محوها، ومن لوازم مواجهتها إيجاد مناخ للحرية الدينية، من دون إدماج أو إلغاء للآخر، ومن هنا وضع الإسلام ضوابط لذلك التعايش بين مختلفي العقيدة كما المذهب والعرق، بحيث لا ينقص من اعتزاز الانتماء للدين، أو يقلل من شأن الآخر، لما فيه من ظلم وتهميش ومس بكرامة إنسان مكرم من قبل الله تعالى، والأصل في التعامل هو دعوة الآخرين بالتي هي أحسن، والرفق واللين، كما النظر إليه كفرد له حقوق وواجبات يجب احترامها والتزامها، وعدم التقليل من شأنه بناء على مذهبه أو ديانته، فضلا عن لزوم تحقيق العدالة المجتمعية، بحيث يحكم العقل والصواب والإنصاف، ومراعاة الحقوق المدنية للجميع من دون تمييز، على أساس العرق أو اللون أو النسب، فضلا عن الدين، ومن ثواب ذلك أن يتجنب الإساءة للغير؛ لأن الإحسان هو ركيزة من ركائز العيش بين أبناء المجتمع، فتنتشر الرحمة ويعم التسامح والطمأنينة والسلام بين الناس، فيتضامن المجتمع ويتحد، ويقضى على النزاع والخلاف أفرادا وجماعات، فكان لا بد من الاعتراف بوجوده، وبكرامته الإنسانية الوجودية، ومواطنته الكاملة، وبخصوصيته وتمايزه وفروقه، والتعاهد والتعاقد الذي يؤسس للاحترام الشامل المتبادل، والانفتاح والتواصل البيني، والتعايش الطبيعي، ويعزز اللحمة البينية لمكونات المجتمع، ويوثق فرص التكامل لتحقيق المصالح العليا للجميع، وعليه فتتحد الجهود لخدمة المجتمع تعاونا وتكافلا وتضامنا، وتزرع المحبة، وتتحقق الثقة، وتقوى الروابط، ويتحقق الاحترام المتبادل ضمن محاور الحوار الخلاق، والتفاهم بين أفراد المجتمع، بما فيه من احترام لمغايرته وخصوصيته الدينية والمذهبية، والفكرية والتاريخية، ولهجته الخاصة، وحريته، وخياراته وقراراته».