فحيلي لـ «الشرق»: التعميم 682 أوقف عملية «الهيركات» ووضع عملة جديدة من فئة 100 ألف ليرة ولا أثر مباشراً له على سعر العملة الوطنية
كتبت ريتا شمعون:
إهتزّ الإقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمات، وتجمدّت الحركة الإقتصادية منذ مطلع الشهر الماضي على خلفية حرب غزة والمواجهات الأمنية في الجنوب، لكن بقاء جبهة الجنوب من دون توسع كما هي الحال منذ أسابيع مضت، قد يسمح بإعادة تنشيطها ويشجع المغتربين اللبنانيين الى المجيء الى لبنان لقضاء عطلة عيد الميلاد ورأس السنة.
ويعزز هذا التوجه وجود استقرار نقدي، لم يتأثر بمجريات الحرب في جنوب لبنان، وإجراءات أعلن عنها مصرف لبنان عن إزدياد الإحتياطي بالعملة الوطنية لديه، والتعميم 682 بزيادة فئة جديدة كانت حرمت سابقا الإستفادة من اﻟ300 دولار اميركي شهريا، لتنضم اليوم الى المستفيدين من التعميم 158، وفق تعديل جديد أصدره حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري والذي يحمل الرقم 682… هذا التعميم 682 يسمح بموجبه للحسابات التي تم إقفالها أو نقلها من مصرف الى آخر بعد 2019-10-31 والتي لم تكن تستفيد من أحكام هذا التعميم بالإستفادة من أحكام التعميم الرقم 158. والتعميم 158 كما هو معمول به حاليا، يقضي بسداد 400 دولار نقداً للحسابات المستوفية الشروط المحددة وهي المودعة قبل 2019-10-31 والتي تستفيد منه منذ فترة ما قبل تموز 2023، و300 دولار للمودعين الذين أرادوا الإستفادة من التعميم في الفترة التي تلي تموز 2023.
الخبير في المخاطر المصرفية محمد فحيلي، يشرح في حديث لجريدة «الشرق» حيثيات التعميم 682، معتبرا أن التعميم الوسيط 682 معطوفا على التعميم الأساسي 158 يهدف الى توسيع رقعة الحسابات التي تستوفي شروط التعميم 158، ما يعني ان التعميم الجديد قد يزيد عدد المستفيدين ويرد جزءا من الأموال.
ورأى فحيلي، أن الأمر الذي يجعل من التعميم الوسيط 682 محاولة جدّية وايجابية، أنه أوقف عملية الهيركات على السحوبات التي سببها على مدى سنتين ونيف التعميم الأساسي 158 نفسه، وإلغاء سحب ما يعادل مبلغ 400 دولار شهريا بالليرة اللبنانية على أساس التعميم 158 الذي سمح للمودع بأن يسحب بموجبه نقدا 400 دولار شهريا، مشيرا الى ان نسبة عدد الحسابات التي ستستفيد من التعميم 682 لن يزيد عن 20 ألفا.
ويضيف فحيلي، من يستفيد من أحكام التعميم 682 بحسب البيان الصادر عن المجلس المركزي في مصرف لبنان، صاحب الحساب عن حساباته التي كانت موجودة لدى أي مصرف، بالعملات الأجنبية قبل تاريخ 2019-10-31 وتمّ تحويلها بعد هذا التاريخ الى مصرف آخر (في ما بعد المصرف المحولة اليه) وذلك في حال تمّت إعادة المبالغ التي يحق له الإستفادة منها الى المصرف المحول منه، ولا يشمل الحسابات التي تحولت من الليرة اللبنانية الى الدولار.
هي عملية معقدة، يقول فحيلي، كل مودع حوّل أمواله الى مصرف آخر، يمكنه التوجه الى مصرفه وسؤاله حول ما إذا كان حسابه يستوفي شروط التعميم 158 بعد التعديلات الأخيرة، فالحدّ الأقصى للإستفادة 50 ألف دولار اميركي كما كانت محددة في التعميم 158. وقد تخضع عملية الإستفادة من أحكام التعميم 158/682 لتنزيلات، وفق فحيلي، هناك أمور لا تزال ضبابية يجب توضيحها ومعالجتها.
وماذا يقصد فحيلي بالتنزيلات، فإذا المودع ادعى على المصرف يمكن للأخير أن يتذرع أن الحساب لا يستوفي شروط التعديلات الجديدة من أحكام التعميم 158، أو إذا كان صاحب الحساب من
2019-10-31 يسحب المال من حسابه بموجب التعميم 151 كل هذه الحسابات تصبح تنزيلات، وهناك احتمال أن الرصيد المتبقي أصبح ضئيل لدرجة لا يمكنه الإستفادة من هذا التعميم.
وأكد فحيلي، ان التعميم يحتاج الى الدرس، متخوفا في بداية تطبيق التعميم أن تعمد المصارف الى الإستنسابية بإجراءات المفعول الرجعي، سائلاً: هل يستفيد صاحب الحساب بمفعول رجعي عن الفترة الممتدة من تاريخ فتح الحساب في المصرف المحوّل منه، أو من تاريخ فتح الحساب في المصرف المحوّل اليه؟ هذا الأمر بحاجة الى توضيحات ومعالجات.
وعن مدى تأثير طباعة عملة جديدة من فئة 100 ألف ليرة ووضعها بالتداول، خلال الشهر الأول من العام المقبل، يوضح فحيلي، ما يقدم عليه مصرف لبنان يأتي ضمن إطار صلاحيات حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وان طباعة مصرف لبنان للعملة من فئة اﻟ 100 الف ليرة لن يزيد الكتلة النقدية، بالتالي لا أثر مباشرا له على سعر العملة الوطنية.
وأكد أن الورقة النقدية الجديدة تحمل المواصفات نفسها، مشيرا الى ان قياس الورقة النقدية الجديدة أصغر من قياس الورقة النقدية المتداولة حاليا من الفئة عينها، أما لون الورقة النقدية الجديدة هو ذات لون الورقة المتداولة حاليا من الفئة عينها، بالإضافة الى ان سمات الأمان هي ذاتها الموجودة على الورقة النقدية المتداولة.
ويشير فحيلي، الى انه لمعرفة إذا ما سيبقى سعر صرف الدولار مستقرا أم لا، يقول، سببان أساسيان، يمكن عرضهما، الأول: يكمن في التعميم 161 ودفع اجور القطاع العام بالدولار من مصرف لبنان، والثاني: إنتشار الدولرة لتتحول الى السمة الطاغية في التعاملات بين الناس بما فيها دولرة الرواتب والأجور في القطاع الخاص.
ويعود فحيلي الى التعميم الوسيط 682 ودوره الإيجابي، حيث من المتوقع ان يدرّ دولارات في السوق بدءا من شهر شباط من العام المقبل 2024، ما يسمح لمصرف لبنان، إذا كان بحاجة للمال ليموّل الدولة، ان يستحصل على دولارات من خلال الصرف الذي سيقومون به، لكونه لم يعد هناك سيولة كافية بالليرة في السوق، سيكون بائعا لليرة ومشتريا للدولار.
وما بين قدرة الحكومة على وضع خطة طوارىء وعدم قدرتها على تامين التمويل لها، وحسم منصوري انه لن يستخدم أموال الناس لإقراض الدولة ولن يسمح بتجفيف ما يملكه من احتياطي بالعملة الأجنبية، يرى فحيلي، أن أي خطة طوارىء استجابة الى الوضع الأمني المتدهور في الجنوب واحتمال توسع رقعتها لا يمكن أن تفضي الى طباعة العملة لتمويل مصاريف الدولة معتبرا ذلك بمثابة إنتحار اقتصادي، وختم فحيلي، قائلاً: ان الحلّ بعناونيه العريضة هو اكتمال السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة ، فالوضع الطارىء الذي يعيشه لبنان يتطلب إكتمال السلطة ولا شيء غير ذلك.