إسرائيل: قصفت المسجد العمري الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى في غزة
مُني جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس بفشل جديد في تحقيق أي هدف من أهداف العدوان التي وضعها ومن ضمنها تحرير أسراه عند “حماس” بالقوة، ليظهر للعالم بوضوح أن الحرب التي يشنها مجلس الغزو بقيادة نتنياهو وجنرالاته بعد 63 يوما من القتال الشرس والقصف الهمجي غير المسبوق للمدنيين الفلسطينين هي بلا هدف واضح ولن يكون مصيرها سوى الفشل الكبير وبالتالي النصر للفلسطينيين الذين يتحدون بدمائهم ولحمهم العاري مخطط التهجير الخبيث وهو ما بات يشعر الاحتلال الإسرائيلي باقترابه بينما بدأ حليفه الأميركي بعزل نفسه في مجلس الأمن الدولي من أجل منع وقف إطلاق النار وإعلان هزيمة المشروع الإسرائيلي.
وكان الولايات المتحدة استخدمت الفيتو مرة جديدة مساء أمس ضد مشروع قرار عربي لوقف إطلاق النار إنساني في غزة.
وأمس اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بفشل قواته في تنفيذ عملية كانت تهدف لتحرير رهائن من قبضة حركة حماس في قطاع غزة.
وقال متحدث باسم الاحتلال إن جنديين أصيبا بجروح خطيرة أثناء العملية، معتبرا أنها “لم تنجح”، من دون أن يعطي المزيد من التفاصيل.
وكانت حماس قد أعلنت في وقت سابق أمس أنها أحبطت محاولة لتحرير رهائن نفذتها قوات خاصة إسرائيلية في غزة.وأكدت الحركة “مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين بالإضافة إلى مصرع أحد الرهائن”، في عملية التحرير الفاشلة.
وذكرت كتائب القسام في بيان نشر عبر تطبيق تيليغرام “تم اكتشاف قوة صهيونية خاصة أثناء محاولتها التقدم لتحرير أحد أسرى العدو والاشتباك معها مما أدى إلى مقتل وإصابة أفراد القوة”.
وقال بيان القسام إن المحتجز القتيل كان جنديا أسيرا اسمه ساعر باروخ (25 عاما).
وأوضحت القسام أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تدخلت وقصفت المكان بسلسلة من الغارات للتغطية على انسحاب القوة المهاجمة.
وقالت القسام أيضا إن قصف الاحتلال الإسرائيلي “الهمجي” على مناطق مدينة غزة أدى إلى “مقتل وإصابة عدد من أسرى العدو”.
وقال إيلون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية في مؤتمر صحفي عندما سئل عن رواية حماس عن المداهمة الفاشلة “لن نعلق على الحرب النفسية التي تواصل حماس شنها ضد شعب إسرائيل”.
وأضاف “نحمل حماس المسؤولية الكاملة عن سلامة وصحة هؤلاء الرهائن”، وكررا طلب إسرائيل للصليب الأحمر بزيارتهم. ولم يلب هذا الطلب حتى الآن.
من جهتها قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إن المقاومة التي يواجهها جيش الاحتلال في خان يونس هي الأشد منذ بدء الحرب على غزة.
وأعلنت كتائب القسام، استهداف عدد من آليات جيش الاحتلال في المنطقة، وأكدت أن مقاوميها أوقعوا قتلى وجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية.
وأعلنت كتائب القسام استهداف تل أبيب وتجمع مفتاحيم بعدد من الصواريخ ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين، وأوضحت أن القصف استهدف أيضا مستوطنة سديروت في غلاف غزة بمنظومة الصواريخ “رجوم” قصيرة المدى من عيار 114مليمترا.
ودوّت صفارات الانذار في منطقة تل أبيب الكبرى وكذلك في كريات شمونة بالجليل الأعلى وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها تمشط مناطق في المدينة بحثا عن شظايا اعتراضات صاروخية، وفق تعبيرها.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ضابط برتبة رائد وجندي -أحدهما في كتيبة المدرعات 53 والثاني قائد دبابة من الكتيبة نفسها- في المعارك الضارية شمال غزة، بينما أصيب جندي ثالث بجروح وصفت بأنها بالغة الخطورة.
وبذلك يرتفع عدد الجنود والضباط الإسرائيليين الذين قتلوا منذ انهيار الهدنة الأسبوع الماضي إلى 25، بينما بلغ إجمالي الحصيلة منذ بدء العملية البرية 97، ليرتفع بذلك إجمالي عدد قتلى الجيش منذ 7 تشرين الأول إلى 421.
وفي سياق الدعم الإميركي المطلق لإسرائيل قال مسؤول أميركي حالي وآخر سابق لـ”رويترز”، إن إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من الكونغرس الموافقة على بيع 45 ألف قذيفة لدبابات “ميركافا” لإسرائيل.
وكانت الولايات المتحدة فتحت جسرا جويا لنقل الأسلحة إلى إسرائيل، منذ بدء عملياتها العسكرية على قطاع غزة.
إلى ذلك قالت حماس إن إسرائيل قصفت المسجد العمري الذي يرجع تاريخه إلى القرون الوسطى في غزة مما تسبب في دمار واسع النطاق للمبنى ووصفت ذلك بأنه “جريمة همجية شنيعة”.
وأضافت في بيان أن إسرائيل استهدفت “معظم المعالم التاريخية في قطاع غزة بما يشمل المساجد العريقة والكنائس التاريخية التي وقفت شاهدة على عراقة هذا الشعب العظيم”، بما شمل تدمير 104 مساجد وثلاث كنائس تاريخية.
من جهتها، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع ارتفعت إلى 17487 شهيدا في اليوم الثالث والستين للحرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة في إيجاز صحفي يومي، إن 70 في المائة من الأعداد المسجلة هي من النساء والأطفال، حيث تم توثيق استشهاد أكثر من 7 آلاف طفل جراء الغارات الإسرائيلية منذ بداية الحرب.
وأشار القدرة إلى أن عدد الإصابات التي تم تسجيلها جراء الحرب وصلت إلى 46480 فلسطينيا مضيفاً أنه وفي اليوم الثالث والستين للحرب، وصل إلى المستشفيات فقط 313 شهيدا و558 مصاباً خلال الساعات الماضية، ولا يزال عدد كبير من الضحايا “تحت الانقاض وفي الطرقات”.
في الضفة الغربية، استشهد ستة فلسطينيين امس برصاص القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها مخيم الفارعة في شمال الضفة واصيب ستة آخرون، جروح احدهم بالغة، بحسب ما أفادت وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية وجمعية الهلال الاحمر.
وقالت الوزارة في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه “استشهد ستة مواطنين بينهم طفل، وأصيب آخرون، أمس خلال العدوان الذي شنّته قوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم الفارعة، جنوب طوباس”.
وأفادت وكالة “وفا” بأنّ “مواجهات اندلعت مع القوات المقتحمة للمخيّم، وسط إطلاق نار كثيف وسماع أصوات انفجارات”.
على الصعيد السياسي شهد مجلس الأمن الدولي أمس مواجهة جديدة بين أطراف العدوان الثلاثي (إسرائيل – أميركا وبريطانيا) والدول العربية والغربية التي تدعو الى وقف الحرب فورا في غزة.
وكان من المقرر أن يصوت المجلس المؤلف من 15 عضوا أمس على مشروع القرار الذي صاغته الإمارات ضمن المجموعة العربية الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية.
وقال دبلوماسيون إنه تقرر تأجيل التصويت في المجلس بعدما أبلغت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا، الدول الأعضاء أن الإدارة الأميركية تعارض “وقفاً فورياً” لإطلاق النار في قطاع غزة.
وقال نائب المندوبة الأميركية روبرت وود، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي إن الولايات المتحدة “تدعم بشدة السلام المستدام الذي يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمن وسلام”، غير أنها لا تدعم الدعوات إلى “وقف فوري لإطلاق النار”، معتبرا أن ذلك “سيؤدي فقط الى زرع بذور الحرب المقبلة”.
وفي كلمته أما المجلس حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من «انهيار تام» للنظام العام في غزة، ودفع سكانها إلى اللجوء في اتجاه مصر، داعياً إلى وقف فوري للقتال بين إسرائيل و«حماس»، في حين سارعت الولايات المتحدة إلى إعلان رفضها أيّ «تهجير قسري» للفلسطينيين، مُعلنة استمرار معارضتها الجهود التي تُبذل لإصدار قرار يدعو إلى وقف النار.
وقال غوتيريش لأعضاء المجلس، إن «كابوساً إنسانياً يجتاح سكان غزة»، مضيفاً أنه استخدم المادة 99، وهي الأداة الأقوى لديه؛ «لأننا وصلنا إلى نقطة الانهيار». وحذّر من «عواقب وخيمة» للانهيار الكامل لنظام الدعم الإنساني في غزة، متوقعاً أن «يؤدي ذلك إلى انهيار كامل للنظام العام، وزيادة الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر». وعبّر عن خشيته من «عواقب مدمِّرة على أمن المنطقة برُمّتها»، مشيراً إلى امتدادات الحرب إلى الضفة الغربية المحتلّة ولبنان وسوريا والعراق واليمن.
وشدَّد على أنه «لا يوجد مكان آمن في غزة».
من جهته شدد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والدخول الكامل للمساعدات الإنسانية.وقال إن بلاده مستعدة لمناقشة ما الذي سيأتي بعد، بمجرد توقف القتال.
وقال بن فرحان: “نحن بحاجة إلى خارطة طريق موثوقة لإقامة دولة فلسطينية، ووقف القتال لا يبدو أولوية للمجتمع الدولي.”
من جانبه، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن فشل قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن اليوم، يعني رخصة لإسرائيل لمواصلة “المجزرة”.
إلى ذلك أفاد نائب المندوب الروسي، ديميتري بوليانسكي، بأن بلاده تعمل مع الصين والإمارات العربية المتحدة لوقف النار «فوراً» وحمل بشدة على إسرائيل، والدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة، وقال بالعربية إن بلاده «تحذِّر من نكبة» جديدة، مضيفاً أن روسيا «مستعدّة لمضاعفة جهودها» من أجل تحقيق حل الدولتين، وفقاً للقرارات الدولية وللمبادرة العربية لعام 2002.
بدوره أكد المندوب الصيني تشانغ جون، أن «وقف إطلاق النار وحده هو الذي يمكن أن يجنب الفوضى التي يمكن أن تحدث في المنطقة»، محذراً من أن «أزمة ذات نطاق أوسع صارت وشيكة».
من جانبه أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن عقد مؤتمر دولي للسلام ضروري لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى حل سياسي دائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
وفي مقابلة مع رويترز بمكتبه في رام الله، قال عباس (87 عاما) “أنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية والذي يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف”.
وأبدى عباس استعداده لإحياء السلطة وإجراء إصلاحات فيها وإجراء انتخابات عامة مشددا على موقفه الذي أعلنه دائما من تفضيله المفاوضات على المقاومة المسلحة لإنهاء الاحتلال.
وجاءت تصريحات عباس بعد أيام من إعلان البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، أن فيل جوردون مستشار نائبة الرئيس للأمن القومي الأميركي بحث مع مسؤولين فلسطينيين برام الله “تنشيط” السلطة الفلسطينية.
وأكد أن السلطة الفلسطينية التي يتم تنشيطها، يجب أن تكون قادرة على حكم قطاع غزة والضفة الغربية.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية قالت إن فريقا عسكريا بريطانيا يعمل في الضفة الغربية على إعداد السلطة الفلسطينية لتولي إدارة قطاع غزة، وتحسين قدراتها.
في جبهات أخرى استهدفت عدّة صواريخ فجر امس السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
ولم تتبنّ أي جهة هذا الهجوم بعد، لكنّه الأوّل يطال السفارة مذ بدأت فصائل حليفة لإيران منتصف تشرين الأول، شنّ هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ضدّ القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا بعد اندلاع حرب غزة.
ودعا متحدّث باسم السفارة الأميركية في بغداد امس الحكومة العراقية إلى “حماية” الطواقم والمنشآت الدبلوماسية ومنشآت التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وأضاف في بيان “تدلّ المؤشرات على أن الهجمات نفذتها ميليشيات موالية لإيران، تنشط بحرية في العراق”.
وفي أعقاب الهجوم، اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن مهاجمي البعثات الدبلوماسية “يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه”، داعيا القوات الأمنية إلى “ملاحقة” مرتكبي “الاعتداء”.
وقال في بيان إن “استهداف البعثات الدبلوماسية أمر لا يمكن تبريره، ولا يمكن القبول به، تحت أي ظرف”.
وكان مسؤول عسكري أميركي أكد في وقت سابق لفرانس برس أن “هجوماً بعدة صواريخ أطلق على قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية” في محيط قاعدة يونيون 3 ومجمّع السفارة الأميركية في بغداد، مؤكدا أنه “لم يتم تسجيل إصابات أو أضرار بالبنى التحتية”.
لكن في وقتٍ لاحق، أفاد جهاز الأمن الوطني العراقي لوكالة الأنباء العراقية بأن “أضراراً مادية في العجلات والأبنية” لحقت بمقرّه الواقع في المنطقة نفسها، بسبب هذا الهجوم.
ومساء امس، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق، في بيان، عن “اصطدام طائرة مسيرة مفخخة بمبنى مدني في أربيل” عاصمة الإقليم، مضيفاً أن الحادث لم يسفر عن سقوط ضحايا.