تباطؤ التوظيف في الولايات المتحدة بنسب تتجاوز التوقّعات والمواطنون قلقون
تباطأ نمو فرص العمل في الولايات المتحدة في تشرين الثاني، وفق بيانات حكومية صدرت امس لأسباب من بينها تأثير إضراب للعاملين في قطاع السيارات. وأضافت أكبر قوة اقتصادية في العالم 150 ألف وظيفة الشهر الماضي، وهو عدد أقل من توقعات المحللين ومن عدد 297 ألفا الذي تمّت مراجعته في تشرين الاول، وفق وزارة العمل.
وذكر التقرير بأن معدل البطالة ارتفع إلى 3,9 في المئة. وأشاد الرئيس جو بايدن بأرقام فرص العمل التي تم استحداثها في بيان، مضيفا أن نسبة الأميركيين في سن العمل الذين لديهم وظيفة أعلى من مستويات ما قبل الوباء. وقال إن «معدل البطالة بقي أقل من أربعة في المئة على مدى 21 شهرا متواصلا، وهي أطول مدة منذ أكثر من 50 عاما». وتعكس البيانات الأخيرة اتجاها قائما على تراجع النمو في الوظائف، وإن كان تأثير إضراب العمال يؤدي إلى تفاقمه.
ويُرجّح بأن تشكّل البيانات الأخيرة أنباء سارة بالنسبة لصانعي السياسات نظرا للمخاوف من أن التحسن الكبير في سوق العمل يمكن أن يساهم في رفع معدلات التضخم.
وقد صمد سوق العمل بشكل غير متوقع على مدى العام الماضي، وإن كان المصرف المركزي قد رفع المعدلات بشكل سريع لمكافحة التضخم، وهي خطوة تؤدي عادة إلى تباطؤ التوظيف وازدياد معدل البطالة. لكن النمو القوي في التوظيف والأجور سمح للمستهلكين بمواصلة الإنفاق فيما تراجع التضخم، ليدعم النمو الاقتصادي.
عزز ذلك الأمل حيال إمكانية تجنّب الولايات المتحدة الركود رغم رفع معدلات الفائدة.
وارتفع معدل الإيرادات الساعية في تشرين الأول بنسبة 0,2 في المئة، مسجّلة تراجعا عن الشهر السابق، بحسب بيانات وزارة العمل. كما ارتفعت الأجور بنسبة 4,1 في المئة عن العام السابق، وهو أقل ارتفاع سنوي منذ حزيران 2021.
وأدى التقرير المرتبط بالوظائف إلى تحسن الأسهم في وول ستريت.
وأفادت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى «إي واي» ليديا بوسور في مذكرة بأن «تباطؤ التوظيف كان واسع النطاق»، مشيرة إلى أن التوظيف في قطاع الخدمات سجّل نموا بوتيرة أبطأ بكثير.
وقالت وزارة العمل إن «التوظيف في قطاع التصنيع انخفض بـ35 ألفا في تشرين الثاني ما يعكس تراجعا بـ33 ألفا في المركبات الآلية والقطع إلى حد كبير بسبب الإضراب». وأطلقت نقابة «عمّال السيارات المتّحدين» أول إضراب متزامن عن العمل في مجموعات صناعة السيارات «الثلاث الكبرى» — «جنرال موتورز» و»فورد» و»ستيلانتيس» — للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين أوضاع الموظفين. وشارك أكثر من 45 ألف عامل في الإضراب عندما كان في ذروته.
وقالت خبيرة الاقتصاد لدى «أكسفورد إيكونوميكس» نانسي فاندين هوتن إن تأثير التحرّك يعكس إضراب العمال والتسريحات المرتبطة به في شركات أخرى ضمن سلسلة الإمداد.
وأضافت في مذكرة بأن «نقابة عمال السيارات المتّحدين توصلت إلى عقود موقتة مع شركات السيارات الثلاث، لكن الاتفاقيات جاءت في وقت متأخر من الشهر لتنعكس في تقرير تشرين الأول بشأن الوظائف».
ويشير محللون إلى أن تأثير الإضراب موقت.
وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى «نيشنوايد» كاثي بوستيانتشيتش إنه عدا عن ذلك «ننظر في استئناف واسع النطاق لتباطؤ خلق الوظائف» يقوده قطاع الخدمات.
تراجع التضخم وأفاد خبراء اقتصاد في «إي واي» بأن «اعتدال نمو الأجور إلى جانب تباطؤ الطلب على السلع والخدمات وتراجع التضخم في الإيجارات وانخفاض القوة الشرائية يجب أن يؤدي إلى تراجع التضخم بشكل إضافي». يدعم ذلك إبقاء الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة الأساسي ثابتا في الشهور المقبلة. ويرجّح بأن يترك صانعو السياسات في الاحتياطي الفدرالي الباب مواربا أمام تشدد نقدي إضافي، لكن يتوقع عدد من خبراء الاقتصاد بأن رفع المعدلات توقف حاليا.
وتتوقع بوسور «ظروف سوق عمل أقل حدة» مع تجميد للتوظيف وجهود تغيير حجم القوى العاملة، بينما يتباطأ نمو الأجور. وقالت إنه من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة.