لجنة تحقيق برئاسة موفاز بأحداث 7 تشرين الأول
انهيار «الكابينيت»: بسبب رفض البلطجية تشكيل هاليفي
جاء انهيار اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، ليلة أول من أمس، بعدما هاجم عددٌ من الوزراء المتشددين قائد جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، بعدما كشف عن تعيينه الجنرال في الاحتياط شاؤول موفاز رئيساً للجنة فحص ما جرى في السابع من أكتوبر وما بعده، رغم أنه كان قد سبق وأيّد عملية فك الارتباط عن غزة، عام 2005، وهذه، بنظرهم، بداية الفشل الإستراتيجي الكبير المتمثل في “طوفان الأقصى” ومفاعيلها العميقة والخطيرة. وكان من المفترض أن يبحث الاجتماع المتفجّر، في تلك الليلة، سؤال “اليوم التالي” للحرب، بعدما كان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يعارض التداول به، رغم ضغوط الجيش والرأي العام والضغوط الأميركية. بل كان من المفترض أن يتباحث مجلس الحرب في “سؤال اليوم التالي”، قبل أيام، لكن الوزيرين المتطرفين الغيبيّين باتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير هدّدا نتانياهو بتفكيك الائتلاف الحاكم، إذا ما تباحث مجلس الحرب بسؤال “اليوم التالي”، زاعمين أن هذه سؤالٌ سياسي ينبغي التباحث به في المجلس الوزاري السياسي- الأمني وفي الحكومة، وليس في مجلس الحرب، وهذا ما حصل، حيث سارع نتانياهو للتراجع ونقل الموضوع لاجتماع الليلة الفائتة، والذي تحوّل لـ “كمين” و”حمام ساخن” لقائد الجيش، وفيه تعرّض لهجوم من أربعة وزراء على الأقل، فيما كان نتانياهو يصمت و”يتفرّج” مستفيداً من هذا الموقف الذي يصبّ الماء على طاحونته، فهو الآخر كوزرائه يتهم المستوى العسكري بالفشل الاستخباراتي الذريع، في السابع من أكتوبر، ولكن ليس فحسب، فهناك حسابات واعتبارات مشتركة له ولهم خلف هذا الهجوم وخلف الاستنكاف عن البحث الحقيقي الجاد لسؤال “اليوم التالي”. طبقاً للتسريبات الإسرائيلية الصحافية، كان من المفترض أن يتم اجتماع هام، يأتي بعد 90 يوماً من الحرب على غزة، وفيه يتم اتخاذ قرار بهوية الجهة التي ستدير القطاع بناء على فرضية إسرائيل أنها ستنتصر في هذه الحرب الفاشلة حتى الآن. وتقول هذه التسريبات إن وزير الأمن يواف غالانت طرح خطة المؤسسة الأمنية لمواصلة السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وسط محاولة تهيئة جهات محلية لإدارة الشؤون المدنية. في هذه اللحظة شنّ سموتريتش وأعضاء حزبه هجمة على المستوى العسكري بدعوى أنه يواصل الغرق في ذات العقيدة الإستراتيجية التي أفضت للسابع من أكتوبر. ثم طالب سموتريتش وزمرته بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة واستعادة المستوطنات فيه، وانضم الوزيران من الليكود ميري ريغف ودافيد امسالم اللذان صعّدا الهجمة على قائد الجيش بعدما تبيّن أنه شكّلَ طاقماً للفحص برئاسة موفاز، وانضمّ لهم الوزير بن غفير ووجّه اتهامات قاسية للجيش بالفشل اتسمت بطابع الهجوم الشخصي. في المقابل، وفيما واصلَ نتانياهو الصمت والمشاهدة، تصدّى الوزراء غانتس وبيطون وطروبر دفاعاً عن جيش الاحتلال وقائده هاليفي. وفي لحظة معينة تدخّل نتانياهو، وقال إن الجلسة في هذا الموضوع انتهت، وسنكمل لاحقاً، وبذلك انهار الاجتماع، ولكن ليس فقط على خلفية اختلافات حول موضوع النقاش “اليوم التالي”. ومن غير المستبعد أن يكون نتانياهو شريكاً في ترتيب هذا الكمين مسبقاً من أجل خدمة مآرب عدة: مواصلة وَصْم المؤسسة الأمنية وتلطيخها بتحميلها مسؤولية الفشل حصرياً في إطار دحرجة المسؤولية نحوها، وتخليص المستوى السياسي بقيادته منها، وتفجير الاجتماع قبل أن يبدأ بالتداول الفعلي بسؤال “اليوم التالي”، الذي تعرضه هذه الحكومة الرافضة لعودة السلطة الفلسطينية وتخشى من عودة فكرة الدولتين مجدداً بعدما ظنوا أنها ماتت. أكثر من ذلك، فبعض الوزراء المستوطنين المتشدّدين، ومنهم بن غفير المدان بالإرهاب في محكمة إسرائيلية، يصعّدون الضغوط على نتانياهو للسعي لتطبيق فكرة التهجير بموازاة التدمير، علاوة على بناء مستوطنات داخل القطاع مجدداً، وبالنسبة لهم؛ فإن كل شيء أقل من ذلك سيعتبر هزيمة لإسرائيل. ومن جهة أخرى، فإن التداول في “اليوم التالي” سيؤدي لزعزعة أسس الائتلاف الحاكم، وهذا بالنسبة لنتانياهو مفترق طريق بين المصلحة الشخصية بالإبقاء على التحالف مع المتشددين الغيبيّين كي يبقى في الحكم وبين مصالح إسرائيل العليا. مثل هذه الفضيحة من شأنها أن تلحق ضرراً إضافياً بصورة ومكانة الحكومة بعيون الإسرائيليين، في ظل حرب مكلفة لا تحقق أهدافها العالية، مثلما أن ذلك سيدفع غانتس وأعضاء حزبه للبحث عن فرصة لمغادرة الحكومة التي انضموا لها بسبب الحرب ولفترة مؤقتة. وستزداد الضغوط على غانتس وايزنكوت لمغادرة هذا الائتلاف مع استمرار الحرب دون طائل، وازدياد عدد القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال، ومن دون تحديد أهداف لاستمراريتها، وحبل صبر هؤلاء بات قصيراً جداً، خصوصا في ضوء استمرار المساعي المفضوحة لنتانياهو من أجل البقاء، وفي ظل الكشف عن الخسائر الحقيقة، وسيأذن خروجهم من الحكومة ببدء الحرب الداخلية مجدداً في الشوارع، ما يفتح سيناريو الإطاحة بنتانياهو، أو الذهاب لانتخابات عامة جديدة.
12500 معاق
وفي هذا المضمار، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”،، عن أعداد مدهشة للجرحى في الجانب الإسرائيلي، منوهة أنه حسب وزارة الأمن تم حتى الآن، ومنذ الحرب على غزة، تقديم نحو 20 ألف طلب لقسم التأهيل الجسماني والنفسي، مرجحة أن يعلن، خلال العام الجاري، عن 12500 جندي إسرائيلي معاق، معظمهم معاقون جسمانياً جراء إصابات في الحرب، بما ينسجم تماماً مع تقارير المقاومة الفلسطينية يومياً. وحسب هذا التحقيق العبري، فإن عدد الجرحى في هذه الحرب يعني حدثاً قومياً بمقاييس تاريخية تتطلب إعادة انتشار خاصة للجيش. وتنقل الصحيفة عن جهات في وزارة الأمن خشيتها من احتمال انهيار قسم تأهيل المصابين العسكريين، ويأتي مثل هذه الكشف تزامناً مع الكمين ضد هاليفي، وشجارات الحكومة الإسرائيلية ليزيد من حال الضغط الداخلي وتصاعد النقاش حول الحرب وجدواها ونهايتها و”اليوم التالي”، علاوة على ارتفاع أصوات تطالب بإسقاطها، كما جاء في تصريح رئيس المعارضة يائير لبيد، الذي قال إن هذه الحكومة فاشلة وفاسدة، ولا تستحق تضحيات الجنود. واللافت ان الصحيفة وصفت ما حصل في مجلس الحرب بان وزراء التطرف هم عبارة عن “بلطجية” يعملون في سيرك بيبي (نتانياهو). ومن المرجح أن تتفاعل الخلافات الداخلية أكثر، في ظل حالة إحباط تلازم قادة الائتلاف، نتيجة انهيار “خطة الإصلاحات القضائية”، بعدما ألغت المحكمة العليا قانونين جوهريين بادرَ لهما هذا الائتلاف، رغم كونهما إشكاليين، ونتيجة تراكم الرواسب الشخصية، بعد مسيرة تشظ وخلافات سياسية واجتماعية وشخصية أيضاً ترافقها مخاوف من احتمال سقوط الحكومة بعدما تنتهي الحرب التي تبدو مكلفة وموجعة للجانب الإسرائيلي أيضاً، كما هي في الجانب الفلسطيني، وهذه القيادة الإسرائيلية تدرك أنها على موعد مع حساب داخلي عسير.