مقوّم لـ «الشرق» : 80% من شركات الشحن العالمية حوّلت مسارها من البحر الأحمر ومن غير المستبعد التماس إرتفاع أسعار البضائع في لبنان

مقوّم لـ «الشرق» : 80% من شركات الشحن العالمية حوّلت مسارها من البحر الأحمر ومن غير المستبعد التماس إرتفاع أسعار البضائع في لبنان

كتبت ريتا شمعون:

بينما يستمر النقاش البيزنطي إذا في حرب أو لا، تتالت الدعوات الى تجنب توسعها، علما ان رقعة الحرب هذه قد بدأت تتوسع نحو دول المنطقة، بحرب ساخنة أو باردة مع تداعيات كبيرة على كل اقتصادات العالم والبلدان المجاورة.

فمن الواضح أن أبرز الإنعكاسات لحرب غزة المستمرة تظهر جلية في المواجهات الأمنية في البحر الأحمر الذي تحول هذا البحر الى مسرح لحوادث أمنية ما بين الحوثيين اليمن والولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها بريطانيا واسرائيل.

يمثل البحر الأحمر حلقة الوصل البحرية الأسرع والأقصر بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وشريانا حيويا يمر من خلاله نحو 10% من إمدادات النفط المنقولة بحرا على مستوى العالم، و12% من التجارة العالمية وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

الأمر في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية لما تفرضه هذه النزاعات الأمنية من خطر على التجارة الدولية، فأعلنت أميركا وحليفتها بريطانيا الحرب على اليمن وتنفيذ غارات جوية ضدّ الحوثيين، وعليه، يبدو أن الحرب تتوسع فعليا وأن البحر الأحمر على صفيح ساخن.

وللبحر الأحمر أهمية إقتصادية وعسكرية وأمنية، إذ يمرّ عبره أحد أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية حيوية في العالم، وتمثل مضائقه وجزره نقاطا استراتيجية أمنية، مما جعله موضع صراع اقليمي ومحل تنافس بين القوى العالمية ومركزا لاحتشاد القواعد العسكرية الأجنبية.

فإن التهديدات التي تواجه الملاحة البحرية اليوم على خلفية الهجمات الحوثية على حركة ملاحة السفن التابعة لإسرائيل في محاولة للضغط على تل أبيب من أجل وقف عدوانها على غزة دفع العديد من شركات الشحن الى إعادة توجيه سفنها عبر طريق رأس الرجاء الصال، مما أدّى الى العديد من التاثيرات السلبية على قطاع النقل البحري العالمي، إذ يؤكد رئيس غرفة الملاحة الدولية في بيروت وممثل شركة سي لاين للشحن في لبنان سمير مقوّم في حديث لجريدة  «الشرق» أن عددا من الشركات العالمية علّقت رحلاتها عبر البحر الأحمر خشية تعرض السفن لاستهدافات أمنية. وأضاف: أن اقفال باب المندب يؤثر على طرق التجارة العالمية، إذ يلعب مضيق باب المندب وقناة السويس في البحر الأحمر دورا حيويا في سوق الطاقة العالمية وقطاع النقل، معتبرا أن عدم استقرار الأمن في البحر الأحمر سيؤدي الى زيادة تكاليف النقل ومدة العبور في التجارة العالمية بنسبة تقارب 43%. وأضاف مقوّم: أنه بسبب الوضع الأمني في البحر الأحمر، يواجه الوكلاء البحريون خاصة أولئك الذين يمثلون شركات مهمة تأتي من الشرق الأقصى الى بيروت حيث تحاول السفن اليوم الآتية الى بيروت السير في طريق بديلة أكثر أمنا لكن أكثر تكلفة في نفس الوقت مثل(طريق رأس الرجاء الصالح) حول أفريقيا وهو طريق طويل جدا ويزيد مبالغ التأمين والشحن، مؤكدا أن شركات الشحن العالمي غير مستعدة لتعريض بضائعها وفريق عملها لأي خطر، مشددا على اهمية قناة السويس المصرية التي تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط وهي أسرع وسيلة لشحن الوقود والمواد الغذائية والسلع الإستهلاكية من آسيا والشرق الأوسط الى اوروبا، وتوفر نحو 15 الى 30 يوما في المتوسط قبل اضطرار الشركات العالمية الى الإستعاضة عن هذه الطريق البحرية بطرق أخرى أطول فترة زمنية بنحو 45 يوما مبديا أسفه قائلاً: أن التكاليف المضافة على كل رحلة، سيتحملها المستهلك النهائي بالضرورة، في صورة زيادة أسعار السلع والخدمات حيث ترتفع بأكثر من الضعف.

وأفاد مقوّم، عن ارتفاع كلفة الشحن البحري بمقدار 4500 دولار للمستوعب الواحد 20 قدما،

في حين كلفة شحن مستوعب الـ40 قدما بنحو 7000 الى 8000 دولار أميركي، كما ان الوقت لتأمين وصول البضاعة أصبح يستغرق 40 الى 50 يوما نتيجة التاخير بدل من 20 الى 30 يوما قبل الأزمة من شأن ذلك أن يؤثر في عمليات التسليم.

وحذّر مقوّم، من أن أسعار السلع قد ترتفع الى أكثر من 4% وفقا للكلفة التي يتكبدها التاجر في فارق الوقت والتأمين، وقد أثرت أحداث الجنوب الأمنية والإعتداءات الإسرائيلية للبنان على أسعار السلع أيضا والخدمات الأساسية على مختلف جوانب الحياة، متخوفا من تفاقم الوضع الأمني، ما يؤدي الى خسائر اقتصادية كبيرة.

وفي السياق، يؤكد مقوّم، حتى الآن أوقفت السفن التنقل عبر البحر الأحمر وتحوّلت نحورأس الرجاء الصالح لكنه يقلّص هوامش تفاؤله لأن قراءته لما يحصل في البحر الأحمر وما نتج عنه من قرارات لشركات الشحن هو امتداد للحرب الدائرة في غزة، وكلما طال أمد الحرب وتوسعها في الجنوب ستفرز مصاعب ومخاطر وأكلاف.

وكشف، أن حوالى 80% من شركات الشحن العالمية حوّلت مسارها من البحر الأحمر، لافتا الى قناة السويس اليوم تعاني بعد أن أدّت النزاعات المسلحة في البحر الأحمر الى تحويل مسار إبحارها بعيدا عن هذا الممرّ موضحا ان عدد السفن العابرة لقناة السويس إنخفض نحو 40% منذ بداية العام مقارنة بعام 2023.

وقال، إن الزيادة الكبيرة في أوقات النقل قد تتسبب في فجوة في سلاسل الإمداد لكنها مكفولة، ولهذه الإجراءات كما قلنا تبعات اقتصادية دولية، للبنان حصة منها، ومن غير المستبعد البدء بالتماس ارتفاع أسعار البضائع قريبا.

وختم مقوّم، أن وكلاء النقل البحريين في لبنان عانوا من مشاكل عديدة بدءا من الأزمة المصرفية والمالية وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت وصولا الى حرب غزة والإعتداءات في جنوب لبنان التي تحمل تداعيات سلبية كثيرة على زبائنهم الذين خفضوا كميات البضاعة، ورغم ذلك كانت البواخر تأتي الى بيروت أو تصل الى مصر ومن ثم توزع البضائع من المرافئ هناك، مبديا قلقه من تفاقم الوضع الأمني ما يؤثر سلبا على حركة الملاحة البحرية.

Spread the love

adel karroum

اترك تعليقاً