المنتدى الاقتصادي الاجتماعي: الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي مدخله قضاء حر
وجه المنتدى الاقتصادي الاجتماعي، اثر اجتماعه الأسبوعي، رسالة الى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، نصت على ما يلي: «يتوجه المنتدى الإقتصادي والإجتماعي الذي يضم شخصيات وخبراء في القانون والإقتصاد والإجتماع إليكم بهذه المذكرة حول ازمة الودائع وتداعياتها القانونية والإقتصادية والإجتماعية والتي سلطت الضوء على القضاء اللبناني لجهة ضرورة القيام بواجبه الاخلاقي والوطني والإنساني قبل واجبه المهني. فمن الناحية القانونية يعتبر السطو على ودائع اللبنانيين، افرادا وجماعات، إعتداء صارخاً وإفتئاتاً على «الملكية الفردية» التي كفلها الدستور بموجب المادة ١٥ وما يترتب عليها من حقوق كرسها القانون. كما سجل اللبنانيون قيام القضاء الدولي بتجاوزه على القضاء اللبناني بهذه القضية كما في ملاحقة المسؤولين والمتسببين بالأزمة التي هي ازمة داخلية بالدرجة الاولى. وأبلغ مثال على ذلك حالة رياض سلامة الملاحق دوليا والمحمي سياسيا وامنيا في لبنان. ومن تداعيات ازمة الودائع انها في صلب ازمة الإنهيار المالي والإقتصادي التي يمر بها لبنان والتي صنفها صندوق النقد كثالث اكبر ازمة يشهدها بلد منذ مئة وخمسين عاما، مما يعني ضرورة استنفار كل مؤسسات الدولة وفي مقدمها القضاء لاحتواء هذه الازمة وإيجاد الحلول العادلة لها، خصوصا ان أصحاب المصارف الذين يستطيعون المساهمة الجدية في عملية الاحتواء يتمنعون عن القيام برسملة مصارفهم وإعادة الأموال الضخمة التي سحبوها او استثمروها من خارج أطر قانون النقد والتسليف. هذا مع العلم بأن ازمة الودائع اطاحت بالثقة المحلية والدولية في القطاع المصرفي اللبناني الذي يفترض ان يكون الرافعة لأي نهوض إقتصادي مقبل، واخرجت كتلة الودائع المدخرة التي تجاوز مقدارها مئة وعشرين مليار دولار من الدورة الاقتصادية، وساهمت بتعميق الفروقات والتفاوتات الاجتماعية بحيث ازداد الفقر بشكل مريع وتضاءل حجم الطبقة الوسطى، وافلست أو كادت، وكذلك صناديق التعاضد والضمانات الإجتماعية والصحية. وبسبب ازمة الودائع وتغييب العدالة وقصورها اندفع بعض اصحاب الودائع لأخذ حقهم بيدهم في حين مارست المصارف دوراً غير أخلاقي في التعامل مع المودعين ما شرّع الأبواب لمخاطر هيمنة شريعة الغاب على العلاقات الاجتماعية والمالية والسياسية في البلاد. بناء على ما تقدم، ولان الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي مدخله قضاء حر مستقل وقوي يطمئن المستثمر لبنانيا كان ام اجنبيا، ولان ازمة الودائع كشفت عن ثغرات وعيوب في العدالة القانونية، فان الإصلاح القضائي يتقدم برأينا على اي إصلاح آخر. إننا في المنتدى الإقتصادي والإجتماعي ندعو لقانون يؤمن إستقلالية كاملة وناجزة للسلطة القضائية ومن دون اي إلتفاف، إذ لا يجوز أن يغرب عن بالنا وسط الأزمة المتصاعدة أن السلطة القضائية هي السلطة الثالثة بموجب المادة عشرين من الدستور، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال ان تتخلى عن واجباتها. ونطالب بان تترجم هذه الإستقلالية إداريا وماليا من خلال التعيينات والمناقلات والترقيات مع كف يد السياسيين عن الجسم القضائي، مع تأكيدنا على ان إستقلالية القاضي هي قبل اي شيء فعل إيمان وممارسة. وهي تكمن في النفوس قبل النصوص. كما نطالب الحكومة ووزير العدل بتوفير مستلزمات العيش الكريم للقضاة. وندعو الجسم القانوني بجناحيه، القضاة والمحامين، ان يكون يدا واحدة الى جانب حقوق المواطنين واصحاب الودائع. ختاما؛ نذكر بقول لمونتسكيو: «ليس هناك طغيان وظلم اشد من ذلك الذي نمارسه في ظل القوانين وتحت بيارق العدالة».