د. محمد فحيلي خبير المخاطر المصرفية لـ «الشرق»: بلومبرغ… لا داعي لإنشائها… وهل تصحّ توقّعات مصرف لبنان بإطلاقها؟
كتبت ريتا شمعون:
إذا صحّ توقعه، يتوجه مصرف لبنان الى إطلاق منصة بلومبرغ مطلع شهر شباط المقبل، في حال انتهت الأمور التقنية، وما لم تطرأ أي مستجدات أمنية خطرة في البلد.
وفيما خلطت حرب غزة أوراق الشرق الأوسط وألقت بتداعياتها على لبنان وجنوبه، أعدّت حكومة تصريف الأعمال موازنة العام 2024 الممنوعة من الإنتقاد، ما يقودنا الى السؤال، كيف يستقر سعر صرف الدولار في الوقت الذي يعيش لبنان حربا على أرضه، وفي الوقت الذي سترتفع فيه أسعار السلع والمواد الغذائية بسبب ما يجري في البحر الأحمر؟
وفيما يسود إعتقاد في أوساط المقربين من حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بأن المنصة الجديدة منصة الكترونية للتداول في سوق القطع ستؤمن العرض والطلب على الدولار في السوق بوضوح من دون أي عمليات جانبية، يقودنا الى السؤال التالي، عن ضمانة شفافية العمليات المنفذة عبر بلومبرغ بما ان الفريق نفسه في مصرف لبنان الذي أدار صيرفة هو من سيشرف على المنصة الجديدة؟
الأمين العام لجمعية المصارف الدكتور فادي خلف، يقول إن لبنان يملك منصة يمكن استخدامها لتداول الدولار وهي بورصة بيروت تعمل بنظام تداول عالمي، وهي قادرة على تأمين التداول الطبيعي بالدولار عبر طرق شفافة وسهلة في فترة قصيرة جدا، هذا الكلام يقودنا أيضا الى سؤال ثالث، من هي المصارف الراغبة بالإشتراك في المنصة الجديدة والبدء بالتحضيير للمشاركة في التدريب الذي سيمكنهم لاحقا من العمل ضمن شروط التعاميم ذات الصلة؟
ما يثير قلق خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي، هو غياب الرقابة على أداء المؤسسات المصرفية في لبنان، موضحا في حديث لجريدة الشرق أن فاعليات بلومبرغ يجب ان تستند الى الشفافية، متخوفا من أن تعود المصارف الى عادتها القديمة الإستنسابية لإرضاء كبار زبائنها خصوصا ان لجنة الرقابة على المصارف مشلولة في الأصل، وهي لم تستطع لغاية اللحظة أن تقوم بدورها وتمارس مهامها، وتبدو عاجزة عن تسمية عضو بديل عن مروان مخايل الذي استقال في العام 2020 لو قامت بدورها الذي يقتضي السهر على سلامة القطاع المصرفي لما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم ويقول فحيلي، من ابرز مظاهر الشفافية والجدّية، أن أي خطوة ممكن أن يتخذها مصرف لبنان تتعلق بالعمليات النقدية الأجنبية يجب أن يقابلها خطوة باتجاه تفعيل قانون تنظيم مهنة الصيرفة في لبنان الكفيل بانتظام العمل في السوق الموازي مضيفا: المطلوب من مصرف لبنان ان يضرب بيد من حديد إذا تبين له أن مؤسسة صرافة خالفت أحكام قانون نظامها الأساسي أو عقدها التأسيسي. ويوضح في حديثه، عن منصة بلومبرغ الالكترونية، أن اعتماد أي منصة الكترونية تفرض وسائل دفع الكترونية، يتطلب حسابات مصرفية فريش سواء بالدولار أو باليورو أو بالعملة الوطنية وأي عملة أخرى، وهذه الحسابات متوفرة تحت أحكام التعميم الأساسي 165، مشيرا الى ان التداول بالعملات الأجنبية بحسابات الفريش اليوم يعزز عدم ثقة اللبنانيين بالمنظومة المالية في لبنان. خطوة بلومبرغ رأى فيها فحيلي، حركة بلا بركة لكنها يمكن أن تخلق فرص للمنفعة العامة شارحا: هي عبارة عن منصة تواصل بين العارضين والطالبين للأداة المالية، أو بمعنى آخر، تنظيم بيع وشراء العملة الأجنبية والعملة اللبنانية، لافتا الى ان نجاحها يعتمد على حجم التداول والعمليات المنفذة من خلال وسيلة التبادل هذه بلومبرغ. وأضاف في هذا السياق، أن العمليات تتم عبر بلومبرغ عن طريق التحويلات المصرفية الالكترونية للأموال، من دون اللجوء الى الأوراق النقدية، لكن الواقع الإقتصادي الراهن، يقول غير ذلك، إنه لا يشجع الذهاب باتجاه منصة بلومبرغ لأن التجار والمؤسسات والأفراد بجزء كبير منهم يهمهم التداول بالعملات الأجنبية نقدا كي لا يصرحوا عن حجم عملياتهم الإقتصادية، التي من الصعب توفيرها في هذه المرحلة من المصارف لأنها غير قادرة على تأمين السيولة لتلبية الطلبات، ما يدفع بالتجار الى تأمين هذه السيولة من السوق الموازي أو من شركات الصيرفة. وقال فحيلي، بلومبرغ لا داعي لإنشائها ما دام هناك محال صيرفة وشركات تحويل أموال تنمو أينما كان، تعدّ من الطرق الأسهل لتقديم الخدمات المالية داخل لبنان والخارج، والقيام حتى بأعمال الصرافة، واطلاق البطاقات المسبقة الدفع، فإنما يتم تأمين السيولة الأجنبية المطلوبة من خلال التعاون مع الوسيط أي المصرف التجاري، وإذا كان الهدف من منصة بلومبرغ إستقرار سعر الصرف، حاليا ننعم بمرحلة استقرار في سوق الصرف لشهور عديدة وأحد أسباب هذا الإستقرار بدأ مع منصة صيرفة ولا يزال مستقرا على الرغم من توقف عمل منصة صيرفة بموجب التعميم 157 المتهم بتشجيع المحتكرين الذين يستغلون الوضع الحالي لجني الثروات على حساب الناس. من هنا، لا يعوّل فحيلي على منصة بلومبرغ ويرى أنه لسنا بحاجة لإنشائها أو أي منصة أخرى، ولن تحدث تغييرات كبيرة في سوق الصرف، ويستغرب التعويل المبالغ فيه عليها في حين أن البيئة النقدية متوفرة في الوقت الراهن، وكذلك الحصول على الدولار وعلى أي عملة اجنبية متوفر أيضا، لكل المواطنين والمؤسسات والتجار.
ووفق فحيلي، لدينا ما يقارب 11 الى 12 مصرفا في لبنان لديها ما يسمى Screen Bloomberg يتبادلون من خلالها الرسائل وهذه الرسائل محمية وتشمل فقط المشتركين، مشيرا الى أنها من الممكن أن تتطور الى منصة تبادل بيع وشراء عملة أجنبية أو بيع وشراء أدوات مالية، كما وأن بورصة بيروت من الممكن أن تتطور في هذا الإتجاه.
ويعود فحيلي الى العام 2021 عندما أطلق مصرف لبنان منصة صيرفة بالتعميم 157 لتأمين عملية بيع وشراء الدولار من خلالها وبواسطة المصارف والصرافين للتجار والمستوردين والمؤسسات وأيضا الأفراد العاديين وألزم المصارف كافة التسجيل على المنصة متيحا لها حرية التداول، بحيث تجري عمليات الصرافة لزبائنها وتسجلها على المنصة وفق سعر الصرف المحدد من المصرف المركزي لكن للأسف، تحوّل غالبيتهم العظمى الى مضاربين، ما شكل سببا لمصرف لبنان أن يستبدل منصة صيرفة بمنصة تداول جديدة عبر بلومبرغ نظرا لافتقار صيرفة الى الشفافية.
ولعبت صيرفة دورا آخر، وفق فحيلي، من خلال التعميم 161 وينص على دفع المصارف لعملائها موظفي القطاع العام الرواتب والأجور وفق سعر صرف شبه مدعوم حاليا مشيرا الى ان الإستفادة منه ما زالت مستمرة ولم تتوقف.