خلف يكشف عن الخطوة المقبلة للمصارف بعد دعوى «ربط النزاع»
أسهب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف في الحديث عن موضوع «ربط النزاع والدعوى على الدولة» في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية، كاشفاً عن الخطوة التالية التي «تتمثل برفع دعوى غير مباشرة على الدولة فهي تأتي استكمالاً لخطوة ربط النزاع في حال لم تتجاوب الدولة مع المطالبات. علماً أنه من المتوقع أن تشارك في هذه الدعوى مصارف عدّة إلى جانب المصارف الأحد عشر»، مذكّراً بأن «أياً من المطالبات التي تقوم بها المصارف لن تعود في حال تحقيقها إلى المصارف مباشرة، إنما لمصرف لبنان، على أن يساهم ذلك في وفائه بالتزاماته تجاه المصارف». وهنا نَصّ الافتتاحية بقلم خلف: «في بيان صادر عن مصرف لبنان في 4-1-2024، أشار سعادة الحاكم بالإنابة الدكتور منصوري إلى وجود خسائر يتوجب على الدولة تغطيتها بموجب المادة 113 من قانون النقد والتسليف. هذه الشفافية ليست بجديدة على الدكتور منصوري الذي أثبت مرة أخرى التزامه بمبادئ الوضوح والشفافية في الإدارة المالية. من جهة أخرى، كان قد كشف المدقق الجنائي العالمي Alvarez & Marsal الذي أوكلته الدولة نفسها، عن حجم هذه الخسائر، مصنفًا الجزء الأكبر منها على أنه ناجم عن تغطية عجز الموازنات المتعاقبة للدولة. هذه النتائج تؤكد ما هو معروف بالفعل في الأوساط المالية، وتزيل أي لغط مغرض حول هذا الموضوع، موضحةً الصورة بشكل لا لبس فيه. في الوقت الذي تحاول فيه الدولة اللعب على وتر الوضع المالي المتعثر لتأجيل الوفاء بالتزاماتها، ينعكس هذا التأجيل حكماً على القطاع المصرفي ككل، ما يضع النظام المالي اللبناني بأكمله على المحك، إذ كيف يمكن لمصرف لبنان أن يفي بالتزاماته تجاه المصارف والمصارف تجاه مودعيها إذا ما تصرفت الدولة على أساس أن إنكار المسؤوليات كفيل بالتعمية على الحقيقة والتهرب منها؟ بالتالي، إن تصرف الدولة على هذا الشكل يتطلب خطوات مالية وقضائية حاسمة من قبل المصارف لضمان استقرار القطاع المصرفي وحماية مصالح المودعين. من هذا المنطلق، تقدمت المصارف بمذكرة ربط النزاع مع الدولة وتتحضر حالياً للتقدم بدعوى غير مباشرة عليها في حال لم تجد أي تجاوب مع مطالباتها.
لماذا انتظرت المصارف حتى اليوم للقيام بهذه الخطوة؟
حاولت جمعية مصارف لبنان طيلة الفترة السابقة عبر الاتصالات والاجتماعات التي عقدتها مع المسؤولين، حثهم على التوصل في أسرع وقت إلى حلول منطقية للأزمة التي تسبب بها مصرف لبنان والدولة وللاستحصال على توزيع عادل للمسؤوليات، لكن بدل ذلك جوبهت المصارف بمحاولة تحميلها كامل المسؤولية عن حالة ينطبق عليها بحسب المعايير الدولية تعريف «الأزمة النظامية» (Systemic Crisis). كان لا بد أيضاً للمصارف انتظار نتائج تقارير الخبراء العالميين لتبيان العجز في ميزانيات مصرف لبنان، فتتمكن بالتالي من مطالبة الدولة بتغطية هذا العجز تنفيذاً لأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف. من هذه التقارير، تقريري المدقق المحاسبي Oliver Wyman والمدقق الجنائي Alvarez & Marsal المعينين من الدولة نفسها، واللذين أظهرا: أولاً، أظهر المدقق الجنائي Alvarez & Marsal أن ميزانيات مصرف لبنان لم تكن صحيحة وكانت تظهر أرباحاً وهمية. لقد قام مصرف لبنان بتوزيع أرباح للدولة من جيب المصارف والمودعين، في حين كانت ميزانيته تخفي في الحقيقة عجزاً. ثانياً، حدد التقرير الجنائي قيمة العجز المتراكم في ميزانيات مصرف لبنان منذ 2015 حتى 2020، الذي تجاوز 51 مليار دولار. كما بدأ مصرف لبنان للمرة الأولى في مطلع سنة 2023 إظهار الدين العائد له بذمة الدولة اللبنانية والذي حدده بــ 16.5 مليار دولار. سعت مذكرة ربط النزاع، التي تقدم بها 11 مصرفاً، إلى إلزام الدولة بتسديد المتوجب قانوناً بذمتها لمصرف لبنان، وفق المبالغ المشار إليها أعلاه، أي ما يزيد على 68 مليار دولار، إضافة إلى العجز عن عامي 2021 و2022، يتوجب على الدولة إعادتها لمصرف لبنان ليتمكن بدوره من تسديد ودائع المصارف لديه فتعيدها بدورها إلى المودعين. أما الخطوة التالية وهي تتمثل برفع دعوى غير مباشرة على الدولة فهي تأتي استكمالاً لخطوة ربط النزاع في حال لم تتجاوب الدولة مع المطالبات. علماً أنه من المتوقع أن تشترك بهذه الدعوى مصارف عدّة إلى جانب المصارف الأحد عشر. الجدير بالذكر بأن أي من المطالبات التي تقوم بها المصارف لن تعود في حال تحقيقها إلى المصارف مباشرة، إنما لمصرف لبنان، على أن يساهم ذلك بوفائه بالتزاماته تجاه المصارف».