“حماس” ستنسف المفاوضات ومصر تحشد وستعلق معاهدة السلام
نتانياهو يضرب بعرض الحائط التحذيرات وسيهاجم رفح لئلا يخسر الحرب
لم يترك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، منفذاً للحوار حول اجتياح رفح أو للتراجع عن قراره، على رغم من التحذيرات الدولية والأميركية والفلسطينية من ارتكاب مجازر بحق 1.4 مليون فلسطيني في تلك المنطقة. ولم يكتف نتانياهو بطلب الإسراع ببلورة خطة الاجتياح لضمان تنفيذها قبل شهر رمضان، بل راح ينتقد ما سماه “العمليات العسكرية البطيئة للجيش في القطاع”. وطالب بتكثيف القتال واتساعه على أوسع منطقة لإنهائه خلال أقرب وقت ممكن.
وتتركز الأنظار هذه الأيام على رفح، المعقل المركزي لقيادة “حماس”، وفق الإسرائيليين، والورقة الأخيرة بيد إسرائيل لحسم القتال في غزة وتحقيق أهداف الحرب، وكما يكرر متخذو القرار، “تحقيق النصر الحتمي”، وهي المحافظة التي شكلت ملجأ الأمان للفلسطينيين خلال حرب “طوفان الأقصى”، حيث نزح إليها نحو 1.2 مليون فلسطيني لينضموا إلى نحو 180 ألفاً من سكانها، يحشرون في مساحة 55 كيلومتراً مربعاً فقط، أي بمعدل 27 ألف فلسطيني في كل كيلومتر مربع واحد لتشكل أعلى كثافة سكانية في العالم.
ووفق الوضعية الحالية لرفح، يعيش السكان والنازحون فيها بمعدل 27 فلسطينياً في المتر الواحد، بينما معدل القياسات الطبيعية للاكتظاظ تساوي ثلاثة إلى أربعة أشخاص في المتر الواحد.
رئيس الأركان، وبحسب ما تسرب، اعترض على حديث نتانياهو ووقعت بينهما مشاداة كلامية، حيث أوضح هيرتسي هليفي أن تنفيذ أي خطة يتطلب ظروفاً مواتية ووقتاً من الزمن إلى جانب ترتيب كيفية نقل 1.4 مليون فلسطيني وتوزيعهم على مناطق مختلفة في شمال القطاع. وقال هليفي إن “الجيش يعد خطة لكنها ما زالت غير مكتملة لعدم بلورة مخطط واضح حول المناطق التي سيتم نقل السكان إليها إلى جانب التفاهمات مع القاهرة في شأن محور فيلادلفيا”.
مع ذلك، أبلغ نتانياهو واشنطن وعدداً من دول المنطقة بأن إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية عسكرية لاجتياح رفح، مؤكداً أنه “لا تراجع عن تنفيذ هذه العملية لأهميتها العملياتية والاستراتيجية”. وخلال اجتماعه بوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في زيارة الأخير إلى تل أبيب، أبلغه بأن العملية ستنفذ في غضون أسبوعين.
رفي المقابل قال تلفزيون الأقصى التابع لحركة “حماس” نقلاً عن قيادي كبير قوله إن أي هجوم بري للجيش الإسرائيلي على مدينة رفح الحدودية بقطاع غزة يعني “نسف مفاوضات التبادل”.
ونقلت القناة عن القيادي بالحركة قوله أيضاً إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو “يحاول التهرب من استحقاقات صفقة التبادل، بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة في رفح”.
وكان نتانياهو قد قال إن جيشه سيضمن “ممراً آمناً” للمدنيين قبل الهجوم المرتقب على مدينة رفح في قطاع غزة، وذلك في مقابلة مع قناة تلفزيونية أميركية.وذكر نتانياهو مناطق في شمال رفح “تم تطهيرها ويمكن استخدامها كمناطق آمنة للمدنيين”، على حد قوله.
ورد نتانياهو على المنتقدين القلقين في شأن مصير المدنيين في حال شن هجوم على رفح، قائلاً “أولئك الذين يقولون إننا يجب ألا ندخل رفح مطلقاً. يقولون لنا في الواقع إننا يجب أن نخسر الحرب، ونترك (حماس) هناك”.
وحذر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل السبت من هجوم محتمل للجيش الإسرائيلي في رفح قال إنه سيكون بمثابة “كارثة إنسانية لا توصف”.
وتواصلت التحذيرات من شن إسرائيل هجوماً برياً على رفح من مصر والاردن والامارات وايران وبريطانيا وفرنسا واميركا وسيتواصل نتانياهو مع الرئيس الاميركي جو بايدن بهذا الامر. وحذرت الخارجية السعودية في بيان السبت “من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة”.
وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيس لإسرائيل، قد أعربتا عن مخاوفهما من عملية في رفح.
وقال مصدران أمنيان مصريان السبت إن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرقي سيناء في الأسبوعين الماضيين في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤولين مصريين، قولهم إنّ القاهرة “أرسلت تحذيرات لاسرائيل من أن أيّ عملية برية في رفح، ستؤدي إلى تعليق فوري لمعاهدة السلام بين البلدين”.
وكشف المسؤولون المصريون، أنّ “وفداً مصرياً زار تل أبيب، يوم الجمعة، لإجراء محادثات مع نظراء إسرائيليين، حول الوضع في رفح”، موضحين أنّ “المسؤولين الإسرائيليين يحاولون إقناع مصر بالموافقة على بعض التعاون، في ما يتعلق بالغزو البري، وهو الأمر الذي لا تقبل به مصر”.