البواب لـ «الشرق»: التعميم 166 لا يشكل حلاً لأزمة المودعين ولو أن المصارف غير قادرة على تطبيقه لما كان صدر من الأساس
كتبت ريتا شمعون:
بالطنّة ورنّة ولد تعميم مصرف لبنان الجديد 166 وبتسويق اعلامي غير مسبوق وقّع حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري على هذا التعميم الذي يتيح لأصحاب الحسابات الدولارية التي تمّ فتحها بعد تاريخ 31 تشرين الأول من العام 2019 سحب 150 دولاراً شهريا وفق شروط معقدة يدفع المبلغ مناصفة من المصرف المركزي والبنك المتعاقد مع المودع، فذلك يعني أن اتفاقا تمّ بين مصرف لبنان وجمعية المصارف على تقاسم المسؤولية.
وإن بدأت بعض المصارف فعليا بتطبيق التعميم الجديد 166، لكن لا يمكن تحديد فترة زمنية لبدء الدفع بموجبه لجميع المصارف، إذ لكل مصرف خصوصية وطبيعة عمل محددة، بالتالي كل مصرف يحتاج الى وقت يختلف عن الآخر لتنفيذ التعميم. ويعدّ هذا التعميم بديلاً عن التعميم رقم 151 منتهي الصلاحية نهاية العام 2023، ويعمل بالتعميم المذكور حتى نهاية شهر حزيران من العام 2024 وقابل للتجديد. هذا التعميم ومهما كانت النوايا طيبة لا يغني عن جوع وهو يأتي ضمن الحلول الترقيعية يلغي اﻟLoLLard ويعيدنا الى دولار واحد سعره 89,500 ليرة، لا يلبي الإحتياجات المعيشية في ظل غياب تام للدولة والحلول، مع ما يحمله من تساؤلات من المودعين.
وفيما اعتبرت جمعية المودعين أن التعميم 166 غير عادل، سألت هل ننتظر أياما وسنوات للحصول على أموالنا بالقطارة، وبمثل هذا المبلغ الزهيد؟
فالحلول المطروحة التي يقدمها مصرف لبنان أعطت البعض من الحق، لكنها لم تحل المشكلة، فالتعميم 166 يعطي المودع 150 دولاراً فريش على ان يحسم من حسابه 150 دولار من دون هيركات وليس كما كان يحصل في الماضي، والنتيجة سيرضخ المودعون كالعادة.
في هذا الإطار، يؤكد الخبير الإقتصادي الدكتور باسم البواب في حديث لجريدة «الشرق» انه كان متوقعا صدور تعميم جديد يقضي بحلّ ازمة الحسابات الصغيرة والسماح لأصحابها بسحب ودائعهم بالدولار بدلا من الليرة وفق هذا السقف 150 دولارا أميركيا شهريا، لافتا الى ان الرئيس نجيب ميقاتي كان قد أكد أنه سيعطي الأفضلية لصغار المودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار، وباعتقادي أن كل الودائع الصغيرة تحت 100 ألف دولار ستعمل الحكومة ومصرف لبنان على اعادتها، اما المبالغ الأكبر من ذلك فستعمل على اعادتها أيضا للعملاء، لكن ضمن خطة زمنية أطول. ويبدو أن مسيرة الدولة في هذا الإطار، استندت الى خطة Lazard للنظام المالي بضمان شريحة الودائع الصغيرة والمتوسطة بما تبقى من سيولة في المصارف، وهو ما يكفل سداد 90% من الحسابات المصرفية، اما بالنسبة للودائع الكبيرة فيبقى خيار تحويل منها الى أسهم في المصارف بما يسمح باسترداد قيمتها لاحقا، أو السير باقتراح جمعية المصارف بانشاء صندوق يستثمر أصول ومرافق الدولة لسدّ فجوة الخسائر المصرفية. ولمعالجة الفجوة المالية إن كانت 50 أو 70 مليار دولار حديث آخر، يقول البواب، يجب على الدولة أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه المودعين، وتعويضهم ما أمكن، والحلّ: بداية يجب الاعتراف بأن حجم الخسائر أكبر من ان نستطيع انصاف كل المودعين مذكرا بان أموال المودعين أنفقتها المصارف في تمويل الدولة والدولة بدورها أنفقت هذه الأموال ولم تعد موجودة، مشيرا الى أن أحد الحلول المتداولة لأزمتهم التي يتخبطون فيها استخدام اصول الدولة لتسديد ديونها وهذه الفكرة تنم عن انانية لأن هذه الأصول ليست ملك كبار المودعين الذين لا يتجاوز عددهم الـ50 الف مودع، بل الأجيال القادمة، ولا يحق حتى للمجلس النيابي والحكومات التصرف بهذه الثروة على حساب الشعب اللبناني، أو إنشاء صندوق سيادي أو شركة وطنية لتحسين إدارة هذه الأصول أو الإستفادة من فائض إيرادات الدولة من الإتصالات وغيرها من ايرادات لبنان المرتقبة من الغاز والنفط، هذا الأمر يحتاج الى بحث، لكن بالتأكيد علينا الإجتهاد لإيجاد حلّ لأزمة المودعين من دون تحميل وزر هذا الحل للأجيال المقبلة، وفي أي حال، يكمن الحلّ بتسديد الدولة دينها الى مصرف لبنان لتمكين هذا الأخير من التسديد للمصارف، لافتا الى ان سبب عدم تمكن مصرف لبنان من اعادة ودائع المصارف بالعملات الأجنبية سببه امتناع الدولة عن تنفيذ موجباتها القانونية تجاه مصرف لبنان.
واعتبر البواب، أن التعميم الجديد خطوة باتجاه إنصاف أصحاب الودائع الصغيرة، لافتا الى انه لا يستفيد من التعميم كل من استفاد أو يستفيد من التعاميم السابقة، ولا يجوز ان تتم مساواتهم بمن لم يستفيدوا. ولا يرى البواب، أن التعميم 166 يشكل حلاً لأزمة أموال المودعين، ولا نقطة إنطلاق أساسية، من الضروري أن يواكب هذه الخطوة حلولاً علمية عاجلة وعادلة لتخفيف وطأة الكارثة عن المودعين، لا تعطي فيها الحق لمودع على آخر في استنسابية، وتعيد الثقة بالمصارف. وعن مدى التزام المصارف وتأمينها 150 دولار شهريا، يوضح البواب، أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري اتفق وجمعية المصارف أن التعميم الجديد 166 الذي يسدد 150 دولاراً مناصفة بين مصرف لبنان والمصارف، تنتهي صلاحيته نهاية حزيران 2024 أي أن هذا التعميم يسري مفعوله لمدة خمسة أشهر فقط، ويضيف، على الرغم من عدم رغبتها بالتعميم، برأيي لو ان المصارف غير قادرة على تطبيقه لما كان صدر من الأساس، مشيرا الى أن تحديد مدة التعميم يعود الى تحفظ المصارف غير القادرة على تأمين هذه السحوبات للمودعين لأجل طويل. وأضاف، يتم تأمين السيولة لتلبية متطلبات التعميم مناصفة من سيولة المصرف المعني ومن رصيد التوظيفات الالزامية بالعملات الأجنبية العائدة للمصارف لدى مصرف لبنان، قائلاً: لا شك ستتأثر نسب كفاية رأس المال لدى المصارف، ما يعكس الصورة الواقعية لوضع المصارف المالي وحجم رساميلها وسيولتها وملاءتها. وبحسب البواب، أن التعميم يتوجه الى المودعين الذين يملكون حسابات بعد 31 تشرين الأول 2019 وعددهم لا يتخطى الـ200 ألف مودع، وقيمة ما يمكن للمودعين سحبه على اساس هذا التعميم ومدته تبلغ نحو 150 مليون دولار، فضلا عن كلفة التعميم 158 الذي يتيح للمودعين سحب 300 دولار شهريا من ودائعهم الدولارية بصورة شهرية، وعليه سوف تنخفض الرساميل مترجمة بالدولار الى مستويات قد تضع المصارف في مأزق كبير، ويختم بسؤال، حول كيفية تمويل هذه المبالغ السنوية؟