ندوة في اليسوعيّة عن الشراء العام بعد صدور القانون ودور الشباب
أقام مرصد الوظيفة العامّة والحكم الرشيد في جامعة القدّيس يوسف في بيروت بالتعاون مع مجموعة المناصرة لأجل التنمية ومكافحة الفساد في لبنان «أفضل» ندوة عن الشراء العام بعد صدور القانون ودور الشباب في تعزيز الحكم الرشيد في حرم العلوم الاجتماعيّة في الجامعة، حضرها مهتمون وإعلاميون وطلاّب. وجدير بالذكر أن «أفضل» تمّ إنشاؤها ودعمها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إطار مشروع مكافحة الفساد من أجل الثقة في لبنان بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي وحكومة مملكة الدنمارك. بدأت الندوة بجلسة افتتاحيّة تحدّث فيها البروفسور باسكال مونان مدير مرصد الوظيفة العامّة والحكم الرشيد في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، مشيرًا إلى أن «عمليات الشراء العام تشكّل الجزء الأكبر من إنفاق المال العام في لبنان وباب أساسيّ من أبواب الفساد والهدر». أضاف: «إن إدخال الإصلاحات المطلوبة إلى حقل هذه العمليات من شأنه أن يحمي المال العام وأن يحصّن قواعد الحكم الرشيد وأُسسه. فقانون الشراء العام أولوية في الاستراتيجيّة الوطنية لمكافحة الفساد وخارطة بناء دولة القانون». ولفت إلى أن «قانون الشراء العام اجتاز حقل ألغام وأُقرّ في 2021 ليصبح نافذًا في 2022. واليوم بعد ثلاث سنوات نجتمع في نقاش حول تطبيقه ودور الشباب في تعزيز الحكم الرشيد». وسأل عما إذا كانت «المشكلة في النصوص أو في النفوس التي تنظر إلى القوانين على أنها مجرد بيانات نسعى إمّا لتجاوزها أو للتحايل عليها أو التصرف كأنها لم تكن مّا يؤدي إلى تطبيق جزئي لأحد أهم القوانين الاصلاحية التي التزم لبنان العمل عليها واقرارها وفقًا للمعايير الدولية بهدف تحقيق أفضل لوسائل الإنفاق العام، وتعزيز التنافس وتكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة والمساءلة، والأهم وقف نهب المال العام وهدرِه». وأشارت العضو المؤسِّسة لمجموعة «أفضل» أنجي شلالا إلى أن «المجموعة تتوحّد حول رفض الاعتياد على سلوكيّات الفساد. وذكرت أن المجموعة اجتمعت على رؤية حول ضرورة إعادة بناء المؤسّسات المفكّكة من خلال اعتماد النزاهة». وركّزت على «الخبرة والقدرات التي يمتلكها الشباب للسير بخطة المناصرة لأجل تطبيق الشراء العام». وقالت: «إن هذه المحصلة الثالثة من الاستراتيجيّة الوطنية لمكافحة الفساد والمعنية بمنظومة الشراء العام الأقلّ عرضة للفساد تحديدًا هي خارطة طريق واضحة»، ولفتت إلى «ضرورة استكمال تشكيل هيئة الشراء العام وتشكيل هيئة الاعتراضات»، ودعت إلى «التحاور في هذا الإطار لإيجاد الحلول المناسبة بوجه العراقيل التي تحول دون تنفيذ القوانين الإصلاحيّة». رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، توقف عند «أهمية المساهمة في دعم التزام الشباب وتفانيهم في سبيل الإصلاح ومكافحة الفساد»، ولحظ «ضرورة نشر التوعية والثقافة حول مبادئ قانون الشراء العام والانخراط في مبادرات مثل «أفضل» لأجل هذا الهدف بعيدًا عن كلّ منفعة خاصّة أو فئوية». وأشار إلى أن «تطبيق هذا القانون ليس بالأمر البسيط بل يحتاج إلى إرادة سياسيّة من أصحاب القرار ومؤسّسات الدولة. في لبنان يجب أن نرفع دائمًا الصوت بوجه الزبائنية وسياسة الإفلات من العقاب لا سيّما عبر المساهمة في وصول الجيل الجديد من الشباب إلى مواقع المسؤولية لتعزيز التيار الإصلاحيّ. علينا الاعتبار أن لهذا القانون قيمة سياسيّة، فإنه سيشجع الشباب على الإيمان بالدولة، ما يؤدي للانخراط فيها». في الجلسة الحوارية الأولى المعنونة «قانون الشراء العام: آفاق وتحديات»، أشارت العضو المؤسّسة لمجموعة المناصرة «أفضل» السيدة سيرينا القدوم في الاجابة عن سؤال حول خلفيات اختيار قضية الشراء العام والعمل على حسن تنفيذه، إلى الإصرار الموجود لدى المجموعة في بذل كلّ الجهود الممكنة لاستكمال خطة التوجّه نحو تحديد أطر مكافحة الفساد خصوصًا مع تزايد القضايا والإشكاليات الأساسية التي تطرح على الساحة اللبنانية حول الآثار السلبية للفساد على الممتلكات العامة وعلى صحّة الإنسان ووجوده في لبنان. وسألت عن وجود الملاحقة والمحاسبة الفعلية في لبنان، مؤكّدة أن «كما الفساد هو آفة مجتمعية قد أصبحت جزءًا من طبيعة النظام وكيفية الحصول على الخدمات، كذلك سبل مكافحته تتمّ من خلال الوعي المجتمعي. وأضافت أن كلفة الفساد على الشباب والمجتمع ككلّ هي أعلى بكثير من أي منفعة أو مصلحة ممكن التوصل إليها نتيجة استمرار الوضع القائم كما هو عليه اليوم». من جهته، تطرّق رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية إلى التحديات التي تواجهها هيئة الشراء العام متحدّثًا عن إشكالية غياب التطبيق الفعلي للقوانين في لبنان، وحدّد في إشارة إلى عنوان الجلسة أن الآفاق هي بناء دولة قانون ومؤسّسات، وأن التحديّات تُختصر في ذهنية من يعتقد أن حجمه السياسي يسمح له بالقفز فوق القوانين. بدوره، شدّد النائب جورج عقيص على توأمة جهود الشباب مع مكافحة الفساد فالحليف الأول للشباب هو الحوكمة الرشيدة وعدوهم هو الفساد، وبناء الدولة هو الأمر الوحيد الذي سيُبقي شباب لبنان فيه. وأضاف أن القضاء العادل المستقلّ والنزيه يجب أن يسهر على حسن تطبيق القوانين، وأن على المجتمع المدني أن يراقب المنظومة الدستورية لبناء الدولة. أما عن كيفية صياغة قانون الشراء العام، فقد أضاف أن من محاسن ثورة تشرين 2019 أنها خلقت دينامية داخل المجلس النيابي للتسابق في إقرار قوانين إصلاحية منها الشراء العام وقانون مكافحة الفساد وإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد اللذين يتعرضان لمحاربات شرسة.