شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – … وماذا عن النزوح؟
«على فوقة»، ما الجديد في قضية النازحين؟ لماذا هذا الصمت المريب حول هذه القضية المصيرية بامتياز؟ أين أصبحت المساعي (الفعلية) في شأنهم؟ وهل صحيح أن عديدهم تجاوز الثلاثة ملايين بعد ارتفاع نسبة الولادات في صفوفهم من جهة وتدفق المزيد منهم من جهة ثانية؟ وهل صحيح أن مسؤولين أوروبيين نقلوا «كلمة السر»، التي لم تعد سرّاً، الى بعض المعنيين اللبنانيين بقولهم: انسوا النازحين وخفّفوا عنكم عناء الاعتراض والاحتجاج والصراخ والعويل، فما كُتِبَ قد كتِب، و «اعملوا حسابكم أنهم باقون عندكم».
وما صحّة أن أعداد «المكتومين» من أولادهم، الذين ليسوا مسجّلين في القيود، خارج سجلّات المنظمات الدولية ذات الصلة، باتوا لبنانيين حكماً، كما سبق لأسلافهم الذين أُجرِي ضمُّهم الى قانون التجنس الشهير الذي لم يُنفّذ، بعد، قرار مجلس شورى الدولة بحق الذين لم يستحقّوا التجنّس لأسباب قانونية! وهذا شأن آخر… المهم أن مسألة التجنيس هي مسألة وقت.
وعلى هذه السيرة روى لنا بعض الذين أُبعِدوا الى داخل الحدود السورية أن المبعَدين ينتظرهم على بعد مئتين أو ثلاث مئة متر داخل الحدود السورية فريق من السماسرة يتقاضى منهم خمسين دولاراً «عن الراس» الواحد ثم يقودهم في طريق غير شرعي ليدخلوا لبنان مجدّداً.
إن قضية النزوح باتت مضاعفاتها تتجاوز، بأضرارها، الأبشع والأسوأ على الإطلاق، وأمّا مرتكبو الجريمة في لبنان، على أنواعها، فقد باتت نسبة النازحين بينهم فوق كل تقدير.
والسؤال الذي يطرح ذاته، وبإلحاح: أين أصبحت خطة حكومة تصريف الأعمال في هذه القضية المصيرية؟ نسمع كثيراً عن زيارات يقوم بها وزراء الى سوريا وعقدهم لقاءات بين نظرائهم السوريين، والبعض مع أرفع المقامات هناك، ويعقب تلك الزيارات كلام لا يتوقف حول التجاوب، والاستعداد، والإيجابية! ولكن ذلك كله لا يتجاوز البروباغندا الفارغة، والثرثرة السخيفة، اذ لم نسمع أن أي زيارة أسفرت عن أي تدبير… خصوصاً بعدما توقفت رحلات العودة التي كان ينظمها مدير عام الأمن العام السابق اللواء عباس ابراهيم حتى وإن كانت نتائجها محدودة.
واللافت الى حدّ الخزي والعار أن هذه الدولة العليّة، بحكومتها البهيّة التي تتمرجل على الفقراء المعدَمين بسيل الضرائب والرسوم الهائلة، تقف عاجزة، لا حول لها ولا طول، أمام كارثة النزوح، خصوصاً أمام تعنت الجهة الأممية ذات الصلة المتمنّعة عن تزويد هذه السلطة الفاشلة باللوائح والأسماء والأعداد، في وقت يتلهى أركان «الجماعة السياسية» بالمناكفات والنكايات والأحقاد التي لا ينتج عنها سوى الخراب والغرق في مستنقع الأزمات والانهيارات المتراكمة والمتناسلة.