هل أصبح الاجتياح الاسرائيلي العسكري لمدينة رفح فِعْلاً وشيكاَ؟

هل أصبح الاجتياح الاسرائيلي العسكري لمدينة رفح فِعْلاً وشيكاَ؟

يتحدّث العالم كله، عن الاجتياح الاسرائيلي العسكري لمدينة رفح، وكأنه بات من المسلّمات… لكنّ غرابة هذا المنطق تبدّدها تصريحات بنيامين نتانياهو المستمرة عن رفح وأهميتها التي تضخمت لتصبح أكبر بكثير من حجمها.

رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي اعتاد تكرار تهديد رفح بالاجتياح. فقد أعلن، بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، أربع مرّات على الأقل في الشهرين الماضيين، عن اقتراب العملية العسكرية البرّية على المدينة المكتظة بالسكان والنازحين. وَضخّمت معركة رفح وكأنها معركة الحسم مع دولة عظمى، وكأنّ الحرب المدمّرة المتواصلة منذ 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ليست بشيء إزاء تلك المعركة.

السؤال المطروح: لماذا يريد نتانياهو اجتياح رفح، الذي وصفته نائبة رئيس الولايات المتحدة كامالا هاريس، في لقاءٍ لها على قناة “اي بي سي” بأنه خطأ فادح؟. وأوضحت: “لقد درست المنطقة، لا يوجد مكان يذهب إليه مليون ونصف مليون شخص في رفح طُلب منهم النزوح الى هناك”.

ووصفت الاعلاميّة رافيت هيتشيت من صحيفة “هآرتس” هذا الاجتياح بـ”المغامرة التي يقودها جيش أشرف على كارثة فظيعة وحرب فاشلة”. وأوضحت ساخرة: “حكومة الحرب الاسرائيلية لديها جدول أعمال مزدحم بالحروب… فرفح أولاً… ثم حزب الله… ثم إيران… لكن بنك الأهداف يا للأسف لم يشمل روسيا والصين”.

أعود لأقول: ماذا يدور في ذهن نتانياهو؟

من الصعب معرفة كيف يفكّر نتانياهو؟ ويتساءل الاعلامي غيدعون ليفي في مقالة نشرها في صحيفة “هآرتس”، إن كانت قرارات نتانياهو تتعلق بإرضاء شركائه في الائتلاف، أو إن كان فعلاً يعتقد ان اجتياح رفح سيحقق له النصر!!

ومما يغذّي هذا التساؤل ان وزير الامن القومي الاسرائيلي إيتمار بن غفير هدّد -بحسب موقع “بوليتكو” الأميركي- قائلاً: “إذا قرّر رئيس الوزراء إنهاء الحرب من دون شنّ هجوم كبير على رفح، فلن يكون لديه تفويض للاستمرار في منصبه”.

وإذا خسر نتانياهو دعم إيتمار بن غفير، فإنّ حكومته ستنهار ما يؤدي الى انتخابات من المرجّح، بل من المؤكد أن يخسرها: وقد يكون الاعلان عن اجتياح رفح، بحسب موقع “واي نت Why not” نقلاً عن خبراء، هو تكتيك أو ورقة ضغط على “حماس” لقبول شروط إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن… وقد يكون الاعلان عن اقتراب الاجتياح، ووجود أماكن آمنة وسط قطاع غزّة لذهاب سكان رفح إليها، لتفتيت الصراع وتشتيت الانتباه عما يجري في قطاع غزّة من شماله الى جنوبه، وصرف النظر عن الموت بسبب التجويع الذي بدأ شمال غزّة يشهده فعلياً بحسب “هيومان رايتس ووتش”.

ولا ينبغي أن ننسى الأزمات السياسية الحقيقية التي يواجهها نتانياهو خارجياً وداخلياً. ففي إسرائيل بدأت التظاهرات تأخذ زخماً جديداً… ورفعت شعارات لا تطالب بصفقة تبادل فقط، ولكن بإسقاط نتانياهو. كما تزايدت الضغوط العالمية على الحكومة بعدما قتل الجيش الاسرائيلي سبعة من العاملين في المجال الانساني في منظمة “المطبخ العالمي”.

إلى كل ما تقدّم، يأتي تصاعد حدّة الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين في الكثير من الجامعات في الولايات المتحدة، والتي امتدّت شرارتها الى العديد من الجامعات في دول الشرق الأوسط، وفي أصقاع أخرى من العالم.

ففي لبنان مثلاً، تظاهر مئات الطلاب في العديد من الجامعات اللبنانية دعماً للفلسطينيين، حيث شملت تلك الاحتجاجات: الجامعة الاميركية في بيروت، والجامعة اللبنانية الأميركية، وفرعي الجامعة اللبنانية الدولية في بيروت والبقاع، وجامعة القديس يوسف في بيروت وجامعة الروح القدس في جونيه.

وفي الكويت، نظم الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت وجمعية أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وقفة تضامنية مع القضية الفلسطينية في ساحة كلية العلوم.

وحسب وكالة “رويترز”، تظاهر مئات الطلاب في جامعات تونسية دعماً للشعب الفلسطيني… فيما تظاهر العشرات أمام السفارة الفرنسية بالقرب من المسرح البلدي. وكذا قامت تظاهرات طلابية في القاهرة.

وفي أوستراليا… ذكرت صحيفة “غارديان”البريطانية، ان طلاب جامعة سيدني أقاموا مخيّماً اعتصامياً يضم ما يصل الى 60 شخصاً كل ليلة، مع تجمع حاشد خارج هذا المخيم لدعم فلسطين.

وبالعودة الى الجامعات في الولايات المتحدة، التي ذكرت في مقال سابق لي، أسماءها.. أقول: لقد بدأت إدارة جامعة كولومبيا عملية فصل للطلاب المستمرين في التظاهر تأييداً للفلسطينيين والمطالبين بسحب الاستثمارات في الأصول التي تدعم الجيش الاسرائيلي، بعدما فشلت المفاوضات بين الجانبين.

إلى ذلك، انتشرت الاحتجاجات حيث دخلت قوات الأمن الفرنسية حرم جامعة السوربون المرموقة في باريس، لإخراج نشطاء ومناصرين للفلسطينيين، نصبوا خياماً داخل الجامعة. أما في بريطانيا، فقد نظم طلبة كلية لندن الجامعية وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي قائلين: إنّ الهدف منها هو الضغط على إدارة الجامعة لقطع علاقاتها مع شركات السلاح التي يقولون إنها تدعم “الإبادة الجماعية” في غزّة.

حتى في الضفة الغربية المحتلة، أقدم طلاب جامعة بيرزيت قرب مدينة رام الله، على طرد رئيس ممثلية ألمانيا في الاراضي الفلسطينية أوليفر أوفتشا، الى جانب عدد من السفراء والممثلين الأجانب من دول الاتحاد الاوروبي.

رغم ذلك كله… تسعى القاهرة الى تحقيق هدنة في غزّة، ما قد يؤدي الى “تأجيل” اجتياح إسرائيلي واسع في رفح.

فهل تنجح الجهود المبذولة لتحقيق الهدنة؟ أم أنّ عقلية نتانياهو العنفية هي التي ستنجح، فيتم اجتياح رفح قريباً؟ الأيام المقبلة ستحمل معها أجوبة لكل هذه التساؤلات.

Spread the love

adel karroum

اترك تعليقاً