الشهيد طوني فرنجيه للشرق قبل يومين من مجزرة اهدن : كل من يتعامل مع العدو هو خائن
عوني الكعكي
موقع المرده ينشر الحلقة الثانية من
آخر حديث صحافي لـ «الشرق» للشهيد طوني فرنجيه منذ 46 عاماً (2)
كتب عوني الكعكي:
يصادف اليوم مرور 46 سنة على اغتيال الزعيم والوزير طوني فرنجيه ومعه زوجته ڤيرا قرداحي وابنته الطفلة جيهان، ولم يسلم من عملية الاغتيال إلاّ الوزير سليمان فرنجيه
وقبل يومين من عملية الاغتيال أجريت معه حديثاً وكان معي الزميل الكبير الاستاذ خليل الخوري. وتكريماًً للفقيد الغالي ارتأيت أن أعيد نشر المقابلة ليطّلع اللبنانيون على شخصية وطنية غير طائفية خسرها لبنان وشعبه باغتيال هذا الزعيم الكبير.
وفي الحلقة الأولى أمس بيّنت كيف ان الزعيم الكبير الذي اغتالته يدٌ آثمة كان عابراً للطوائف والمذاهب، وهو صاحب مبدأ: لا يمكن لأي فريق من اللبنانيين أن يستأثر بلبنان وحده، ولذلك علينا أن نعيش متفقين معاً.
وأشار -رحمه الله- الى أنّ أكبر تمثيلية هي الاتفاق على حكومة اتحاد وطني، ففي كل بلد من بلدان العالم معارضون وموالون.
ونتابع في حلقة اليوم، ما كنا قد بدأناه أمس فنقول:
س: تردد انكم كنتم مرشحين لوزارة الدفاع لو تشكلت الحكومة الجديدة، فما هي الأسس الصحيحة بنظركم التي يجب ان يبنى عليها الجيش اللبناني؟
ج: لا شيء يدل على انني كنت مرشحا لوزارة الدفاع ولم ابلغ بأي شيء. اما الاسس الجديدة لبناء جيش جديد فهذا سر لا أبوح به فلربما استعمل اليوم. واذا تسلمت وزارة الدفاع يوما فلا يعود عندي شغل.
س: قلتم انه يجب ان تكون هناك سلطة شرعية، والسلطة الشرعية يجب ان يكون لديها قوة تدعمها وهي الجيش، فما هي بنظركم الحلول المطروحة للعقد التي تعترض تشكيل الجيش كقضية سعد حداد مثلاً خصوصاً أن الجيش لا يزال معترفا به، ويتفاضى راتبه من القيادة..
ج: نعم إن الدولة معترفة بالرائد سعد حداد. إذ انها ترسل له معاشه وهذا كاف للاعتراف به.. لقد بحثت هذا الموضوع مع المسؤولين وهم يقولون: هناك جيش لبنان العربي ويقابله سعد حداد.. وهنا المشكلة.
س: ولكن كيف ذلك وجيش لبنان العربي لم يعد موجوداً؟
ج: بلا انه لا يزال قائما. صحيح أن أحمد الخطيب اوقف ولكن البقية اين هم، محمد سليم ألم يحتل قبل ايام ثكنة النبطية؟ على كل حال إن سعد حداد يتعاون مع اسرائيل ويظهر في التلفزيون الاسرائيلي، ولكن هل هو الوحيد؟ على كل حال لقد اعطيت رأيي بالنسبة لسعد حداد وطالبت المسؤولين باتخاذ موقف منه، فإما أنهم معه وإما أنهم ضده. انا مع اتخاذ موقف علني ورأيي الشخصي ان كل من يتعامل مع العدو هو خائن.
س: ما هو تعليقكم على الموقف الراهن في الجنوب وما هي الحلول التي تقترحونها؟
ج: هناك عدة مواضيع ومشاكل في الجنوب. لقد اصدرت الامم المتحدة القرارين ٤٢٥ و ٤٢٦.. وهلل اللبنانيون للقرارين وخصوصاً في مجلس النواب ويومها انسحبنا من الجلسة لاننا
اعتبرنا أن قرار مجلس النواب ناقص وقد أيد فقط قرار مجلس الأمن. واليوم يتبيّـن لنا أننا كنا على حق في ذلك الحين، حتى الجنرال أرسكين نفسه يتذرع بوجود “اتفاقية القاهرة “ لعدم تنفيذ القرار ٤٢٥ بينما كان يجب عليه كرجل عسكري أن ينفذ من دون أن يتعرض للمصاعب السياسية. لذلك الظن ان اسرائيل ستعود إلى الجنوب بمساعدة الفلسطينيين هناك. أي أنهم يعطونها الحجة لذلك وكل المؤشرات تدل على ان الامم المتحدة ليست قادرة على تنفيذ أي شيء حتى لو ألغى لبنان “اتفاقية القاهرة “ لأن من يريد التنفيذ لا يبحث عن الاعذار.
س: هل تعتقد ان القرار ٤٢٥ ألغى “اتفاقية القاهرة”؟
ج: لم أدرس القرارين من الناحية القانونية ولكن اعتقد أن القرار ٤٢٦ يلغي كل الاتفاقيات السابقة التي حصلت، وهو يسمح للقوات الدولية بالدفاع عن نفسها واستخدام السلاح وغير السلاح فلماذا إذاً لا ينفذون؟
س: ولكن هناك اشتباكات تحصل؟
ج: ولماذا قال ارسكين اننا لا يمكننا التنفيذ.
س: ما رأيكم بالوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب؟
ج: رأيي أنه يعطي حجة وافية كافية لإسرائيل لاحتلال الجنوب، وهذا امر لمسناه ورأيناه ونفضل أن يحرر الفلسطينيون بلدهم من دون أن يفتحوا المجال لاسرائيل لاحتلال أراض عربية اخرى.
س: بالنسبة لتنظيم العلاقات بين الدولة اللبنانية والمقاومة، ما هي الحلول برأيكم حتى يستتب الامن؟
ج: التنسيق بين الجيش والمقاومة، وهذا كان يصلح قبل احتلال الجنوب، ولكن اليوم بعد احتلال الجنوب لا ادري اذا كان هذا التنسيق لا يزال صالحا كحل. ماذا ينفع السلاح بأيدي الفلسطينيين. وضد من سيدافعون عن انفسهم، هل بإمكانهم أن يدافعوا عن أنفسهم؟.. لقد دخلوا المنازل في مخيم البارد ونادوهم بأسمائهم ولم يستطيعوا الدفاع.. هل بإمكانهم محاربة اسرائيل؟ ان القضية الفلسطينية في قلوبنا جميعا ولكن ليس القادة الفلسطينيون.
س: لو قبلت القيادة الفلسطينية فهل من الممكن اعادة البحث في الوجود الفلسطيني المسلح؟
ج: اشك في ذلك لأنّ من يكويه الحليب ينفخ على اللبن. على كل حال يجب أولا أن نبحث بالانسحاب الاسرائيلي، فمتى خرجت إسرائيل نعود ونبحث في العلاقات اللبنانية – الفلسطينية. انا اشك في أن تنسحب اسرائيل وكل الدلائل تشير إلى أنها تعمل من أجل عدم الانسحاب. فقصة مطار أورلي وقيام منظمة الدفاع عن الجنوب بتحمل المسؤولية ان اسرائيل تقصد من وراءها أن تقول للعالم إن الفدائيين موجودون في الجنوب وانا مضطرة للبقاء للدفاع عن النفس. انا اعتقد ان اسرائيل هي التي قامت بالعملية وهذا يكشف عن انها لا تريد الخروج من الجنوب.
س: لبنان يعيش في حال من التقسيم والأمن غير مستتب كفاية فهل ستستمر هذه الحال طويلا ام ان هناك حلولا قريبة؟
ج: هذا أمر يتعلق بتحرك الدولة. كلنا نحارب التقسيم ونعتبره مؤامرة. وكما نجحنا في صد مؤامرة التوطين نأمل بأن نستطيع صد مؤامرة التقسيم. أما المدة التي سنبقى عليها هكذا فأمر لا يعرفه الا الله.
س: ما هي الصيغة المقترحة للتفاهم من الآن وحتى حل مشكلة الفلسطينيين، وهل سيبقى وضع لبنان مرتبطاً بالقضية الفلسطينية؟
ج: لسنا نحن الذين نربط بين القضيتين اللبنانية والفلسطينية. نحن نخشى من عمل واحد وهو أن يطير بلدنا قبل أن يعودوا إلى بلدهم، وهذا امر كاد ان يحصل ولا أعتقد اننا نطلب منهم الكثير اذا طلبنا بأن نبقى في بلادنا. لقد عشنا معا ثلاثين سنة كانوا خلالها معززين مكرمين وثم نختلف معهم إلا عندما بدأوا يتسلحون في بلدنا. حتى اننا سمحنا لهم بحمل اسلحة معقولة عبر “اتفاق القاهرة”. وكلنا رأيناكم.. احترموا توقيعكم على “اتفاق القاهرة”. حتى الرئيس عبد الناصر أبدى استغرابه كيف نقبل بـ”اتفاقية القاهرة”؟
س: هل تعتقدون ان من الممكن حدوث حوادث مسلحة في المستقبل؟
ج: اعتقد ان الاشتباكات الشاملة أصبحت غير معقولة الحدوث باستثناء اشتباكات محدودة وفي مناطق معينة مثل حادثة عين الرمانة. ولكن المعارك الشاملة لا أظن أنها ستقع.
س: هل تعتقدون أن حملة شحن النفوس من خلال حادثة عين الرمانة تركت انعكاساً سلبياً؟
ج: بالطبع تركت اثراً كبيراً ولكن كل عاقل يتساءل ما هي الاهداف من الحادثة، وما هو الخطر الذي ادى الى اشتعال القتال في عين الرمانة؟ لو كان هناك خطر على لبنان لكنا أول المقاتلين ولكننا لن نكون وسيلة للعدو لضرب سوريا. إننا نرفض ذلك.
وقال: إن حادثة عين الرمانة يمكن أن تتكرر في مناطق اخرى ولأن المحبين كتار، ولكنها تبقى محدودة. هناك حوادث تقع اليوم ومنها ما هو مدبّر ومنها ما هو فردي.
س: ما هي الاسباب التي دعت الرئيس فرنجية إلى الانفصال عن “الجبهة اللبنانية” ، وما هي الاسباب الحقيقية للخلاف؟
ج: السبب هو أن “الجبهة” اتخذت مقررات ولم تنفذها، ومثال على ذلك الموقف المحدد من الوجود الفلسطيني المسلح. لقد جاءت الوثيقة الـ ١٣ لتسمح للفلسطيني بالابقاء على سلاحه وأعطته تغطية رسمية من مجلس النواب وهو أكبر سلطة في البلاد لانه يمثل السلطة التشريعية.
س: هل تعتقدون ان الانفصال نهائي؟
ج: اعتقد ذلك. وكما قلت اخذوا عدة قرارات ولم تنفذ. لقد اتخذ قرار بتنظيم “الجبهة “ ولم ينفذ، وهناك اساليب متبعة لا يرضى عنها الرئيس فرنجية فهو ضد تدفيع اللبنانيين (خوّة) مثلاً، وأمور كثيرة أخرى مثل جمع الجباية.
س : تردد أن هناك خلافاً بين الرئيس شمعون والشيخ امين الجميل، فهل هذا صحيح؟
ج: ما عندي أي معلومات إلا ما أسمعه من هنا وهناك.
س: ما هو تقييمكم لبادرة السيد ياسر عرفات بإرسال الزهور الى المستشفى وتمني الشفاء العاجل للرئيس فرنجية؟
ج: اننا نشكره على هذه البادرة ولكن يجب القول إنّ البادرة الفردية شيء والسياسة العامة شيء آخر ولا علاقة بين الاثنين.