حملة بريّة ثالثة في لبنان؟.. الاحتمالات والحسابات في إسرائيل متناقضة ومتعددة الغايات
نفى جيش الاحتلال، من خلال “مصادر عسكرية” محجوبة الهوية، ما تناقلته وسائل إعلام أجنبية بأن قواته شرعت، أو توشك على الشروع، في حملة برية في لبنان، وقال إنه لم يبدأ بذلك بعد، وإن هذا هو قرار المستوى السياسي.
وفي التزامن، يواصل رؤساء السلطات المحلية في الجليل، وأوساطٌ إسرائيلية أخرى تطالب باجتياح بري لتمكين عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين من العودة لمستوطناتهم بأمان، ومن أجل استغلال “الاندفاعة” الإسرائيلية، المطالبة بتوجيه ضربة كبيرة لمقدرات “حزب الله”، وتعزيز الهيبة، والمساومة لاحقاً في الطريق لتسوية ممكنة.
بعد، ورغم، اغتيال حسن نصرالله هل تستغل إسرائيل الاندفاعة، والنجاحات التكتيكية، للقيام بحملة برية في لبنان، بهدف مواصلة الإجهاز على مقدرات “حزب الله”، وخدمة هدفها المعلن باستعادة النازحين للمستوطنات في الجليل، ومن أجل استخدام سيطرتها على شريط جغرافي حدودي كورقة مساومة؟
وسائل إعلام أميركية تقول، خلال الساعات الأخيرة، إن إسرائيل بدأت عملية سيطرة على مساحة ضيقة بطول الحدود مع لبنان من أجل بناء حزام أمني يساعد في طمأنة النازحين الإسرائيليين للعودة لمنازلهم. غير أن إسرائيل عقبت على هذه التقارير الصحفية بنفي شروعها في حملة برية، بيد أن استعداداتها تتواصل، وظاهرة على الأرض، من أجل توغّل بري، علاوة على تهديدات ناطقين عسكريين، ودعوات مراقبين وجنرالات في الاحتياط من أجل القيام بذلك، لأن القصف الجوي مهما كان ناجعاً لا يغني عن الحملة البريّة.
وحسب شبكة “إي بي سي” الأميركية، فإن هذه التحرّكات جزءٌ من استعدادات إسرائيل للقيام بحملة برية، رغم قيامها باغتيال 30 من قادة “حزب الله”، في الأسابيع الأخيرة.
وتنقل الشبكة الأميركية عن مسؤول أميركي كبير قوله إن إسرائيل رفضت مقترحاً لوقف النار في لبنان، حتى بشكل جزئي، وعوضاً عن ذلك تواصلُ تفجير مواقع يشتبه بأنها مخازن للصواريخ طويلة المدى.
كما قال المسؤول الأميركي المذكور إن إسرائيل لا تصغي للدعوات الأمريكية المتكررة بضرورة التوجّه لحل ديبلوماسي للأزمة، بل تواصل هجماتها العسكرية في المنطقة، وسط تجاهل من الضغط الأميركي لضبط النفس.وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم”، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، إن حركة الجيش في الشمال تندرج ضمن المساعي لإعادة سكان المستوطنات الحدودية لمنازلهم، منوهة لعدم اتخاذ قرار نهائي بعد حيال حملة برية محدودة.وتتابع: “تؤكد هذه المصادر أن اغتيال نصر الله لا يكفي من أجل إعادة عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين، ولا بد من عملية أوسع”.
حركة الأمنيين
ويوضح مديرُ عام حركة “الأمنيين”، الجنرال في الاحتياط يارون بوسكيلا، أن إسرائيل تحقق مكاسب في الشمال، من خلال سلاح الجو فقط، وبالاستناد لمعلومات استخباراتية تراكمت في السنوات الأخيرة، بعضها تم الحصول عليه خلال القتال الحالي. ومن هنا يستنتج بوسكيلا، في حديث لصحيفة “معاريف”، أن الحملة البرية غير واردة في هذه المرحلة. ويضيف: “أعتقد أن المستويين الأمني والسياسي يحاولان إحراز مكسب معيّن دون الدخول في حملة برية، رغم التصريحات الكثيرة في الإعلام، وهذا المكسب بالنسبة لهم هو تراجع “حزب الله” لما خلف الليطاني، وربط ذلك باتفاق شامل يشمل “حماس” أيضاً بكل ما يتعلق بالمخطوفين، وتعليق الحرب في غزة، لا إنهائها. “حزب الله” سقط بذات المفاهيمية المغلوطة التي وقعت بها “حماس”. الجيش ما زال يملك أوراقاً لم يستخدمها بعد، لأن استخدامها يصعد التوتّر أكثر.
كما يقول بوسكيلا إن هناك مساعي الآن للتوصل لوقف النار، كنتيجة ضغط عسكري تكون شروطه لصالح إسرائيل. ويمضي منبهاً: “في نهاية المطاف فإن قوة مفرطة مقابل “حزب الله” من شأنها دفع إيران في نقطة معينة للمعركة، ولست متأكداً إذا كانت المؤسسة الأمنية معنية بذلك الآن. ولذا تتواصل الهجمات الجوية في هذه المرحلة، بغية زيادة الضغط على “حزب الله”، وإحراز اتفاق ما يشمل، كما يبدو، انسحابه لشمال الليطاني، مع رقابة دولية تكفل عدم عودة حزب الله للجنوب”.
ويتقاطع معه الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عضو الكنيست السابق عوفر شيلح، الذي يقول، في حديث للإذاعة العبرية الرسمية، إن “حزب الله”، ورغم الضربات الموجعة التي تلقاها، ما زال يملك قدرة كبيرة، وبالرد الأقوى كماً وكيفاً، والسؤال الآن إن كان سيستخدمها.
عن ذلك يضيف شيلح: “الانطباع أن نصر الله، كما تجلّى في خطاباته، دخل في مزاج أنه لن يدخل في مغامرة تهدّد “حزب الله” والسؤال بعده من سيتخذ هذا القرار؟”.