إلى أين سيقود ترامب الاقتصاد العالمي؟ وهل تعود التوترات التجارية الى الواجهة؟
أطلق فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية سلسلة من التكهنات حول تأثيرات ذلك على الاقتصاد العالمي. استدعى البعض ما حدث إبَان فترته الانتخابية الأولى في 2017 والحرب التجارية التي تركت تأثيرات سلبية.
بعد تولي ترامب الرئاسة في يناير 2017، تحرك بسرعة واتخذ قرارات أغضبت الأسواق، خاصة في ملفات الهجرة والانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وتفاوض مع المكسيك وكندا على العلاقات التجارية؛ إلا أن ترامب 2024 تغير كثيرا عن ترامب 2017، حيث استفاد من تجربته الأولى بشكل كبير.
تشمل التأثيرات المحتملة لفوز ترامب على الاقتصاد العالمي 6 ملفات هامة، من بينها التجارة والعلاقات الدولية. تعهد بفرض سوم بنسبة 60% أو أعلى على السلع المستوردة من الصين، إضافة إلى رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10% و20% على كل شريك تجاري آخر للولايات المتحدة، ومعدلات تعريفة تصل إلى 100% أو 200% أو 1000% في ظروف أخرى.
في حال مضى ترامب في تنفيذ وعوده الانتخابية بشأن الرسوم الجمركية ستعود التوترات التجارية التي شهدها العالم خلال فترة رئاسته الأولى، وهذا سيؤثر سلبًا على الشراكات التجارية الدولية وسيرفع تكاليف الاستيراد والتصدير، وبالتالي ستتأثر الأسواق المالية.
أيضا في أسواق المال والعملات المشفرة؛ قد تعود التقلبات مرة أخرى حتى وإن رحبت بفوزه حتى الآن مدفوعة بآمال تخفيض الضرائب والقيود التنظيمية. وبالرغم من ذلك، فإن المخاوف بشأن السياسات التجارية أو التوترات الجيوسياسية قد تضعف التفاؤل لاحقًا.
أما العملات المشفرة، فقد تفاعلت بالفعل إيجابا منذ إعلان فوزه، بل واستبقت الفوز وحققت عملات مثل بيتكوين، مستويات قياسية وهي تقترب من 90 ألف دولار، وقد تؤدي التقلبات المحتملة في أسواق المال لتوجه المستثمرين نحول العملات المشفرة كبديل، ما سيؤدي في النهاية إلى انتعاشها.
لفوز ترامب بالتأكيد تأثيرات محتملة على أسعار النفط والطاقة. تعهد بخفض أسعار الطاقة إلى النصف، وهذا أمر صعب، لأن الأسواق تخضع لقوى العرض والطلب، إلا أنها قد تتأثر بخطته لدعم إنتاج النفط الصخري الأميركي.
سيتأثر النمو الاقتصادي الأميركي بسياسات ترامب التجارية، وهذا بالتأكيد سيكون له تأثير على معدلات نمو الاقتصاد العالمي. سيسعى إلى تعزيز الاقتصاد الأميركي عبر سياسات خفض الضرائب، وهذا سيكون له تأثير قصير الأجل عبر زيادة معدلات النمو، إلا أنه قد يفاقم حجم الدين العام الأميركي الذي تخطى مؤخرا حاجز الـ35 تريليون دولار.
الفورة الاقتصاد المتوقعة خلال أول عامين من حكم ترامب قد تعزز الطلب على المنتجات والخدمات، وهذا سيؤثر على قيمة الدولار وبالتالي التجارة العالمية.
وعد ترامب بخفض أسعار الفائدة، بل وطالب بأن يكون للرئيس دور في قرارات الاحتياطي الفيدرالي، وهو يؤيد بشدة زيادة الإنفاق ما سيؤدي لارتفاع معدلات التضخم، وهذا سيؤثر على قرارات «الفيدرالي» الذي قد يلجأ لزيادة الفائدة مجددا، وبالتالي ستتبعه البنوك المركزية العالمية ، ما سينعكس على الأسواق الناشئة وتكلفة الاقتراض عالميا.
الملف السادس ضمن تأثيرات فوز ترامب على الاقتصاد العالمي هو السياسة الخارجية والأزمات الجيوسياسية، إذ قد تؤدي بعض السياسات إلى عدم استقرار بعض المناطق، ما سيؤثر على التجارة والاستثمار فيها، بل وسيدفع المستثمرين للاتجاه إلى الملاذات الآمنة ومنها الدولار والذهب.
في المقابل، توجد مؤشرات وتفاؤل بشأن وعوده فيما يتعلق بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. وفي حال نجح في إخماد الحرب سينعكس ذلك إيجابا على التجارة العالمية وأوروبا والأسواق والناشئة.
فوز ترامب بالتأكيد سيكون له تأثيرات اقتصادية واسعة على الاقتصاد العالمي والأسواق والتجارة الدولية، إلا أن هذه التأثيرات ستكون متفاوتة حسب طريقة استجابة المستثمرين والأسواق والدول. أيضا لا يمكن إغفال الخبرات التي تراكمت لديه من فترة رئاسته الأولى، وكيف سيقوم بتوظيفها وتنعكس على قراراته التي قد تتفادى التأثيرات غير المرغوبة. كما لا يمكن تحديد المدى الذي سيذهب إليه بسياساته والوعود التي أطلقها.