كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في القمة الـ 11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الإقتصادي- مصر
بداية أريد أن أهنئكم على هذه التحفة الفنية التي تحتضن هذا المؤتمر وأدعو الله العزيز القدير أن يجعل هذه الواحة واحة خير واستقرار وازدهار لمصر الحبيبة.
أيها الحفل الكريم،
آت اليوم من بيروت، تلك العاصمة الصامدة، عاصمة كل العرب، العاصمة التي تعاني بصبر وإيمان بأن المستقبل سيكون أفضل. ولولا جهود جميع الأشقاء والأصدقاء، ومحبة الشعوب العربية والإسلامية قاطبة، لما استطاع لبنان مواجهة التحديات الكبرى. وهو اليوم يعوّل كثيراً على وقوفكم إلى جانبه في محنته المستجدة ، لكي يستطيع أن ينهض من جديد ويتخطى المصاعب الكبيرة التي تواجهه، بدءًا بمعالجة تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير.
أيها الحفل الكريم،
جئتكم اليوم من بلدي لبنان برسالة أمل بأننا كنا وسنبقى شركاء فاعلين في كل اللقاءات التي تجمع دول العالم للبحث في الهموم المشتركة والسعي لحل الأزمات المتراكمة. لكن هل يستقيم الحديث عن التعاون الإقتصادي، فيما يستمر العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا وغزة، حاصدًا الشهداء والجرحى والدمار غير المسبوق في كل القطاعات.
هل يستقيم الحديث عن التنمية ونحن نشهد كل يوم انتهاكاً جديداً لحرمة أرضنا وسيادتها؟
إن المدخل الحقيقي لولوج باب التنمية يبدأ باحترام الشرعية الدولية وتطبيق القوانين والمعاهدات والقرارات ذات الصلة بدءًا من القانون الدولي الإنساني والضغط على إسرائيل التي تواظب على عدوانها التدميري الذي لم يوقف عجلة التنمية في لبنان فحسب، بل أعاد الكثير من القطاعات سنوات طويلة الى الوراء.
بلغ عدد القتلى خلال الفترة الماضية في لبنان ما يزيد على 4 آلاف شهيد، بينهم 290 طفلاً و790 امرأة و241 من العاملين في القطاع الصحي والإسعاف وأكثر من 14 ألف جريح. كما تسبب العدوان بتهجير أكثر من مليون نسمة خلال ساعات من منازلهم.
وبحسب تقديرات البنك الدولي فإن كلفة إعادة الإعمار تحتاج الى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار منها ملياران ومئة مليون دولار لإعمار وتأهيل أكثر من ١٠٠ ألف منزل ووحدة سكنية تدمروا بفعل العدوان، وكذلك إعادة تأهيل المنشآت الحيوية مثل محطات ضخ المياه والمستشفيات والمدارس وأبراج الاتصالات.
والآن وقد بدأنا بعملية مسح الأضرار، نقدر كلفة الحرب على الإقتصاد والبيئة والزراعة أعلى بكثير حيث أدى العدوان الى حرق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية والحرجية، وتدمير سبل العيش لمئات الآلاف من اللبنانيين وتهجيرهم من قراهم ومدنهم مخلفاً أكبر حالة تهجير في تاريخ لبنان.
إن سبل التنمية لا تستوِ إلا بوقف الحروب المدمرة وانسحاب الجيوش المحتلة وتحقيق العدالة للشعوب وتحديد مصيرها واكتساب استقلالها وبسط سيادتها على كامل أراضيها. فلا تنمية من دون عدالة.
إن التنمية أيضاً هي فعل تعاون وعمل مشترك، لذلك نعوّل على مؤتمركم اليوم لدعم لبنان على تخطي محنته ومساندته في مسيرة إعادة البناء وتحفيز مسار التنمية المستدامة.
ومن جهتنا نؤكد موقفنا الثابت بالإلتزام بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701.
السيد الرئيس،
ختاماً لا بد لي من التذكير بالموقف الثابت الذي عبّرتم عنه خلال العدوان الإسرئيلي حيث قلتم لي شخصياً “مصر تدعم لبنان بالكامل وتقف الى جانبه في هذه الظروف الدقيقة، وترفض المساس بأمنه أو استقراره أو سيادته ووحدة أراضيه”.
وهذا الموقف يحفظ للتاريخ في سجل العلاقات الأخوية الصادقة بين مصر ولبنان وشعبي البلدين.
شكراً السيد الرئيس.