الرئيس ميقاتي: حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُمَّتِهِ

الرئيس ميقاتي: حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُمَّتِهِ

أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “أننا أوصلنا رسالة واضحة الى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين بوجوب وقف الخروقات الإسرائيلية والإنسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبأن الإلتزام بتطبيق القرار 1701، ليس مسؤولية لبنان فقط بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي. كما حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُمَّتِه، وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يرغب بحصوله”.

وكان رئيس الحكومة يتحدث في خلال رعايته قبل ظهر اليوم، بدعوة من “وزارة الثقافة” و”المؤسسة الوطنية للتراث” إفتتاح “جناح نهاد السعيد للثقافة” في المتحف الوطني في بيروت.

شارك في الحفل عقيلة رئيس الحكومة السيدة مي والرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام، وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، وزير الإعلام زياد مكاري، سفير مصر علاء موسى، رئيسة المؤسسة الوطنية للتراث السيدة منى إلياس هراوي، السيدتان لمى تمام سلام وهدى فؤاد السنيورة، الوزير السابق روني عريجي، السيدة بهية الحريري، أعضاء لجنة “جناح نهاد السعيد للثقافة” وشخصيات وممثلون عن المؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام.

الرئيس ميقاتي

وألقى رئيس الحكومة كلمة قال فيها: نلتقي اليوم هنا في رحاب المتحف الوطني لنفتتح “جناح نهاد السعيد للثقافة” ومعه يطل أفق جديد للمتحف نحو المستقبل، أفق يضج بالحياة.

فتحية للمؤسّسة الوطنية للتراث بشخص رئيستها السيدة منى الهراوي التي تبنّت، مع سائر الأعضاء، هذا المشروع الرائد بعدما كانت أدّت منذ انتهاء الحرب دورًا رئيسيًا في تجديد المتحف الوطني والحفاظ عليه. والتحية أيضاً لعائلة نهاد السعيد على دعمها الكبير لهذا المشروع الرائد وإيمانها برسالة المتحف الثقافية والوطنية. وتحية لروح نهاد السعيد الذي يحملُ الجناح اسمه، وهو الجامع لأعمال فنيّة والشغوف بالدفاع عن الثقافة.

بعد هذه الجولة التي قمنا بها يمكن القول أن هذا الجناح الذي يقع في جوار المتحف الوطني، بحلته المعاصرة، سوف يشكل مساحة تضج بالحياة، تنفخ الروح في معلمٍ وطني بقي صامدًا في وجه الحروب والدمار.

وقال: حكاية المتحف الوطني نموذج مصغّر لحكاية لبنان الذي شهد على مر تاريخه القديم والحديث الكثير من الفصول التي تبدو معالمها واضحة في ما يكتنزه هذا المتحف من مقتنيات تجسد انعكاساً لتاريخ مجيد من الأصالة والحضارات.

كما لا تزال جدران هذا المتحف وبعض محيطه يحمل بصمات تشهد على يوميات الحرب الأهلية  التي استمرت خمسة عشر عاماً، والمطلوب منا جميعاً أن نشبك الأيدي منعاً لتكرارها ولنُخمد كل إشارات الفتن المتنقلة والإنقسامات البغيضة التي نتابعها يومياً. ويبقى قدر اللبنانيين أن نعيش معاً تحت سقف واحد.

أضاف: ها نحن هنا اليوم نحيي مناسبة تأجل أوانها منذ الثامن عشر من أيلول الفائت بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان، متطلعين الى أن يكون هذا الإفتتاح إيذاناً بوقف نهائي وشامل للعدوان وتداعياته واستكمال نشر الجيش في كل الجنوب وعودة جميع اللبنانيين النازحين الى ديارهم بكرامة وعزّة وانطلاق ورشة الإعمار.

وقد أوصلنا رسالة واضحة الى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين بوجوب وقف الخروقات والإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبأن الإلتزام بتطبيق القرار 1701، ليس مسؤولية لبنان فقط بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي. كما حذّرنا من الإستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار لكونه يهدد التفاهم بِرُّمَتِه، وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يرغب بحصوله.

وقال: قدرنا أن نتخطى الصعاب معاً، وأن نجابه كل ما يعترضنا من مشاكل وأزمات يداً بيد حتى نعيد بناء المؤسسات بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية بإذن الله في جلسة الخميس المقبل لكي تنتظم الحياة السياسية، ولكي ننصرف جميعاً إلى ورشة إصلاح وإنماء، لنبني للأجيال الطالعة وطننا طالما حلموا به. على هذا الأمل تعالوا جميعا إلى كلمة سواء، وإلى توحيد الجهود.

سيبقى لبنان، بفعل المبادرات الطيبة قِبلةَ أنظار العالم، رغم كل ما يتعرَّض له من اعتداءات تطال الناس بأرواحهم وإنقاذهم. وجوابنا الدائم، أن لبنان، كما تؤكد عليه معالم وموجودات هذا المتحف العالمي الذي يؤرِّخ للتاريخ و الإنسانية، سيبقى في قلب الإنسانية وفكر العالم، لأنه قبلة العالم.

وزير الثقافة

وقال وزير الثقافة محمد وسام  المرتضى في كلمته: آتون من وجع السنة الماضية إلى مطلعِ هذا العام الجديد، لكي نفتتحَ بناءً نُضيفُه إلى خزانةِ التاريخ الجليلِ الذي مرَّ من عندِنا، وترك بصماتِه وآثارَ خطاه على كل شاطئٍ ووادٍ وسهلٍ وجبل من أرضِ لبنان، وعلى كلِّ جيلٍ من أجيالِنا المتعاقبة. كأننا باستضافتِنا لآثارِه ههنا، نصِلُ الماضيَ بالحاضر والآتي، ونرفعُ أمام مشاهد الدمار القريبِ منّا والبعيد، هُتافَ أصواتِنا الهادرة: “يقتلون فنحيا… يهدمون فنبني”. تلك إرادةُ الحياةِ في شعبٍ قارعَ صروفَ الدهر وأهوال العصور. ومشت في رَكْبِه الحضارة، قديمُها وأوسطُها وحديثُها، فإذا هو ملتقى الزمانِ وموئِلُ الثقافات، إن ضاق متحفٌ بتراثِه أضاف إلى جَنْبِه آخر، أو هُدِمَ له موضعٌ شيَّدَ مقاماً أعلى وأرحب.

أضاف: كثيرةٌ هي الأسئلة التي ترتسمُ علاماتُ استفهامِها أمام أعين اللبنانيين في هذه الأيام. ذلكَ أن المعوّقاتِ الكبرى ما انفكّت تتراكمُ في خلايا حياتِنا الوطنية، وتُهْدِرُ العديد من فُرَصِ الخلاصِ والتنمية. وبغضِّ النظرِ عن القراءات المختلفة لمجريات الأحداث التي عبرت، والتفسيرات المتناقضة لأسبابِها ونتائجِها، ينبغي لنا أن نلجأ جميعُنا إلى قراءةٍ واحدةٍ تنتسبُ إلى المستقبل. ذلك يقتضي منا الإيمان بأننا في الحقيقة شعبٌ واحدٌ ولو تفرَّقَت بيننا بعضُ السبل، وأنّ التحديَ الأكبرَ أمامَنا هو أنْ نُحسِنَ إدارةَ التنوع الذي يميزُنا لنجسِّدَ فعلًا معنى لبنان. ذلك يبدأ بترميم الحياة الدستورية وإعادة انتظام خفقانِ الدمِ في أوردتِها عبر انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، في أسرعِ وقتٍ وأوسعِ توافقٍ ممكنين. إنّه البابُ الأوّلُ المفضي إلى إعادة تكوين السلطات، بغيةَ الشروعِ في عملية الإنقاذ. ويقينًا، إنّ قلوب اللبنانيين تشتعلُ فيها أمانٍ وطيدةُ الرجاء، بأن تحمل لنا جلسة التاسع من كانون الثاني، رئيسًا يملأ الفراغ ويبدأُ البناء. فهل تُرانا، أو هل تُراهم فاعلون؟

ومن القضايا الأساسية التي يفرضُ علينا الواقعُ أن نقرأَها كلُّنا بلغةٍ واحدة، قضية إعادة الإعمار التي تستدعي المؤازرة من جميع الدول؛ وخصوصًا تلك التي منحت العدو الدعمَ الكامل في السياسة والأمن والإقتصاد والسلاح، خلال عدوانِه الهمجيّ على لبنان، وتدميره لكثيرٍ من مناطقه وقراه. تلك مسؤولية قانونية وأخلاقية يجبُ المطالبةُ بها من جهة، كما يجب من جهة أخرى تسهيلُ الإجراءات أمام كلِّ عطاءٍ من أيِّ دولةٍ شقيقة أو صديقة، يهدفُ إلى إعادة الإعمار.

وقال: أما أجلُّ القضايا التي على اللبنانيين أن يجتمعوا عليها، فهو واجبُهم الدائم أن يتلمّسوا مواضعَ اللقاءِ فيما بينهم، ويتحسَّسوا الأخطار التي قد ترد من الخارج، وتعيثُ فيهم شرذمةً وخلافات. ومثلما قلتُ سابقًا: في الحرب المشؤومة سادت مقولة معروفة: “حرب الآخرين على أرضِنا”. وإذا كنا نحن فعلًا من أوقد النار في وطننا، بانقساماتنا المعهودة، فمن حقّ جميع المواطنين الآن أن يطالبوا قياداتِهم السياسية بالتصدّي عبر السياسة والثقافة والقانون والسلاح، لأيّ عدوانٍ يلجُ حدودَنا، وفي الطليعة العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف رغم تفاهم وقف الأعمال العدائية. من حقّ المواطنين أن يرتفعَ بين السياسيين صوتُ الوحدة الوطنية الذي يقدم سلامةَ لبنان ووحدةَ شعبه ومؤسساته وترابه، على كل أمر آخر أو قضية أخرى أو هوًى انفصالي. من حقّ المواطنين أن يؤمن أهل السياسة بأن الشعب جسدٌ واحد إن قوِيَ منه عضوٌ تشدّدت سائر الأعضاء، أو مرضَ منه عضوٌ تداعى له الجسدُ كله بالسهر والحمى.

وقال: التاريخُ الذي نحتفل به اليوم يلزمُنا باحترامِ حياتِنا معًا. فلنكن على قدر المسؤولية الوطنية ولنعملْ من أجل السيادة الحقيقية والدولةِ الكاملةِ المواصفات. ولقد كان عليَّ أن أوجّه كلمات الشكر في بداية هذا الخطاب، لكنني تركتُها إلى الآن لتكون مسك الختام.

الشكر لكم يا دولة الرئيس على إحاطتكم وعنايتكم وتصديقكم على قرار وزارة الثقافة تسمية هذا المركز باسم مركز نهاد السعيد للثقافة.


والشكرُ للسيدة الأولى منى  الهراوي، وللسيّدة لمى سلام، وللسيّدة ريما شحادة ولآل السعيد الكرام وللوزير الصديق روني عريجي ولسائر أعضاء المؤسسة الوطنية للتراث وأعضاء لجنة مركز نهاد السعيد الثقافي على كل سعيٍ ومساهمةٍ واهتمام، فلولا جهودهم الدؤوبة لما كان هذا المعلم ليقوم. بارك الله في هذا المركز الثقافي المتميّز، عساه يشهد أبهى الفعاليات ولبنان بألف خير وعافية.

السيدة هراوي

وقالت رئيسة “المؤسسة الوطنية للتراث” السيدة منى هراوي في كلمتها:

يسعدني أن أرحّب بدولة الرئيس والتوجّه بالتقدير للدور الكبير الذي يؤدّيه على الصعيد الوطني، في مرحلةٍ لَعلّها الأقسى والأصعب في تاريخ لبنان.

كما أرحّب بجميع المقامات الرسميّة والروحيّة والعسكريّة وكافة الأصدقاء الواهبين.

نحتفل اليوم سوياً بافتتاح صرح ثقافي حيوي بامتياز، ملحق بالمتحف الوطني العزيز على قلوبنا جميعاً والذي أسهمت المؤسسة الوطنية للتراث في إعادة تأهيله بالتعاون  مع المديرية العامة للآثار بين العام ٩٦ و ٩٩، كما تمكّنت بالرغم من الظروف الصعبة وبفضل تعاطف العديد من الأصدقاء، من المحافظة على هذا المتحف التاريخي الذي يضمّ مجموعات أثرية تنتمي ال ۱۸حضارة عريقة تختصر ٦۰۰۰ سنة من عمر الزمن.

أضافت: وبهدف تطوير دور المتحف الوطني الثقافي والإنساني وجعله أكثر حيوية وانفتاحاً على عالم الغد إسوةً بكبار متاحف العالم، قَرّرت المؤسسة في العام ٢۰۱٤ إستحداث فسحة للتلاقي والحوار والتعرّف على الفنون والثقافات العالمية.

إقترحت الصديقة ريما السعيد وهي عضو في الهيئة التنفيذية للمؤسسة أن تكون عائلة السعيد شريكاً أساسياً في المشروع الجديد؛ وهكذا كان إذ بادرت السيدة سلمى السعيد الى تقديم هبة عينيّة قيّمة وافق على قبولها مجلس الوزراء كما وافق على الترخيص للمؤسسة بإِنجاز الأعمال بِموجبِ عقدٍ تَمّ توقيعَه في أيلول ٢۰۱٤ بين الدولة اللبنانية – وزارة الثقافة ممثلة بمعالي الأستاذ ريمون عريجي والمؤسسة الوطنية للتراث ممثلة بي شخصياً كون لي شرف تَرؤسِها.

وبغية تمويل هذا المشروع، تمّ التوافق بين المؤسسة وآل السعيدعلى أن يشارك الفريقان في تغطية كلفة أعمال التصميم والبناء والتجهيز التي أُوكلت الى مكتب المهندس رائد أبي اللمع، وتمّ وضع حجر الأساس في تشرين الثاني ٢۰۱٦.

وبما أن الكلفة الإجمالية تعدّت المبلغ المرصود لها، أَطلقتْ المؤسسة مطلع العام ٢۰۱۸ حملة تبرعات، فاستجاب العديد من رجال الأعمال والأصدقاء وغطّت عائلة السعيد باقي المتوجبات فأُنجز المشروع الذي استغرق ۱۰ سنوات.

وللمناسبة نثمّن كثيراً إسهام آل السعيد، لذا وبناءً على رغبة العائلة الكريمة، تمّ إطلاق إسم “جناح نهاد السعيد للثقافة” على الفسحة المخصّصة للنشاطات الثقافية والفنية، كون المرحوم نهاد السعيد كان رجل علمٍ شغوفاً بالفنِ والثقافة.

كما وُضعت لوحة تذكارية على المبنى الجديد تخليداً لأسماء جميع المتبرّعين الكرماء الذين تمكّنت المؤسسة بفضلهم من تحقيق هذا المشروع.

وقالت: نَحن وبالرغم من قساوة المرحلة التي يجتازها وطننا لبنان والمنطقة، فالتشبّث بعراقتنا كبير والإيمانُ راسخٌ بالمستقبل. ولقد تَعلَّمنا عبر العُصورِ المتعاقبة ثقافة الصبرِ والصمود والإستمرار. وهذا الإنجاز الجديد فِعلُ إيمانٍ بلبنان.

إن هذا المشروع لم يكن ليرى النور لولا التعاون الوثيق بين وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار والمؤسسة الوطنية للتراث ولولا جديّة العمل في إطار قانوني شفاف.

وإذ أوجّه باسم مجلس أمناء المؤسسة تحيّة شُكرٍ وتَقدير لراعي هذا الإحتفال دولة الرئيس نجيب ميقاتي، أخُصُّ بالشكرِ معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على دعمه الدائم للمؤسسة.

ولَن أنسى توجيه تحيّة شُكرٍ وتقدير الى معالي وزير الثقافة الأَسْبَق الصديق روني عريجي الذي دعمنا يومَ إطلاق مشروعنا هذا وهو مستمرٌ معنا في الهيئة التنفيذية للمؤسسة.

كما أُحيّي المهندس رائد أبي اللمع لإنجازه الرائع في جمالية هذا البناء العصري، واللجنة الإدارية للمشروع لا سيما السيدات لمى سلام، ريما السعيد شحاده، سلوى سلمان ويمنى كرم، لَهُنَّ مني كل الإمتنان والمحبّة. وأخيراً للإعلاميين ووسائل الإعلام والتواصل شكرٌ كبير لمواكبتهم باستمرار لأنشطة المتحف الوطني.

وختمت السيدة هراوي: إن مشروعنا الذي يُفْتتح اليوم، هو بالنسبة لنا نوعٌ من المقاومة الفكرية والثقافية في وَجهِ التحديّات والمصاعب وما أكثرها في أيامنا هذه! إنه تجسيدٌ لِوَجْهِ لُبناننا الحضاري المشرق، لبنان التلاقي والشراكة والإبداع، لبنان وطن الإنسان.

السيدة لمى سلام

وقالت عضو مجلس “المؤسسة الوطنية للتراث” السيدة لمى تمام سلام في كلمتها: باسمي واسم أعضاء لجنة جناح نهاد السعيد للثقافة: روني عريجي، سلوى السعيد سلمان، يمنى زياده كرم، صالح بركات وسمير علي أحمد، أرحب بالحضور الكريم في هذا اليوم المميز، الذي لا يقتصر على كونه حدثاً خاصاً بالمؤسسة الوطنية للتراث، ولا على عائلة نهاد السعيد، بل يُعتبر مناسبة وطنية هامة، حيث أن هذا المبنى هو ملحق للمتحف الوطني الذي نفتخر به، كونه من أهم المعالم الوطنية.

إن جناح نهاد السعيد للثقافة، من تصميم المهندس رائد أبي اللمع، يُسهم في الثراء الثقافي للتراث اللبناني من خلال برامج مبتكرة ومعارض نوعية، بمشاركة فعالة من المجتمع. وفي الوقت ذاته، يشكل دعماً لمتحف بيروت الوطني في توفير إيرادات إضافية له، من خلال أنشطة متنوعة ومطعمٍ بادارة الشيف حسين حديد.

هذا الصرح الثقافي هو تكريم للإنسان الراقي والمثقف.

أضافت: نهاد السعيد ولد سنة ١٩٣٧. والده فؤاد السعيد ووالدته سلوى دمشقية. وقد تفوق في دراسته وتخرج من جامعة كامبريدج في إنجلترا بامتياز. كان رجل أعمال ناجح تميّز بشغفٍ للفن و الثقافة. تحوّل شغفه بجمع التحف الفنية القيمة إلى ولع حقيقي بفن المعادن الإسلامية من العصور الوسطى.

رحل نهاد السعيد عن الدنيا، و عمره ٤٥عاما، سنة 1982، بعد فترة قصيرة من إصدار دار “سوذوبيز” لكتابه القيّم عن “فن المعادن الإسلامية”.

وقالت السيدة سلام: الإهتمام بالفن والثقافة لم يقتصر على نهاد السعيد، بل شمل شقيقته ريما السعيد شحادة، التي حملت راية مشروع جناح نهاد السعيد، وكان لها الفضل الكبير في مواصلته وتنفيذه.

إن جناح نهاد السعيد أصبح حقيقة بفضل زوجته السيدة سلمى السعيد، فقد بذلت جهوداً متواصلة ودعماً ومساندة، قلّ نظيرهما، وإصرارٌ لإنجاز المبنى وتجهيزه على أعلى المستويات. كان حضورها وتشجيعها ونصائحها اليومية حافزاً لنا جميعاً.

ومع ذلك، فإن هذا المشروع لم يكن ليُبصر النور لولا وجود سيدة ورائدة ذات قدرات مميزة، على رأس المؤسسة الوطنية للتراث، السيدة منى الهراوي. فقد ساهمت من خلال جمع التبرعات من مجموعة كريمة داعمة للثقافة، بجزء من الأعباء المالية، وضعت أسماوءهم ضمن لوحة تكريمية على مدخل الجناح.

وقالت: كما أود أن أتوجه بالشكر لمعالي الوزراء القاضي محمد المرتضى والأستاذ وليد نصار والأستاذ روني عريجي على ثقتهم ومجهودهم وتعاونهم الذي سَهَّل عملية إنجاز المشروع. وفي الختام، كل الشكر لدولة الرئيس نجيب ميقاتي على احتضانه وتشجيعه ورعايته.

والآن، أتمنى على السيدة الهراوي، والوزير المرتضى، والرئيس ميقاتي، أن يتفضلوا تباعاً إلى المنبر لإلقاء كلماتهم، ومن ثم الإنتقال إلى زيارة معرض “بوابات وممرات” الذي ينظمه متحف “بيما”، والذي يجسد العبور من الماضي إلى الحاضر، آملين أن يشهد وطننا عبوراً إلى أيام أفضل.

وفي الختام كانت جولة في المتحف.

نبذة عن جناح نهاد السعيد للثقافة:

“يندرج جناح نهاد السعيد ضمن سلسلة حكايات تراث الماضي ويفتح صفحة جديدة من تاريخ المتحف الوطني. فتأتي هذه المساحة الحديثة والمشرقة نتيجة عمل هندسي دقيق ليصبح منصّة ناشطة حيث تلتقي الفنون والثقافة مُجدّدةً هويّتها باستمرار.

تقتصر مهمّة الجناح على الإحتفال بالثراء الثقافي اللبناني ونشره من خلال برامج مبتكرة ومعارض جريئة والتزام مجتمعي قويّ. بذلك، يُقدّم الجناح مساحةً حيث نستطيع استكشاف الهويّة الوطنية وتعزيزها، حيث نوقظ فضولنا وحيث يستمدّ الإبداع من التربة الخصبة. في الوقت نفسه، يساهم بشكلٍ كبير في الدعم المالي للمتحف الوطني وتوسيع نطاق عمله. بالفعل، سيكون الجناح مخصّصًا لتنظيم النشاطات الثقافية والإجتماعية واستضافتها من مؤتمرات واجتماعات وحلقات نقاش إلى توقيعات كتب وغيرها من الأنشطة “المؤسسية” لتقديم الدعم المالي للمتحف الوطني في بيروت. أضف إلى ذلك “The Pavilion Café” بإشراف الشيف حسين حديد، جاهز لاستضافة المناسبات كافة.

مشروع مدعوم من المؤسسة الوطنية للتراث

رأى هذا المشروع الطَموح النور بفضل الإلتزام المستمر للمؤسسة الوطنية للتراث التي أسّستها وأدارتها السيّدة منى الهراوي. فمنذ نهاية الحرب الأهليّة أدّت هذه المؤسسة دورًا رئيسيًا في تجديد المتحف الوطني والحفاظ عليه. وإنّ هذا التعلّق العميق بالمتحف هو الذي سمح للمؤسسة بتصميم المشروع بالشراكة مع عائلة السعيد.

رغم أنّ عائلة السعيد كانت المُموّل الأساسي، تمكّنت المؤسسة الوطنية للتراث من جمع المزيد من التمويل من الجهات المانحة والشركات الخاصة، ممّا يدل على الأهميّة الجماعية التي يحظى بها المشروع.

تصميم هندسي مليء بالرؤية

إنّ جناح نهاد السعيد للثقافة هو ثمرة العمل الذي قامت به شركة رائد أبي الّلمع للهندسة المعمارية. ومن خلال دراسة أرشيف المتحف التاريخي، اكتشف المهندسون على الخريطة الأصلية جناحيْن كان من المفروض إضافتها على المبنى الرئيسي لكنّه تمّ بناء الجناح الأيسر وحسب. بذلك، يشغل اليوم جناح نهاد السعيد المساحة الشاغرة على يمين المتحف فيتكامل بتناغم مع المبنى الحالي، مضيفًا لمسة معاصرة إليه.

يتميّز الجناح بتصميمه الذي يشعّ أناقَةً وليونة، مقدّمًا مساحة متعدّدة الإستخدامات تستوعب نشاطات ثقافيّة متنوعّة. فيجمع هذا الإمتداد الطبيعي للمتحف بين التقاليد والإبتكار باستخدام نفس مواد البناء الأساسي لكن مع إضافة لمسة معاصرة.

معرض إفتتاحي عريق

رغبةً منه بالتعاون مع جهات مختلفة منذ بدايته، إختار جناح نهاد السعيد للثقافة أن يعهد الى متحف بيروت للفنون BeMA تنظيم المعرض الإفتتاحي “بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال”.

إنّ هذا المعرض الرمزي، يُسلّط الضوء على العلاقة بين الواقع والخيال من خلال الحوار بين الأعمال الفنيّة الحديثة من مجموعة وزارة الثقافة والأعمال الحديثة التي يقدّمها الفنانون وهواة جمع التحف.

ينقسم المعرض إلى أربعة فصول رمزيّة – الذاكرة والأساطير والإدراك والأرض – ويدعو الزّوار للسفر عبر الزمان والمكان بالتطلّع إلى الموضوعات العالميّة التي تربط الأعمال الفنيّة ببعضها. عند العبور من جزءٍ إلى آخر يوّلد فينا التفكير والعاطفة فتحيك ما بين عناصر الماضي والتفسيرات المعاصرة التي تسمح بنظرة جديدة على التراث الثقافي اللبناني.

مع توافد أوّل الزوار إلى الجناح، تمّ استقبالهم في مساحةٍ تعكس بتصميمها ومهمتها رغبتها بأن تكون جسر عبور بين العصور والثقافات والأفكار. فمن المُقدّر أن يصبحَ جناح نهاد السعيد منارة للإبداع والإبتكار، ممّا يعكس روح بلدٍ يرفض الموت.

سيستمر المعرض الإفتتاحي “بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال” حتى 10 كانون الثاني 2025.

Spread the love

adel karroum