معلومات تعرفونها لأول مرة عن مشروع “القرآن الاوربي” ، فهل تسلم اوربا بعدما تأثر كبلر مثقفيها بالقرآن الكريم ؟

بقلم: الصحافي حسن الخباز
بعد الاهتمام الكبير الذي اولاه كبار المثقفين الاوربيين للقرآن الكريم ، وقد تجلى ذلك من خلال كتابااتهم وآرائهم ، هناك اهتمام غريب بمشروع “EuQu”، وهو اختصار لمشروع “القرآن الأوروبي”
وهذا المشروع ظل، حتى وقت قريب، مشروعا بحثيا بحتا يخضع لتقدير الجامعات، وفي المقابل تعرض منذ منتصف أبريل الماضي في صحيفة لو جورنال دو ديمانش الفرنسية.
وقد ، تعرض الكاتب يونس بوسنة في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية لجزء من تاريخ هذا المشروع والعاملين عليه وما حققه حتى الآن، ابدى استغرابه في نفس الوقت للهجوم الحالي عليه من طرف الأوساط اليمينية على زعم انه متعلق بأجندة جماعة الإخوان المسلمين.
ويروي، الصحافي بوسنة، ان بحته ممول من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 9.8 ملايين يورو، وهدفه استكشاف تأثير القرآن الكريم على الثقافة والدين والفكر الأوروبي في الفترة ما بين عام 1143 (تاريخ أول ترجمة لاتينية للقرآن الكريم) و1850.
هذا ، وقد تم اختيار مشروع بوستة ضمن منح التآزر المرموقة الممنوحة من مجلس البحوث الأوروبي (ERC)، والذي يتولى تنفيذه اربعة من كبار العلماء .
وتجدر الإشارة إلى أن المشروع أنتج الكثير من الأعمال الجليلة نذكر منها : 11 مجلدًا جماعيًا منشورًا، و6 أعمال فردية، و4 أطروحات، و30 مقالًا، والعديد من المعارض والمنشورات العامة، بما في ذلك قصة مصورة وعمل شامل بعنوان “القرآن الأوروبي”.
وتتجلى اهميته في إلقائه الضوء على الاستقبال الفكري والفني والسياسي للقرآن الكريم في أوروبا، متجاوزًا بذلك كليشيهات المواجهة الدينية.
وقد اكد منسقه جون تولان انه : “من الواضح أن القرآن الكريم ليس من أوروبا، تمامًا كما هو الحال مع الكتاب المقدس، إن الحديث عن “قرآن أوروبي” يعني دراسة تأثيره على الأوروبيين لدى استقبالهم له وترجمته وتفسيراته”.
وفي نفس السياق ، سلّطت الباحثة إيمانويل ستيفانيديس، الضوء على دور القرآن الكريم في الأدب الرومانسي، والذي غالبًا ما أُغفِل حتى الآن حيث تقول: “غوته (فيلسوف ألماني) وبوشكين (شاعر وكاتب روسي) وفيكتور هوغو (شاعر فرنسي) كتبوا قصائد تُعدّ إعادة صياغة حقيقية لبعض سور القرآن”.
وهناك أعمال كثيرة أخرى تظهر كيف بدأ يُنظر إلى القرآن الكريم في اوربا ، منذ القرن الـ18 ، على أنه قانون تشريعي بدلًا من مجرد نص ديني، ولا سيما من قِبل عالم الاجتماعي الفرنسي جان جاك روسو، الذي استشهد به كنموذج للقانون في كتابه “العقد الاجتماعي”.
طبعا ، هناك فصائل سياسية ابدت قلقها من هذا المشروع بعد مقال نُشر في صحيفة “جورنال دو ديمانش” فضلا عن تغطية إعلامية قادها مجموعة بولوريه وصحيفة لوفيغارو،، حيث بدأت شخصيات التيارات اليمينية في التشكيك بهذا المشروع وقد تساءل أعضاء في البرلمان الأوروبي عن تمويله .
وفي هذا السياق ، طرح وزير بحكومة ماكرون ويتعلق الامر بنيامين حداد فكرة تشديد الرقابة على الإعانات الأوروبية، حيث قال بالحرف : “لا ينبغي استخدام يورو واحد من المال العام الأوروبي لتمويل أعداء القيم الأوروبية”.
و في المقابل هناك مواجهة حامية الوطيس مع المتحاملين على المشروع ، فقد ، نشر حوالي ثمانين أكاديميًا بيان دعم، ويلخّص تريستان فيجليانو الوضع : “هذه الهجمات سخيفة في جوهرها […] لكنها مثيرة للقلق لأنها تهدف إلى تقييد الحرية الأكاديمية”.
وفي تطورات الحدث ، يرى جون تولان المشروع كجزء من رؤية لأوروبا متعددة ومندمجة وتاريخية، بعيدة كل البعد عن الرؤى الجوهرية التي تروج لها بعض الحركات المتطرفة: ” ويتعارض مع أساطير اليمين المتطرف والسلفيين، الذين يحلمون بتاريخ نقي، أبيض أو مسلم فقط”.
السؤال الذي يطرح نفسه بحدة في الظرف الراهن هو هل تسلم اوربا بعدما تأثر كبار مثقفيها بالكتاب المنزل على رسول الإسلام والمسلمين . هذا ما ستجيب عنه الايام القادمة ، خاصة بعد الاهتمام الكبير الذي حظي به مشروع “القرآن الاوربي” .