البطريرك الراعي: تبقى العائلة النواة الصامدة، والحصن الأخير لبناء الوطن

البطريرك الراعي: تبقى العائلة النواة الصامدة، والحصن الأخير لبناء الوطن

ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد السادس من زمن العنصرة في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان يعاونه المطرانان حنا علوان والياس نصار الأباتي سمعان أبو عبدو،الاب فادي ثابت ، الاب هادي ضو ، الاب جوني سابا

وحضر القداس النائبان ندى البستاني وجورج عطالله والنائب السابق أدي معلوف ، الرئيس السابق للرابطة المارونية السفير خليل كرم ، فرق السيدة فرع لبنان الذين احتفلوا بالقداس الأول بمناسبة عيد الزوجين. وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك عظة بعنوان : كونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمام.”

قال فيها: عندما أرسل يسوع تلاميذه والكنيسة، نبّههم أنّهم سيلقون الإضطهاد بسببه، وبسبب الحقيقة التي يعلنونها، والمحبّة التي يعيشونها ويشهدون لها بأعمالهم، وقداسة السيرة التي يسلكونها. وقال لهم: “ها أنا أرسلكم كالخراف بين الذئاب. كونوا حكماء كالحيّات، وودعاء كالحمام” (متى 10: 16).

وتابع :الحكمة هي فضيلة وموهبة من أولى مواهب الروح القدس السبع. تساعد العقل على تمييز الخير الحقيقيّ، وعلى اختيار الوسائل الفضلى للبلوغ إليه. وتلتقي الحكمة مع الفطنة في حسن التصرّف مع الانتباه والحذر.

أمّا الوداعة فهي تواضع القلب المنفتح على الله والناس. إنّها من ثمار الروح القدس فينا إلى جانب اللطف والقرب والمحبّة وروح السلام. ويضيف الربّ يسوع على هاتين الفضيلتين، فضيلة الصبر، مؤكّدًا: “من يصبر إلى المنتهى يخلص” (متى 10: 22). الصبر يرتكز على فضيلة “الرجاء الذي لا يخيّب” (روم 5: 5). فالرجاء يشجّع على الثبات وقبول الإضطهاد كما فعل المسيح نفسه، إذ قال: ليس تلميذ أفضل من معلّمه … فحسب التلميذ أن يصير مثل معلّمه … فإذا لقّبوا ربّ البيت ببعل زبوب (رئيس الشياطين)، فكم بالحريّ أهل بيته” (متى 10: 25).

وتحدث عن فرق السيدة وعيد الزوجين وقال :يطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا للإحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وبخاصّة بفرق السيدة، Équipes Notre-Dame الاعزاء، الذين يشاركوننا بدعوة كريمة من “راعويّة الزواج والعائلة” التابعة للكرسيّ البطريركيّ في بكركي. “فرق السيّدة” حركة رسوليّة أسّسها سنة 1939 خادم الله الأب Henri Caffarel. غايتها عيش الحياة الزوجيّة كدعوة إلى القداسة بالصلاة، والتأمّل بكلام الله، والمشاركة في الحياة الزوجيّة، والنموّ في المحبّة، في ما يُعرف “بحياة الفريق Vie d’équipe”.

أسّس الأب Caffarel فريق السيدة كحركة دوليّة، منتشرة حاليًّا في أكثر من ثلاث وتسعين دولة، وتكوّن شعلة العائلة المسيحيّة الحيّة، وتجسّد في العالم وجه المسيح المحبّ والمتواضع، من خلال حياة الأزواج الذين يعيشون الإيمان ببساطة يوميّة ولكن بعمق كبير. فتضمّ هذه “الفرق” اليوم 72،000 Couples، و2،900 أرمل وأرملة، و 9،100 كاهن مستشار روحيّ. وقد تأسّست سنة 1963 منطقة لبنان التي تضمّ الأردن والإمارات وقطر، وتتألّف حاليًّا من 500 كوبل، و15 أرمل وأرملة، و70 كاهنًا مستشارًا روحيًّا.

لقد فهم المؤسّس الأب Caffarel أنّ سرّ الزواج لا يختصر بمجموعة واجبات إجتماعيّة أو طقسيّة، بل هو دعوة إلى القداسة في قلب الحياة، حيث تتحوّل الشركة الزوجيّة إلى عيش ملموس للنعمة الإلهيّة. وهكذا، بنموّ هذه الحركة، باتت تشكّل اليوم شبكة روحيّة عالميّة ترافق الأزواج، وتزرع في قلوبهم فرح الإنجيل، وتقوّي التزامهم تجاه بعضهم البعض، وتجاه أولادهم ومجتمعهم.

وأشار إلى أن حركة “فرق السيدة” شاءت أن يكون قدّاسنا اليوم فاتحة “عيد الزوجين”، كما يوجد “عيد الأمّ” و “عيد الأب” و “عيد العائلة”. وترغب أن يصبح هذا العيد عيدًا سنويًّا يجدّد فيه الزوجان العهد بينهما، ويعاد التأكيد على أنّ سرّ الزواج هو في ذاته دعوة ورسالة ومسيرة خلاص.

وفيما نحن نحتفل بهذا العيد الجديد ترافقنا نعمة عظيمة من السماء، هي حضور ذخائر القدّيسين الزوجين لويس وزيلي Martin، والديّ القدّيسة تريز الطفل يسوع، اللذين أعلنهما السعيد الذكر البابا فرنسيس قدّيسين معًا سنة 2015. وقد عاشا حياتهما في نور الإنجيل بالعمل والتربية والصلاة والتضحية. وأظهرا أنّ العائلة التي تبني بيتها على الصخرة، صخرة الإيمان، لا تهزّها عواصف الحياة. من بين أولادهما التسعة، واجها وفاة أربعة منهم، فيما خمس دخلن الحياة الرهبانيّة. فكانت القدّيسة تريز الطفل يسوع، بحسب شهادة القدّيس البابا بيوس العاشر: “أعظم قدّيسة في العصر الحديث”. وقالت القدّيسة تريز يومًا: “تعلّمت القداسة من والديّ”. إنّها بزيارة ذخائرها إلى لبنان في هذه الأيّام، تنثر ورود النعم على هذا الوطن وشعبه.

إنّنا بمناسبة زيارة ذخائر والديها القدّيسين لويس وزيلي، نجدّد التزامنا بالحبّ العائليّ، ونثق بأنّ العائلة، رغم التحديّات، قادرة على أن تكون مهد قداسة، إذا تأسّست على الإيمان، وانفتحت على النعمة، وسلكت طريق المحبّة المتبادلة والتضحية الصامتة.

وأضاف : في خضمّ ما نعيش من أزمات وضغوط اقتصاديّة واجتماعيّة تحاصر العائلة في وطننا لبنان، تبقى العائلة النواة الصامدة، والحصن الأخير، والمدرسة الأولى والطبيعيّة للقيم.، واول مجتمع على الأرض، فحين تُبنى العائلة على الإيمان، يُبنى الوطن على الرجاء. كلّ عائلة تعيش حبّها بأمانة، تسهم في بناء لبنان الجديد، لبنان الدولة المتنوّعة ثقافيًّا ودينيًّا، لبنان الرسالة، لبنان التلاقي، لبنان الإنسان، لبنان العيش المشترك المنظّم في الدستور بروح الميثاق الوطنيّ.

وختم:فلتكن أمّنا مريم العذراء، شفيعة فرق السيدة، وسيّدة جميع الشعوب، رفيقة درب الأزواج، ونجمة عائلاتنا، ومثال الطاعة والثقة والتسليم لمشيئة الله، الذي له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين.

وكان القداس قد استهل بكلمة للمستشار الروحي لفرق السيدة منطقة لبنان الاباتي أبو عبود قال فيها:

بِفَرَح كَبِيرٍ ، وبِقَلْبِ مُمْتَلِي بالشكر والتَّسْبِيحِ ، نَجْتَمِعُ اليَوْمَ لِلْمَرَّةِ الأُولى في لبنان، في عِيدٍ أَرَدْنَاهُ عُرْسًا روحيًا للأزواج، بعنوان” : عيدُ الزَّوجَيْنِ ، وبرعاية شفيعينا القديسين لويس وزيلي مارتان، والذي القدّيسة تريزيا الطفل يسوع والوجه الأقدس، الشاهدَيْنِ بِحَياتِهما الزوجية والعائلية على جَمالِ قُدْسِيَّةِ سِرّ الزواج . هذان الزوجان هما أول زوج وزوجة يُعْلَنَان قديسين معًا في الكنيسة الكاثوليكية، وفي هذا السنة 2025 ، نحتفل بالذكرى العاشرة لإعلان قداستهما. والبارحة كان عيد هم وذكرى زواجهم .

في هذا اليوم، نَتَوَجَّهُ بِأسمى آيات الشكر والامتنان إلى غِبْطَةِ أبينا البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، الذي شرفنا باستقبالنا في هذا الصَّرْحِ البَطْريركي العريق، رافعاً الصَّلاةَ عَلى نِيَّةِ الأزْواج في لبنان والعالم، لِيُصْبِحَ هذا العِيدَ الْأَوَّلَ، مَوْعِدًا سَنَوِيًّا لِلرَّجاءِ وَالرُّجوع إلى ينابيع الحُب الزوجي الأصيل.

نَشْكُرُ لكم مَحَبَّتكم ورعايتكم الأبوية يا صاحب الغبطة، رافعين الصلاة لتبقى مسيرتكم القيادية والرَّعَوِيَّة والكنسية، صَوْتَ الحَقِّ وَرَجاءِ لبنان، بروح “الشركة والمحبة”.

في هذا اللقاء، الَّذي تُطْلِقُهُ فِرَقُ السَّيِّدَةِ منطقة لبنان (END Region Liban) ، نَضَعُ أمامَ الرَّبِّ وَفِي قَلْبِ الكنيسة، شهاداتِ حُبّ وَعَهْدِ مُتَجَدّدٍ بَيْنَ الأزْواجِ، وَنَسْأَلُ بِشَفاعَةِ القِدَيسَيْنِ لويس وزيلي مارتان ، أن يُبارِكَ الرَّبُّ كُلَّ الأزواج، وَيُعْطي لِبُيُوتِنَا فَرَحَ الْإِنْجِيلِ، وَنِعْمَةَ أَنْ تَكُونَ كَنَائِسَ بَيْتِيَّةً ، تَنْبُعُ مِنْها صَلاةٌ، وَمَحَبَّةٌ، وَغُفْرانٌ.

أَهْلًا بِكُمْ فِي هذا العُرْسِ الرُّوحي أيها الأزواج، لقد أتيتم من كل لبنان وبلاد الإنتشار أهلا بِكُلِّ حُبّ نَضج في صلاة. أهلا بِكُلِّ قَلْبِ عَرَف الصمود في وسط أحزان الزمان.

ليتقدم بعدها الأزواج يتقدم تعبر عن مسيرتهم ودعوتهم الخاصة في فرق السيدة وهي صورة للأب كاساريس مؤسس الفرقة، إكليلية وبطرشيلا، ذخيرة الزوجين القديسين لويس وزيلي مارتان، وأيقونة العائلة المقدسة شعار فرق السيدة.

Spread the love

adel karroum