ماذا تريد إسرائيل؟ وإلى أين تدفع المنطقة؟

بقلم سمير الحاج
في ظل التصعيد المتواصل والضربات المتنقلة التي تنفذها إسرائيل من سوريا إلى لبنان فغزة مرورًا بالضربات السيبرانية والاغتيالات داخل إيران يبرز السؤال الجوهري: ماذا تريد إسرائيل؟
ليس خافيًا على أحد أن ما يجري اليوم ليس مجرد ردود أفعال عسكرية على تهديدات أو عمليات بل هو مشروع متكامل لتفكيك قوى المقاومة وفرض واقع سياسي جديد في المنطقة أساسه الهيمنة الإسرائيلية بدعم وتغطية أميركية واضحة.
ففي غزة تُمارس إسرائيل سياسة الأرض المحروقة حيث الذبائح الجماعية والتجويع الممنهج يهدفان إلى إخضاع الشعب الفلسطيني وكسر بيئة المقاومة وفرض قيادة بديلة لا تشكل أي تهديد لمشروعها.
أما في لبنان فإن الاستهداف المتكرر لحزب الله ومحيطه وتسعير الأزمات الداخلية ومحاولة دفع البلاد نحو الانهيار ليست إلا أدوات لكسر جبهة دعم فلسطين وإعادة لبنان إلى حالة “اللاقدرة واللاحسم”.
وفي سوريا تلعب إسرائيل على وتر الفتنة الطائفية والمذهبية فتضرب هنا وتدعم هناك خصوصًا في الجنوب السوري حيث تقارير متقاطعة تتحدث عن تنسيق ميداني مع مجموعات محلية من بينها بعض القوى الدرزية في السويداء لتفتيت ما تبقى من الدولة السورية ووحدتها.
أما إيران فتُضرب في الداخل والخارج في رسالة واضحة: لا مكان لمحور مقاوم ولا صوت فوق صوت المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.
وهنا لا بد من التوقف عند الدور الأميركي الذي لم يعد مجرد دعم سياسي أو غطاء دبلوماسي لإسرائيل بل أصبح شريكًا مباشرًا في التخطيط والتنفيذ سواء عبر السلاح والفيتو في مجلس الأمن أو عبر الضغط على الدول العربية للالتحاق بـ”شرق أوسط جديد” يُرسم في تل أبيب ويُسوّق من واشنطن.
إن ما نشهده هو محاولة مكشوفة لإعادة تشكيل المنطقة عبر الدم والتجويع والتفتيت وصناعة الفتن وكل ذلك تحت عنوان “الأمن الإسرائيلي أولًا”.
من هنا فإننا في جمعية اللجان الأهلية في طرابلس ندعو:
كل القوى الحرة في لبنان والعالم العربي إلى الوعي بخطورة هذا المشروع ورفض الانخراط في أي محور يُستخدم فيه الشعب وقودًا لمعادلات خارجية.
وندعو الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ موقف وطني حاسم من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والكف عن الرهان على التوازنات الدولية العقيمة.
كما نُحمّل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عما يجري في غزة حيث تُرتكب مجازر جماعية تحت سمع وبصر العالم الذي بات أسير الرؤية الأميركية التي تساوي بين الضحية والجلاد.
نقولها بوضوح:
إسرائيل تريد شرقًا أوسطًا بلا مقاومة بلا كرامة وبلا قرار حر.
لكنها ستُفاجأ مجددًا بأن إرادة الشعوب لا تُكسر وأن جذوة المقاومة لن تنطفئ.
رحم الله الشهداء وعافى الجرحى وكتب لغزة وفلسطين وسوريا ولبنان نصرًا قريبًا بإذن الله.