حجم الإنتاج الزراعي في لبنان يتراجع والترشيشي لـ «تكه» العام 2025: عام النكبات الزراعية

كتبت ريتا شمعون
في بلد مثل لبنان كان يلقب يوما «بخزان الشرق» الى بلد يدق ناقوس الخطر حيث تبين أن عددا هائلاً من الآبار الارتوازية في منطقة البقاع قد جفّت بالكامل ولم تعد تعطي مياها.كما توقفت 70% من الآبار في هذه المحافظة عن العمل، بينما تشهد الآبار المتبقية انخفاضا ملحوظا في منسوبها في ظل غياب الكميات اللازمة.
ويبدو أن الخوض في هذا الموضوع بشكل أوسع قد يأخذنا الى الانهار التي تحولت حاليا الى مجار للصرف الصحي والصناعي فعلى سبيل المثال، نهر الليطاني يحتوي على أكثر من 8000 مصب للصرف الصحي والصناعي على الرغم من كونه نهرا مميزا بطبيعته إلا أنه تعرّض للتدمير، ومنع من ري الاراضي والمحاصيل الزراعية من حوله بفعل الاهمال وغياب الدولة. في النبطية، فإن بلدة الكفور في قضاء النبطية، تعاني في الايام القليلة الماضية، من تدفق مجاري الصرف الصحي من مدينة النبطية وبلدتي حبوش وكفررمان ما أدى الى تلف المزروعات وتيبس عدد كبير من أشجار الزيتون في المنطقة.
وقد أشارت بيانات مركز البحوث العلمية الزراعية الى ان نسبة المياه المتاحة للري تقلصت بأكثر من 60% هذا الموسم.
وتعد منطقة البقاع من أكثر المناطق تأثرا بشح المياه بسبب طبيعتها الزراعية واعتمادها الكبير على الري، فإن القطاع الزراعي فقد تضرر بشكل كبير وأيضا المزارعون، والانتاج الزراعي عموما.
ويؤكد في هذا السياق، رئيس تجمع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي في حديث لجريدة» الشرق» ان القطاع الزراعي في لبنان كان المتضرر الأكبر، هذه الفترة، إذ تسببت الحرارة المرتفعة مع نقص الموارد المائية بأضرار مباشرة على المحاصيل الزراعية في البقاع، حيث شهد لبنان موجة حرّ كانت هذه المرة قصيرة فهي عادة تكون أطول ويكون ضررها أكبر، لكن المؤذي في هذه الموجة أن درجات الحرارة كانت مرتفعة أكثر من أي مرة أخرى في البقاع، إذ لامست الحرارة 47 درجة مئوية مضيفا: الحرارة المرتفعة كانت تتطلب زيادة ساعات الري لتعويض معدلات التبخر المرتفعة، مشيرا الى ان هذه التقلبات المناخية شكلت تحديا كبيرا للمزارع اللبناني خصوصا بعد الشحّ الكبير في الأمطار وسط تدني الحرارة دون المعدلات خلال الشتاء.
وردا على سؤال حول تأثير التقلبات المناخية، يقول الترشيشي، أتت موجة الحرّ كي تزيد من خسائر القطاع الزراعي وتضرّ بالانتاج الزراعي، لافتا الى ان الاضرار تختلف بين منطقة وأخرى، موضحا أن كل المنتوجات التي كانت مغطاة من أشعة الشمس كانت اضرارها أقل كأي ثمرة تغطيها أوراقها مثل العنب والخيار والمقتي أما بقية المزروعات كالبندورة واللوبياء والملفوف والقرنبيط والخس تعرضت لاضرار كبيرة « إما كساد في الانتاج أو ارتفاع في الاسعار».
أما موسم التفاح لهذا العام يعتبر مقبولاً، والاسعار تبشر بالخير نظرا لتراجع الكميات المتوفرة محليا وعالميا، لافتا الترشيشي، الى ان بعض التجار استغلوا الاجازات الممنوحة لاستيراد التفاح الاجنبي وقاموا بادخاله بطرق غير قانونية خصوصا عبر الحدود السورية ومن دون دفع الرسوم الجمركية ، معولاً على موسم العنب رغم تحديات المناخ والتصدير التي تبدأ فترة حصاده بين شهري آب وتشرين الثاني بعد اكتمال نمو العنب وتحوله الى اللون المناسب، مؤكدا أن زراعة العنب في البقاع وصلت الى العالمية ولدينا أجود أنواع العنب.
ويوضح، أن كثرة المياه تخفف من حدة الحرارة، إلا أن قلّة الامطار هذا العام وجفاف الينابيع والانهار والآبار الارتوازية حالت دون تغطية الضرر الحاصل على الاشجار المثمرة والخضراوات على أنواعها، فلبنان الذي كان يعرف بأنه « خزان مياه الشرق» بفضل موارده الوفيرة من المياه تحول الى بلد يعاني من شح مائي كبير يهدد الجفاف بنقص المياه القطاعات الزراعية والصناعية والمنزلية، بالاضافة الى الافراط في استنزاف المياه الجوفية يسبب ذلك تدهور جودة المياه، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام. ويصف، العام 2025 بأقسى موسم زراعي،أو عام النكبات الزراعية، فمن ضجيج القذائف الى صمت الحقول، ومن أرض كانت تزهر الى أرض تتشقق من العطش، بالاضافة الى حصار متعدد الأوجه: مناخي، واقتصادي واجتماعي يهدد مصير القطاع الزراعي. في الماضي، يقول الترشيشي، كانت السماء تمنح الارض ماءها، أما اليوم فيرويها المزارع من عرقه بعدما تضاعفت تكلفة الري لتشكل نحو 30% من اجمالي النفقات، مؤكدا أن حجم الانتاج تراجع ، وكذلك، حجم التصدير لافتا الى ان هذا الواقع تسبب بخسائر كبيرة تكبدها المزارعون ولا من معين أو مساعد في الدولة موضحا، أنه لا يوجد إحصاءات رسمية حول حجم الخسائر. وتابع في السياق، أن وزارة الزراعة في لبنان غبر قادرة على تقديم الكثير للمزارعين، مشيرا الى ان الاضرار التي أصابت القطاع الزراعي هي أكبر من إمكانيات الوزارة،مؤكدا أن حصة وزارة الزراعة من مجمل الموازنة العامة للدولة ضعيفة جداً، متحدثا عن غياب الدعم الحكومي، فمن الأجدى أن تقوم بدورها وتساعد المزارعين من تسهيل الوصول الى الأسواق الخارجية، الى تذليل المعوقات أمام المزارع للحصول على القروض وعدم تركه فريسة لتقلبات السوق المحلي والخارجي، بالاضافة الى ضبط محاولات تهريب المنتجات الزراعية متمنيا أن تفي وزارة الزراعة بوعدها بوقف منح إجازات لاستيراد التفاح نهائيا من الخارج واتخاذ اجراءات جدية بهذا الشأن، وهو ما يعد خطوة إيجابية تحافظ على السوق المحلي للتفاح اللبناني.