إطلاق ” شبكة طرابلس للتنمية المحلية من غرفة طرابلسوندوة قيمة حول حقوق الإنسان بين القانون والمجتمع




محمد سيف
“حقوق الإنسان بين القانون والمجتمع: نحو عقد اجتماعي أكثر عدلاً”بهذا العنوان، نظّمت شبكة طرابلس للتنمية المحلية ندوة مميزة بالتعاون مع وكالة الأنباء الدولية لحقوق الإنسان المعتمدة لدى المجلس الدولي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة (إيكوسوك)، ولجنة الحريات والأمن المجتمعي*، وذلك في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس.
حملت الندوة عنوان: “حقوق الإنسان من منظور القانون الدولي والمنظور الاجتماعي وتأثيرها على العقد الاجتماعي”وشكّلت منصة حوار عميق حول قضايا الحقوق الأساسية، والواقع الاجتماعي، والحاجة إلى تجديد العقد الاجتماعي في لبنان والمنطقة.
حضر الندوة حشد من الشخصيات البارزة:
رجال دين، قضاة، نقباء مهن حرة، رؤساء بلديات، شخصيات اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى ممثلين عن هيئات المجتمع المدني وفعاليات طرابلسية وشمالية.
استُهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة ترحيبية ألقاها الإعلامي منذر المرعبي رحّب فيها بالحضور، مؤكدًا على أهمية النقاش الجاد حول حقوق الإنسان.
ثم كانت مداخلة لرئيسة شبكة طرابلس للتنمية المحلية الأستاذة دورين عكر عبود قالت فيها:”من رحاب غرفة التجارة والصناعة والزراعة في الشمال، هذه المؤسسة العريقة التي تفتح ذراعيها دوماً لكل مبادرة تحمل فكراً، وعطاءً، وتلاقياً… نرحّب اليوم بضيفنا الكريم الدكتور هيثم أبو سعيد والذي لطالما وقف إلى جانب قضايانا العربية العادلة وبأستاذنا الفاضل الدكتور نديم منصوري إننا اليوم لا نلتقي فقط في ندوة فكرية، بل نطلق من هنا مساراً جديداً، إيماناً بأن الإنسان هو محور كل تنمية حقيقية، وأن حقوق الإنسان ليست شعاراتٍ تُرفع، بل التزامٌ يُترجم في التعليم، والصحة، والعمل، والعدالة، والكرامة اليوم.
من هذا الإيمان، ولدت شبكة طرابلس للتنمية المحلية كجمعية أهلية تنموية، تسعى إلى بناء مجتمع أكثر عدلاً وتماسكاً ووعياً. جمعية ترتكز في رؤيتها على القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنها تتماهى مع الواقع الاجتماعي اللبناني بكل تحدياته وتعقيداته.
أما ندوة اليوم والتي تحمل عنوان:
“حقوق الإنسان بين القانون الدولي والواقع الاجتماعي وأثرها على العقد الاجتماعي”،
فهي ليست مجرّد نشاط، بل إعلان انطلاقة ، ومحطة تأسيس لجمعيتنا، التي نطمح من خلالها إلى بناء جسر حقيقي بين النصوص القانونية واحتياجات الناس، بين المبادئ الكبرى والتفاصيل اليومية، بين ما يجب أن
يكون وما يمكن تحقيقه.
وانطلاقًا من هذا الإيمان العميق، وضعت “شبكة طرابلس للتنمية المحلية” في صميم رسالتها وأهدافها:
- تمكين الشباب* من خلال برامج تدريبية ومبادرات تنموية تُفجّر طاقاتهم وتمنحهم فرصًا حقيقية للمشاركة في صنع القرار.
- تعزيز بيئة تعليمية عادلة ومنصفة*تضمن وصول الجميع إلى التعليم النوعي دون تمييز.
- دعم المرأة والفئات المهمّشة عبر مبادرات شاملة تضمن حقوقها وتعزز دورها في الحياة العامة.
- إجراء دراسات وإحصاءات تنموية واقعية تُلامس الواقع وتؤسس لخطط مبنية على معطيات دقيقة.
- بناء شراكات فاعلة مع الهيئات والمنظمات الدولية لنقل التجربة المحلية إلى العالمية، وتبادل أفضل الممارسات.
لأننا نؤمن بأن “العقد الاجتماعي الجديد” لا يُصاغ فقط في النصوص الدستورية، بل يُبنى فعلياً على أرض الواقع، عبر الشراكة، والحوار، والاحترام المتبادل.
إن هذه الندوة، وما سيليها من محطات، ليست سوى بداية لمسار نأمل أن يكون غنيّاً بالشراكات الصادقة، ومليئاً بالفرص لكل من يؤمن أن الإنسان، كل إنسان، يستحق الحياة الكريمة، والحرية، والعدالة.
تلتها كلمة الدكتور نديم منصوري – أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الذي قال:”يسعدني أن أكون معكم اليوم في هذه الندوة القيمة التي تطرح موضوعاً محورياً في مسار بناء المجتمعات، وهو العلاقة بين حقوق الإنسان والعقد الاجتماعي خصوصاً في ظل التحديات التي يشهدها لبنان والمنطقة.
تتناول مداخلتي عدة محاور:
أولاً: حقوق الإنسان كأداة لتحقيق العدالة الاجتماعية
وتشمل هذه الحقوق:- الحقوق الأساسية: الحق في الحياة، الكرامة الإنسانية، الحرية، والمساواة. - الحقوق المدنية والسياسية: حرية التعبير، حرية الصحافة والإعلام، حرية التجمع السلمي، المشاركة السياسية والقانونية.
- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: الحق في التعليم، العمل، الصحة، والسكن.
- الحقوق الثقافية والرقمية، إضافة إلى حقوق خاصةلبعض الفئات المهمشة.
كما لا يمكن تجاهل تأثير الثقافة والمجتمع المحليفي فهم وتطبيق هذه الحقوق.
ثانيًا: العقد الاجتماعي في لبنان من منظور تاريخي
مرّ لبنان بمراحل أساسية شكّلت هذا العقد:
- تأسيس لبنان الكبير عام 1920 على قاعدة التوافق الطائفي.
- الميثاق الوطني بعد الاستقلال، والذي كرّس صيغة العيش المشترك.
- الحرب الأهلية التي شكّلت انهياراً فعلياً للعقد الاجتماعي بسبب الصراعات الداخلية والخارجية.
- - اتفاق الطائف الذي أعاد صياغة هذا العقد، مع محاولة إدراج حقوق الإنسان في بنيته.
- المرحلة الحالية، حيث نعيش أزمات سياسية واقتصادية خانقة، وصراعات إقليمية تُلقي بثقلها على الواقع الاجتماعي والمدني.
ثالثًا: التحديات والفرص من هنا، أدعو إلى بناء عقد اجتماعي جديد يرتكز على المواطنة لا المحاصصة، وعلى الحقوق المتساوية لا الامتيازات الخاصة.
أخيراً، إن العلاقة بين حقوق الإنسان والعقد الاجتماعي ليست نظرية فقط، بل هي دعوة عملية لإصلاح الواقع.
كلمة الممثل الأعلى لشؤون الخارجية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان المعتمد من الأمم المتحدة بصفة خاصة ايكوسوك الدكتور هيثم أبو سعيد جاء فيها:” يركز القانون الدولي الاجتماعي على حماية الفرد والجماعة داخل المجتمع ليس فقط من خلال الحقوق المدنية والسياسية بل عبر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأهمها: الحق في العمل اللائق، الحق في الصحة والتعليم ، الحق في الضمان الاجتماعي والعيش الكريم ، المساواة وعدم التمييز ، هذه الحقوق لا تعتبر ترفاً با جزءاً من التزامات دولية على الحكومات ترعاها أجهزة الأمم المتحدة مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجانه، والعقد الاجتماعي هو الاتفاق الضمني بين الدولة والمجتمع والذي يمنح السلطة للدولة مقابل حماية الحقوق والحريات وفي حال أخفقت الدولة في ضمان الحقوق الأساسية يتصدع العقد الإجتماعي وتعد حقوق الإنسان هنا ركيزة عملية وتشمل الحقوق المدنية، السياسية الاجتماعية والاقتصادية”.
وتابع:” تبني الدول التزامات حقوقية اجتماعية تعزز شرعية العقد الاجتماعي داخلياً والإخفاق في الالتزام يؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن والدولة، الدول التي لا تؤمن بمبدأ الحقوق الاجتماعية ترى التزاماتها الدولية عبئاً وليس واجباً “.
وأضاف:” العقد الاجتماعي المعاصر لم يعد محلياً فقط بل يتأثر بمعايير الأمم المتحدة والمواثيق الدولية بالتالي أي مساس بحقوق الإنسان يفقد الدولة شرعيتها داخلياً وخارجياً وحين تهمل أو تختزل إلى شعارات ينهار العقد الاجتماعي حتى لو توفرت بعض الحريات السياسية أو الشعارات الثورية، وأخيراً تبقى المعايير الدولية بمثابة مرجع عالمي لتقييم قوة العقد الاجتماعي في أي دولة”.
وفي ختام اللقاء دار نقاش وتم توقيع بروتوكول تعاون بين شبكة طرابلس والمجلس الدولي لحقوق الإنسان وأقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.