صخرة الروشة بين الوطنية والتوظيف السياسي: رفض التصعيد الرمزياحمد عامر حدارة

عامر عثمان
تجسد قضية اقتراح وضع صورة حسن نصر الله على صخرة الروشة في بيروت نموذجًا صارخًا للصراع بين الرمزية الوطنية والولاءات السياسية الضيقة، إذ تتجاوز المسألة حدود الشخصيات لتلامس جوهر الهوية اللبنانية الجامعة، فصخرة الروشة ليست مجرد معلم طبيعي أو واجهة سياحية، بل هي رمز للبنان المفتوح والمتنوع، فضاء عام يتشارك فيه جميع المواطنين والزوار على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، ومن هنا فإن أي محاولة لربط هذا الرمز بشخصية سياسية معينة تمثل اختراقًا للبعد الوطني وإضعافًا للتوافق الاجتماعي. إن هذه الخطوة السياسية، لو تمّت، ستعكس فرضًا أحاديًا للهيمنة على الفضاء العام، وهو ما يهدد التوازنات الداخلية الدقيقة التي يحافظ عليها النظام اللبناني منذ عقود، ويعيد قضية السلاح خارج سلطة الدولة إلى الواجهة بطريقة رمزية تحمل رسائل استقطاب وتقسيم، كما أنها قد تشكل سابقة خطيرة تُستغل لتبرير أي توظيف سياسي آخر للمعالم العامة، وهو ما يضر بالمجتمع المدني ويضعف الثقة بالمؤسسات الوطنية. من الناحية القانونية والدستورية، تُعد صخرة الروشة ملكية عامة محمية بموجب قوانين البيئة والتراث، وأي تغيير في معالمها أو استغلالها لأغراض حزبية أو دعائية يعد مخالفة صريحة لمبادئ حماية الملكية العامة، ويشكل تهديدًا للحق الجماعي في استخدام الفضاء العام بحرية، كما أن للأبعاد الدبلوماسية والسياسية تأثيرات كبيرة، إذ يمكن أن يُفهم هذا الفعل إقليميًا على أنه موقف رسمي للبنان من محور سياسي محدد، ما يعقد علاقاته مع الدول العربية الشقيقة ويعرض دوره التوسّطي للخطر في لحظة حرجة يحتاج فيها إلى دعم أشقائه العرب على الصعيد الاقتصادي والسياسي. في النهاية، يشير رفض المجتمع المدني والهيئات الإعلامية لهذه المبادرة إلى وعي لبناني جماعي يدرك أن حماية الرموز الوطنية الجامعة ليست مجرد مسألة رمزية، بل هي ركيزة للحفاظ على الدولة والمجتمع من الانقسام والفئوية، وأن صخرة الروشة يجب أن تظل رمزًا لوحدة لبنان وتنوعه وحرية فضائه العام، بعيدًا عن أي محاولة لتسييسه أو تخصيصه لفئة أو شخصية، مما يجعل الدفاع عنها واجبًا وطنيًا يستحق الالتزام والمناصرة