خطاب ترمب بالكنيست الإسرائيلي أكثر صهيونية من نتنياهو

بقلم: سمير الحاج
لم يكن خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام الكنيست الإسرائيلي مجرد موقف سياسي عابر أو خطاب دبلوماسي تقليدي بل كان إعلان ولاء كامل للمشروع الصهيوني وتبنٍ صريح لأهداف إسرائيل التوسعية يفوق في حدّته وتطرفه حتى مواقف قادة اليمين الإسرائيلي أنفسهم.
ترمب الذي لطالما قدم نفسه كصاحب “صفقة القرن”، ظهر في خطابه كأنه أحد منظّري الصهيونية الحديثة لا كرئيس دولة يُفترض بها أن تلعب دور الوسيط أو الحَكَم في نزاع عمره أكثر من سبعة عقود. فقد تحدث بلغة المنتصر المطلق وكرّر الرواية الصهيونية للتاريخ متجاهلاً وجود شعب فلسطيني له أرض وتاريخ وحقوق وطنية لا يمكن محوها بخطاب أو صفقة.
الأخطر في الأمر أن ترمب لم يكتفِ بتبرير العدوان الإسرائيلي على غزة بل ذهب إلى حدّ تمجيد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وكأن قتل الأطفال وتجويع المدنيين هو دفاع مشروع. تجاهل تماماً المجازر والدمار وتحدث عن “إعادة بناء غزة” وكأنها مشروع استثماري أميركي–إسرائيلي لا قضية تحرر وكرامة لشعب محاصر منذ أكثر من 17 عاماً.
لقد أراد ترمب من خطابه أن يوجّه رسالة مزدوجة: الأولى للداخل الإسرائيلي بأنه لا يزال الحليف الأوثق والثانية للناخب الأميركي بأن اللوبي الصهيوني لا يزال في جيبه السياسي والمالي. لكنه في الوقت نفسه كشف حقيقة أن السياسة الأميركية مهما تبدّلت الوجوه تبقى رهينة المصالح الإسرائيلية والابتزاز الانتخابي.
إن ما قاله ترمب في الكنيست لا يعبّر فقط عن شخصه بل عن واقع مرير تعيشه الأمة العربية حيث يُسمح لقادة العالم أن يزايدوا في صهيونيتهم على حساب الدم الفلسطيني والعربي. ومع ذلك، تبقى الحقيقة الثابتة أن قوة الاحتلال مهما تعاظمت ستنهار أمام صمود المقاومة ووحدة الشعوب الحرة.
فكل خطاب تحريضي كهذا يزيد من إيماننا بأن فلسطين ليست قضية سياسية بل قضية وجود وكرامة وأن من يظن أن الزمن قادر على طمسها سيكتشف عاجلاً أم آجلاً أن التاريخ لا يُكتب بخطب الزعماء بل بتضحيات المقاومين.