لبنان في معادلة النفوذ الإقليمي: بين الضغوط الإسرائيلية والتحركات العربية – الأميركية
مصباح العلي
تشير المعطيات الحالية إلى أن لبنان أصبح مركز صراع دبلوماسي واستراتيجي، حيث تتقاطع مصالح عدة أطراف دولية وإقليمية. من جهة، هناك إسرائيل التي تسعى لتعزيز نفوذها الأمني والسياسي، ومن جهة أخرى، الولايات المتحدة والدول العربية التي تحاول احتواء أي انزلاق نحو مواجهة مسلحة. هذا التوازن الهش يجعل أي خطوة خاطئة أو تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى تداعيات إقليمية كبيرة، فيما يبقى لبنان في صلب الاهتمام كأرض اختبار للسياسات الإقليمية وتوازن القوى.
تفيد المعلومات الاستخباراتية والسياسية بأن الاتصالات العربية مع الإدارة الأميركية تتركز على كبح جماح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومنعه من توسيع رقعة المواجهة عبر ضرب لبنان عسكرياً، في ظل إدراك أن أي مواجهة جديدة على الجبهة اللبنانية قد تؤدي إلى أضرار يصعب احتواؤها.
في هذا السياق، يمثل تعيين سيمون كرم خطوة استراتيجية، جاءت نتيجة نصيحة عربية، بهدف تعزيز قدرة لبنان على حماية مؤسساته الوطنية وقطع الطريق أمام أي محاولات لاستهداف الدولة. الدور العربي هنا يمتد إلى تحصين لبنان سياسياً ودبلوماسياً، ما يعكس اهتماماً واضحاً بمنع الانزلاق إلى فوضى أمنية أو سياسية.
على مستوى أوسع، تلعب السعودية دوراً محورياً في تفكيك النفوذ الإيراني الإقليمي تدريجياً، خصوصاً في العراق ولبنان وسوريا، سعياً لإعادة رسم التوازنات بما يحمي المصالح العربية ويحد من قدرة إيران على التأثير في القرار الإقليمي.
في المقابل، تتقاطع رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع سياسة نتنياهو في المنطقة، من حيث الضغط على حركتي حماس وحزب الله كشرط أساسي لإقرار ما يُسمى بالسلام الإقليمي، وهو سلام قائم على معادلة أمنية صارمة أكثر من كونه تسوية سياسية شاملة.
أما النقطة الأكثر حساسية فتتمثل في المفاوضات الإيرانية – الأميركية حول الصواريخ الدقيقة (الذكية)، التي تشكل جوهر القلق الإسرائيلي وأداة الضغط الرئيسة على طاولة التفاوض. نجاح أو فشل هذه المفاوضات سيحدد قدرة لبنان على الصمود أمام أي تهديد، وكذلك شكل المرحلة المقبلة في المنطقة برمتها.
