شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مَن يبادر؟
احترنا مَن نصدّق، الثنائي الشيعي الذي تجزم أوساطه أن الوزير سليمان فرنجية وضع رِجلاً في القصر الجمهوري ولم يبقَ طويلُ وقتٍ قبل أن يضع الرِجلَ الثانية ليتربع على كرسي رئاسة الجمهورية، أو نصدّق خصوم الثنائي الذين يجزمون أن وصول رئيس تيار المردة الى السدّة الرئاسية بات شبه مستحيل.
اللافت في القولين أن أصحابهما يستندان الى نقطة انطلاق واحدة وهي الحدث المفصلي البارز الذي تَمثّلَ ببداية عودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برعاية الصين. فأين الحقيقة؟
لا شكّ في أنّ الطرفين يقرّان ويعترفان بأن أيّاً منهما لا يستطيع (أو على الأقلّ لم يستطع حتى الان) أن يؤمّن الحد الأدنى المطلوب إلزامياً للمرور الى الرئاسة، فتجميع 65 صوتاً (الأكثرية المطلقة) لا تزال دونه عقبات وجهد كبير، ناهيك بنصاب الثلثَين أي الـ86 نائباً الذين لا بد من حضورهم لتحقيق دستورية الجلسة الانتخابية.
مع الملاحظة أن الثنائي الشيعي يتقدم على معارضي انتخاب فرنجية بأن حزب الله وحركة أمل حزما أمرهما على مرشح واضح معلَن، ببنما في الجهة المقابلة لم تجتمع الكلمة بعد على مرشح بعدما تعثّر جمع الشمل حول رئيس حركة الاستقلال النائب الشاب ميشال معوّض الذي انطلق بقوة لافتة، إلّا ان النواب الجدد لم يوحدوا الكلمة عليه ولا يبدو أنهم سيفعلون، أضف الى ذلك ارفضاض وليد جنبلاط عنه بموقف سلبي منه ومن فرنجية أيضاً واصفاً إياه بمرشح التحدّي، عارضاً أسماء ثلاثة مرشحين لم يلبث أن نفض يده منهم كذلك.
طبعا هذا المشهد لا يوحي بأن البلد مقبل على انتخاب رئيس في المستقبل المنظور.
ولكن، في المقابل، ليس لبنان في جزيرة معزولة عمّا يُجْرَى في الإقليم والمنطقة، وهو بالغ الأهمية حيث يصعب التمييز بين الخيطين الأسود والأبيض، وتتقاطع حروب الطاقة والدولار ونفوذ الكبار مع حرب البلقان، وتتسابق مشاريع تغيير الأنظمة بمشاريع تغيير الجغرافيا والخرائط.
واذا كانت القدرة على الانتظار الطويل متوافرة بشكل أو بآخر لدى الغير فإنها معدومة في لبنان الذي لم يبقَ له ذرة واحدة من مقوّمات الصمود.
أمام هذا الواقع هل ثمّة، في لبنان، من يتعظ فيتخلّى عن العنجهية الفارغة، ويبادر الى كلمة سواء؟ واذا فعل فهل من يلاقيه في الطرف المقابل، أو أن العقول في إجازة مستدامَة؟!.