شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – صدّق … يجب أن تصدق
منذ نحو سنتين لم يتفقّد حساباته المتواضعة في المصرف. أمس أبكر بالتوجه الى حيث أودع بعضاً من جنى العمر فاتحاً بضعة حسابات: أحدها حساب جارٍ كان قد أودع فيه خمسة وعشرين ألف دولار اميركي. والثاني حساب مشترك (و / أو) بينه وبين زوجته على قاعدة المثَل السائر «القرش الأبيض لليوم الأسود»، وقد أودع فيه خمسة وستين ألف دولار. والحساب الثالث صغير جداً (ألف يورو). والرابع والخامس والسادس والسابع حسابات بالدولار الأميركي عائدة للأحفاد تراوح القيمة فيها بين ثلاثة آلاف وسبعة آلاف دولار أميركي، توقف عن مدها بالزيادة منذ انفجار الأزمة المالية الأخيرة. كثيراً ما كان يقصد المصرف حيث يلتقي أصدقاءه، من كبار المديرين، لكنه لم يخطر له أن يراجع تلك الحسابات أو أن يتفحصها…
أمس بالذات أراد أن يلقي نظرة سريعة على تلك الحسابات ليتبين له أن قيمة كلٍّ منها قد تراجعت بشكل لافت، فاستفسر الموظفَ المسؤول ثم مديرَ المصرف اللذَين أبلغا إليه أن الإدارة تحسم من كل حساب لديه (كما سائر المودعين) رسماً شهرياً مقداره عشرون دولاراً… فلم بجد نفسه إلّا وهو ينفعل في وجه المدير، سائلاً: فقط، لا غير؟!. فقط عشرون دولاراً أميركياً كل شهر؟!. مضيفاً: يا بلاش! «حرام تظلموا حالكن كتير، لازم تحسموا أكتر من هيك يا أولاد الأوادم».
إنهم، بالفعل، غارقون في الآدمية، وإلّا كيف يكتفون بأن يفرضوا عليه جزيةً مقدارها 240 $ سنوياً عن كل واحد من الحسابات السبعة لتصل، في مجموعها، الى ألف وثمان ماية دولار؟!.
هل ثمة ذو عقل ومنطق يقبل هذا التصرف الذي يصف ذاته بذاته، وأقل ما يقال فيه إنه ظلم موصوف، أمّا القيّمون عليه فنعفّ عن ذكر التوصيف الذي ينطبق عليهم بجدارة واستحقاق…
ولعل الأمر كان يمكن تفهّمه لو أن هذا المودع يقدر أن يسحب من حسابه ما يوازي ما يسلبونه منه بتدبير نجزم بأنه غير قانوني، فهل ثمة بند ينص عليه في العقد المبرم بين الجانبين؟ ولماذا لم يطلعونه سلفاً على هذا التدبير الهميوني؟
والأنكى ان اصدقاءه الاعزاء في المصرف اخبروه ان امواله التي أودعها قبل الأزمة ليست مصنّفة «فريش»… لماذا؟ ألم يودعها مالاً حلالاً زلالاً، في حينه؟