شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – المُخاض الأليم
اغتنمتُ لقاءنا، عن بُعد، الأسبوعي لأسأل الديبلوماسي الأوروبي الغربي، المعروف بأنه عاشق لبنان، حول ما إذا كانت قد توافرت له معلومات جدّية عن مسار ونتائج زيارتَي غبطة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى كلِّ من روما وباريس … فأجابني بعد برهة صمت قائلاً: «أنتم، في لبنان يطيب لكم ترداد عبارة «التاريخ يعيد ذاته»، وأود أن أدّعي أن هذه النظرية ساقطة، وهي أكثر ما تكون سقوطاً في بلدكم». ولم يُضف.
قلت: أتريدُني أن أذهب في تفسير كلامك الى أن النتائج كانت سلبية؟
أجاب: على الأقل لم تكن واعدة.
فقلت: هلّا تذهب الى الشرح والتفسير؟
أجاب قائلاً: كان يجب أن تدركوا أن «الأم الحنون» تركت حنانها خلف باب مصالحها منذ ما بعد الجنرال شارل ديغول، والى حدٍّ ما منذ ما بعد جورج بومبيدو، وبالتأكيد منذ بداية مرحلة جاك شيراك. (ثمة تفاصيل، هنا، لن أدخل فيها).
وأضاف: كي أبتعد عن الغموض في تقديري أن السيد البطريرك الراعي لقي من أمين السر (مَن يوازي رئيس الوزراء) في الفاتيكان حدّاً من الدعم لمَهمته أكثر ممّا لقيه في قصر الإليزيه، بالطبع باستثناء المظاهر الاحتفالية عند صاحبنا إيمانويل ماكرون، ولديّ من المعلومات ما يجعلني في شبه اقتناع بأنه لم يقطع أي عهد لغبطته باستثناء ترداد «اللازمة» الشهيرة من كلمات الدعم التي هي بمثابة شيكات على بياض، ولكنها في الحقيقة من دون أي رصيد.
قلت: كلامك هذا لا يفاجئني ولكنه يقلقني. قال: سأطرح عليك سؤالاً افترض أن ماكرون طرحه على المرجعية اللبنانية غير الزمنية، وهو: هل الذين رشحوا، أو دعموا ترشح السيد جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، هم على الجدّية ذاتها كتلك التي لدى الثنائي الشيعي الذي رشّح السيد سليمان فرنجية؟
قلت: قبل أن أجيبك أود أن أسألك بدوري: هل أنت «تفترض»، كما قلتَ، أن سيّد قصر الاليزيه طرح السؤال على سيّد بكركي، أو أن معلوماتك تؤكد أنه طرحه فعلاً؟
تخابثَ مجيباً: الافتراض يحفظ خطّ الرجعة.
فتخابثتُ بدوري قائلاً: وعدم الجواب أكثر راحةً (…).
وفي متن حوارنا بدا الديبلوماسي الصديق في غاية القلق على لبنان. وإنني أختصر زبدة كلامه بالآتي: لبنان والمنطقة مقبلان على تحولات على قدر كبير من الأهمية، ما يشبه الولادة بمخاض أليم جداً، لاسيما أن هناك مَن يبلغ به «قُصر النظر» حدَّ الاعتقاد بأن ثمة تحالفاتٍ وتفاهماتٍ متتاليةً يمكن أن تبلغ مداها من دون الأميركي أو رغماً عنه… وهذا عاقبته وخيمة جداً… وعلى اللبنانيين ان يصوموا ويصلّوا كي لا تأتي الولادة عندهم قيصرية(…).